الأولى يوم ولدنا ونمنح اسما &نكنى به ،والثانية يوم نموت ويتم سحبه ونصبح مجرد جثمان، وهما حقيقتين مؤكدتين موثقتين شروق وغروب بداية ونهاية حياه وموت ولامجال فى أى تشكيك في أى منهما &على الاطلاق ، والحقيقة الاولى تبدأ بصراخنا لنسجل حضورنا ويبدأ العد التنازلى ، والثانية تنتهى بالصراخ علينا لنوقف العد عند الرقم صفر ونوارى التراب ، والمسافة بينهما هى أعمارنا هو المشوار المضنى اللاهث بحثا عن أو فى انتظار شيء لانجده أو لايجئ ، ونظل فى الانتظاروالبحث &وان جاء أو عثرنا عليه فهناك الذى يليه ونظل طول العمر فى البحث والانتظار وهكذا دواليك ،ولم يمت انسان الا وكان باحث عن أو فى انتظار شئ ما .
& & & & & & &وبعدد مليارات البشر السابقين والآنيين واللاحقين هناك شريط مسجل عليه دور كل واحد ،وهو مختلف تمام الاختلاف عن دور غيره تباديل وتوافيق أفراح وأتراح مرض وصحة امل واحباط فشل ونجاح ، والانسان لايتعظ من النسخة اليومية لحياته تشرق شمس وتغرب شمس وينام الناس مكدودين مرهقين بؤساء أو سعداء ، لكن يجب أن يناموا مجبرين فقد حان وقت الرقاد أو الموت الصغيرونصحوا لنكرر نفس الاشياء أو بالأحرى نفس الأخطاء،
& & & & & & وفى رحلة الحياه يتساقط الأحبة فى الطريق ، وتبدأ رحلة الحزن المقررة على الجميع وبدأت عندى مبكرا، فعندما رحلت أمى وأنا لم أتم العقد الأول ذقت طعم الموت لأول مرة ، فراق مر وفقد مؤلم ووحدة لعينه &رغم أننى كنت أعرفه قبلا لكن عن بعد.
& & & & &وكلنا بلا استثناء لدينا أمل كاذب فى أن يستثنينا &الزمن من أحكامه التى لانقض فيها ولا ابرام ، ولكن هيهات فما دمت قد ولدت بزرع بشرفى يوم الحقيقة الأول &فالنهاية محتومة ، سيجئ يوم الحقيقة الثاني ولانفع لكل تلك المعارك &مع الزمن فكلها خاسرة حصيلتها قبض الريح ،فلا شد الجلود ولا شفط الدهون سيعيد الشيخ الى صباه ولن يؤخر ثانية من اقتراب يوم الحقيقة الثانى .
وبين الحقيقتين سنين من العمر أكلها الجراد &ضاعت فى الغضب ضاعت فى الحزن ضاعت فى صراعات فاشلة ضاعت فى الاحباط ضاعت فى الكبرياء الزائفة ضاعت فى صراعات الهيمنة والتسلط & & & & والعاقل من يكف نفسه شر الدخول فى معارك خاسرة محسوم نتائجها مقدما ، لكنها الرغبة المحمومة فى الاسراع الى الوصول الى خط النهاية قبل الباقين &، وبين الحقيقتين الازليتين الابديتين لاتوجد حقائق مطلقة ، كلها نسبية أو مختلف عليها أو نالت منها المستجدات ، بدءا من دارون وانشتاين ونيوتن وانهارت الشيوعية وتترنح الرأسمالية وكل يوم تولد نظريات وماتلبث أن تترنح غائبة أو منسية أو مشكوك فيها ، حتى العقائد تتعرض لهزات ضارية وحتى دوران الأرض وكرويتها لم يسلم من تشكيك .
& & & & & &لكن تظل الحقيقتان صامدتان ساطعتان ولأننا لانتذكر لحظة الحقيقة الأولى فنحن نتعامى عن الثانية ، يأخذنا كبرياءنا ونشمخ ونتجبر ونعتقد أننا مخلدون ، وفجأه يضربنا كائن جبار لايرى الا تحت المجهر ويطرحنا أرضا لانستطيع حتى أن نهف زبابة من على وجوهنا ، ونقاوم بشراسة ليس حبا فى الحياه ولكن خوفا من المجهول المغلق على عقولنا وهو الحقيقة الثانية، &ورغم ماقيل ويقال وسيقال فيها وعنها ستظل محجوبة مبهمة مخفية الحديث عنها تعافه الانفس ويقبض القلوب .
& & & & & وبين الحقيقتين هى مساحة دورك فى الحياه &صغيرا كنت أم كبيرا، فى هدوء أو فى صخب كل يؤدى دوره ويرحل &ويليه غيره ، وتظل العبرة ماذا فعلت وكيف أديت دورك وكل منا سيجيبه ضميره لو سأله بصدق.
& & & & وبين الحقيقتين يجرى الصراع المرير داخل الثالوث البشرى ،جسد بشهواته ونزواته وغرائزه ،وروح تنشد السمو والنقاء والعفاف ، ونفس حائرة فى التوفيق بين النزعتين ، وان كانت أحيانا أمارة بالسوء، &وتظل جولات المعارك حتى النفس الأخير ، وهم المفلحون من استطاعوا أن يجعلوا الجهاد من أجل القيم والمبادئ والمقاصد السامية هو سبيلهم فى الحياه .