فيلم وثائقي يستعيد الظروف التي أحاطت بإجراءات نشر رواية الكاتب البيروفي، وأساليب تعامل الرقابة الفرنكوية معه، حيث أقرّ الحاصل على نوبل للآداب، الإسبوع الماضي قائلاً "وافقت على إجراء تعديلات على سبع جملٍ في الرواية".
&حضر ماريو فارغاس يوسا ومعه الناشر كارلوس بارّال، في فبراير/شباط عام 1963، مأدبة غداء في مدريد مع كارلوس روبليز بيكر، الذي كان حينذاك المسؤول على الرقابة في زمن فرنكو، بحثاً عن وسيلة لتمرير طبع رواية "المدينة والكلاب" والتي نالت حينها وبالإجماع جائزة "بيبليوتيكا بريفة"، من الرقابة. ومن المعروف أن صهر وزير الإعلام والسياحة فراغا إيريبارني كان يحتمي بأستاذ من برشلونة، الذي لم يكن قد قرأ الرواية، ولم يفقه شيئاً من الحوار الدائر فيها، الأمر الذي دعا روبليس بيكير لأن يصرخ في وجهه وينهره.
ويوم الخميس الفائت أثارت تعليقات فارغاس يوسا ضحك الجمهور الذي حضر إلى صالة "ثينيتيكا" في مدريد، لمشاهدة عرض الفيلم الوثائقي "ماريو والكلاب"، والذي وصفه المخرج جيما دي لا بينيا بأنه عبارة عن "بداية لرحلة تبدأ من طفولة الكاتب حتى بدايات شهرته، بسبب من الشهرة العالمية التي نالتها باكورة رواياته "المدينة والكلاب". ومن بين أبرز من حضر عرض الفيلم &صديقته إيزابيل بريسلير، زوجة المطرب الإسباني خوليو إيغليسياس السابقة.
عقب إنتهاء عرض الفيلم الوثائقي الذي إستغرق أكثر من ساعة، والذي سلط الضوء على كل ما يتعلق بحياة ذلك الشاب البيروفي، من الناحية الشخصية والأدبية، وسعيه في كتابة ونشر أحوال الطلاب الطموحين في الكلية العسكرية "ليونسيو برادو" في ليما، عقب إنتهاء عرض الفيلم أعلن الكاتب قائلاً "كنت قد وافقت على إجراء تعديلات على سبع جملٍ في الرواية". وروى فارغاس يوسا أيضاً ، خلال مأدبة الغذاء تلك، كيف عنفوه وأخبروه ،وجهاً لوجه، عن وجود شخصية في الرواية تتمثل في "كولونيل قصير وسمين ويقال أنه كان يملك كرشاً شبيهاً ببطن حوت. أنه مدير المركز. أنت تتهكم بالمؤسسة". علّق الكاتب مجيباً "وإذا كتبنا بطن فقمة؟". حينها ضجّ المكان بالضحك. وبعد مرور سنواتٍ على الإنتشار الواسع للرواية، تشاء الصدف أن يلتقيا كل من فارغاس يوسا وروبليس بيكير خلال مناسبة لها علاقة بالرواية ذاتها. ومن دون الشعور بأدنى إحراج أو ذنب، وبعد المصافحة بينهما، يهتف صهر فراغا: "لا تنسى أنني صاحب الفضل في نشر المدينة والكلاب".
وكانت الرواية نالت شهرة واسعة أيضاً في بيرو، ووفقاً لإحدى الروايات المتداولة بين الناس، فقد تمّ إحراق نسخٍ منها في الكلية العسكرية كتعبير عن الإستنكار.&
وإذا لم تكن واضحة استراتيجية الناشر مانويل إسكورزا في بيع المزيد من نسخ الرواية، إلاّ أن رقم المبيعات كان قد بلغ حداً كبيراً. وقد يبدو أكيداً ما ورد في "المدينة والكلاب" من تنديد للعنف المتطرف والطاعة التي كانوا خضعوا لها أؤلئك المراهقين.
ويمر الفيلم الوثائقي بخوليو كورتازار، وخورخي إدواردز، وكارلوس بارّال، وروزا ريغاس. ويتذكر الكاتب كيف أن البعض من دور النشر أعربت عن رفضها إصدار الرواية ، من بينها (الرويدو ايبيريكو، ولوسادا). ويشير الفيلم أيضاً إلى الأعمال التي مارسها فارغاس يوسا مباشرة بعد زواجه لأول مرة، عندما كان يبلغ من العمر 19 عاماً، مع جدته خوليا أوردوكي، ومن بينها ما يتعلق بالموتى في المقابر، وبحثه الجامعي عن روبين داريّو، وماضيه كعضو في الحزب الشيوعي، وأول عمل له كصحفي (كان عمره حينها 16 عاماً) في جريدة "لا كرونيكا"، وإكتشافه الشعور بالإنتماء إلى أمريكا الجنوبية في باريس.
كل هذه الأحداث كانت قد مرت على مدى نصف قرن، واليوم يرى الكاتب "أن الأشكال أكثر شعبية من الأفكار التي تحملها طيّات الكتب. شكل الثقافة اليوم يلعب دوراً مهيمناً، وأن هناك الكثير من الكتب التي تنشر، لكنها قليلة الأهمية، الأمر الذي سيترك أثره على الشباب. وعندما يكرّس الكُتّاب أعمالهم للشاشة، يميل المستوى إلى الهبوط".&
وجدير ذكره أن فارغاس يوسا بصدد إطلاق روايته الجديدة وهي بعنوان &"الأزمنة الصعبة" والتي ستصدر عن دار النشر (الفاغورا)، في 8أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، ويروي فيها الكاتب حيثيات الإنقلاب العسكري، المدعوم من قبل وكالة الإستخبارات المركزية الأمريكية، والذي وقع في غواتيمالا عام 1954.&

الصورة:&فارغاس يوسا إلى جانب صديقته، إيزابيل بريسيلر، ومعهما جيما دي لا بينيا، مخرج الفيلم الوثائقي "ماريو والكلاب"
& &