منذ سنوات طويلة والمثقفون والادباء يطالبون بتأسيس مجلس اعلى للثقافة والفنون في العراق، لا تمر مناسبة الا وتم التطرق الى الامر وتطايرت من خلاله الكثير من الاسئلة مع اجوبتها التي يحرص المثقفون على ان تكون مفعمة بالاقناع من اجل المصلحة العامة للثقافة في العراق ومن اجل التطور والتقدم واحاطة الادباء العراقيين بكل اشكال الدعم ليكونوا علامات مهمة في الثقافة العالمية ،وأزاء اية فكرة عن هذا المجلس يتم التأكيد على انه (مشروع مؤسسي متقدم) وانه (شكل اداري تنظيمي ومالي وقانوني لادارة وتوجيه الجهد الثقافي) مع تأكيد ضرورة انه (يسهم في تحسين الأحوال الاقتصادية والاجتماعية للأدباء والكتاب العراقيين) ، والطريف ان الاصوات تتعالى من اجل هذا المجلس مع أي تشكيل لحكومة جديدة ،ويتصاعد مع المهرجانات الشعرية وتكون وجهات النظر بين الغاء وزارة الثقافة او تأسيس المجلس لتحتفظ وزارة الثقافة بالامور البروتوكولية ، ولكن هذا لا يثير عن الحكومة شيئا او مثلما يقول البعض (انها ماضية في عدم سماع صوت المثقفين) .
من هنا لا بد من مناقشة الموضوع مع من يهمه الامر من الادباء الذين يجدون في المجلس خطوة نحو تحقيق طموحات الادباء العراقيين والفنانين ايضا .

المجلس.. ضرورة
فقد اكد الامين العام لاتحاد الادباء والكتاب في العراق الشاعر ابراهيم الخياط ، على ضرورة تأسيس مجلس من المثقفين حصرا ،وقال : بعد الأداء السيء لوزارة الثقافة وعدم تلبيتها مطالب المشهد الثقافي العراقي وبعد أن صار وزير الثقافة وزيرا لموظفي وزارة الثقافة، شعر المثقفون بمسيس الحاجة الى مجلس أعلى للثقافة.
واضاف: هذا الطلب لم يأتِ تشبهها ببلدان أسست مجالس مماثلة مثل الكويت ومصر بل أتى لوجود مجالس مماثلة في العراق وان هي لاختصاصات أخرى.
وتابع : ففي حقل الرياضة نرى وجود اللجنة الأولمبية التي تتكوّن من الرياضيين حصرا وتهتم بالدوري العراقي لشتى الألعاب وتنظم الدورات التأهيلية للاعبين والحكام، وتضبط مشاركات العراق في البطولات العربية والإقليمية والعالمية وتختار المتميزين وتوزع الجوائز عليهم، مع وجود وزارة الرياضة والشباب التي تقدّم الدعم المالي واللوجستي وتتابع الملاعب وتقوم باصلاح بعضها وبناء أخرى حسب الحاجة.
وأوضح : في شأن آخر، نرى وجود مجلس القضاء الأعلى الذي يتكوّن من القضاة حصرا ويربط المحاكم والحكام به وهو المسؤول عن المعهد القضائي الذي يخرّج القضاة الجدد، وتطوّر مهارات القضاة بدورات وايفادات، وتتابع الأحكام وتشرف على الاستئناف والتمييز حتى، ويكون عمل وزارة العدل هو تقديم الدعم المالي واللوجستي ومتابعة بنايات المحاكم والسجون وإصلاح بعضها وبناء أخرى حسب الحاجة.
واضاف ايضا: من هاتين التجربتين فلنتعلم، ولنؤسس مجلسا أعلى للثقافة يتكوّن من المثقفين حصرا، ويهتم بالمشهد الثقافي العراقي لشتى الأجناس والحقول الابداعية، ويتابع تفرغ المبدعين، ويتابع مشاركات العراق في المسابقات العربية والإقليمية والعالمية، ويطلق الجائزتين المهمتين التقديرية والتشجيعية، مع وجود وزارة الثقافة التي عليها أن تقدّم الدعم المالي واللوجستي وتتابع الأطر والمنشآت الثقافية وتقوم باصلاح بعضها وبناء أخرى وكم نحن بحاجة الى بناء دور السينما والأوبرا والگاليريهات وقاعات خاصة للقراءات الشعرية وللمهرجانات.

الغربة داخل وزارة الثقافة !!
من جهته اعرب الشاعر منذر عبد الحر ، ان المثقف العراقي يشعر بالغربة دخل وزارة الثقافة ،وقال : الدعوة للبديل سببها عجز وزارة الثقافة في أن تكون مؤسسة يستظلّ بها المثقفون , وذلك لأن تنصيب إدارتها لا يأتي لاعتبارات ثقافية , بل لتحقيق اتفاقات سياسية بين الأحزاب والكتل الحاكمة , مما أدى إلى إحساس المثقف العراقي بغربة حقيقية داخل الوزارة التي يا ما تطلّع لأن تكون معنيّة به وبقضاياه وهمومه .
واضاف: لذلك التجأ المثقفون لبدائل وناشدوا الحكومات لتحقيق مبتغاهم وهدفهم في أن تتناسب إدارات الوزارة مع قيمة المثقف والثقافة العراقية الأصيلة الرصينة في كل مجالات اشتغالاتها.

التخلص من هيمنة وزارة الثقافة
اما الشاعر رياض الغريب فقال : لللاسف الشديد تحولت وزارة الثقافة بعد العام 2003 من وزارة منتجة للثقافة الى وزارة خدمية معنية بشؤون موظفيها وهي ترعى الدوائر التابعة لها فقط وترعى مهرجان هنا او هناك رعاية خجولة واصبحت في الاهمية في تشكيل الحكومات العراقية في الادنى وتحول وزيرها الى وزير يقدم الخدمات لموظفيه فقط وهذه نقطة الخلاف والاختلاف مع المثقفين العراقيين الذين دعوا الى انشاء مجلس اعلى للثقافة والفنون تقع على عاتقه رعاية الثقافة بشكلها الذي تعارفت عليه الاوساط الثقافية في العالم ويكون هذا المجلس متكونا من منتجي الثقافة في البلاد ولايخضع للتجاذبات السياسية او المصالح الحزبية الضيقة وايضا يتحمل مسؤولية اقامة وايجاد مؤسسات حقيقية معنية بالنتاج الثقافي والفني وبدون ذلك نعتقد ستبقى الثقافة في اخر السلم ولايمكن ان نكون كون الثقافة هي تمثل اللحظة والمستقبل كصناعة قادرة على ايجاد الحلول الحقيقية لمعظم مشاكلنا على المستوى الفكري والاجتماعي .
واضاف : اعتقد الحل هو بانشاء هذا المجلس والتخلص من هيمنة وزارة الثقافة على المشهد الثقافي العراقي هذه الوزارة التي لم تستطع طيلة السنوات الماضية ان ترمم مسرحا واحدا او تضع خططا شاملة لبناء مؤسسات حقيقية منتجة للثقافة.

الابتعاد عن النفوذ الحزبي
الى ذلك اختصر الشاعر زاهر موسى الاسباب وراء المطالبة بتأسيس مجلس اعلى للثقافة، وقال : المشكلة تكمن في وزارة الثقافة فهي تحمل في بيروقراطيتها روحا بعيدة عن الديمقراطية ونمطا كلاسيكيا في التعامل الحكومي مع الثقافة والمجلس الاعلى للثقافة ان كان هيئة مستقلة مثل مفوضية الانتخابات وحقوق الانسان والمساءلة سيكون اقرب للاستقلالية وابعد عن النفوذ الحزبي.

مجرد وزارة عاطلة تماما
وللشاعر والصحفي قاسم وداي الربيعي رأي في ذلك ، وقال : من المؤلم جدا أن تقف وزارة الثقافة موقف المتفرج على الأنشطة الثقافية والفنية ولم تقدم الدعم لها وهي في نظر المثقفين والأدباء على وجه الخصوص هي مجرد وزارة عاطلة تماما , مما دفع العديد من التجمعات الثقافية أقامة الأنشطة على دعمهم الذاتي , وهذا ما هو حاصل بالنسبة للفنانين أيضا , فكثير من المعارض للفن التشكيلي تقام دون أن تتدخل وزارة الثقافة بالدعم وهذا يشمل المسرح أيضا فكثير من المسرحيات تعرض على مسارح مؤجرة .
واضاف: لهذه الأسباب وغيرها دعا بعض الأدباء لتشكيل إتحاد مرادف للإتحاد الحكومي كي يقوم بمساعدة الأدباء لكن هذا المشروع وجد معارضة من قبل الدولة , كما رغب الأدباء بتأسيس مجلس أعلى للثقافة والفنون كي يحل محل وزارة الثقافة العاطلة كما أسلفت لكن سيواجه بالرفض أيضا .
وتابع: وهكذا تبقى رغبة الأديب العراقي والفنان العراقي لمؤسسة تدعم نشاطه وتشرف على ثقافة متزنة لا يشوبها التخبط جراء كثرة المؤسسات التي تدعي بأنها راعية للمثقف العراقي هي الحلم الذي يصبو إليه الجميع .
وختم بالقول : ما أتمناه أن تعيد وزارة الثقافة دورها الريادي في دعم الحركة الثقافية والفنية في العراق كما هي في الدول المجاورة وغير المجاورة , علما أن الثقافة العراقية اليوم لها دورها الإقليمي والعربي في رفد الشارع الثقافي بعشرات المبدعين في مختلف الفنون والآداب.