نهاد إسماعيل من لندن: فظاظة الرئيس ترمب تحرج الحلفاء وتثبت انه لا يفهم كيف تشتغل اسواق النفط، فأوبك لا تقدر ان ترفع او تخفض الأسعار بل تستطيع تخفيض او رفع الانتاج والأسواق تتفاعل مع القرار اما بالتجاهل او صعود الأسعار او هبوطها.

وبينما تتصاعد الأسعار باتجاه 80 دولارا للبرميل، غرّد الرئيس ترمب مهاجما منظمة أوبك لأن اسعار النفط تتصاعد في الوقت الذي تنفق فيه الولايات المتحدة مليارات الدولارات لحماية دول الشرق الأوسط المنتجة للنفط. وأضاف أنه "يتعين على أوبك الاحتكارية تخفيض الأسعار الآن".

علما ان أسعار النفط صعدت في ظل انخفاض جديد للمخزونات الأميركية وطلب قوي على البنزين في الولايات المتحدة، كما وجدت الأسعار دعما في مؤشرات بأن منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" قد لا تزيد الإنتاج لتعويض نقص إمدادات إيران ولكن هذا التوقع قد يتغير في ظل الموقف الأميركي الغاضب والضغوط التي تمارسها الادارة الأميركية على "أوبك".

كيف تحركت الأسعار؟

كان تأثير التغريدة على الأسعار ضئيلا جدا حيث انخفض سعر مزيج برنت القياسي 0.77%.

وارتفعت عقود النفط الآجلة اليوم الجمعة وسط مخاوف بشأن الامدادات مع اقتراب فرض عقوبات على صادرات إيران النفطية اعتبارا من شهر نوفمبر المقبل. وارتفع خام القياس العالمي مزيج برنت للتسليم في نوفمبر 26 سنتا، أو ما يعادل 0.33%، إلى 78.96 دولار للبرميل.

وزاد خام غرب تكساس الوسيط الأميركي للتسليم في أكتوبر تشرين الأول سبعة سنتات، أو 0.10%، إلى 70.39 دولار للبرميل.

وأعلنت إدارة معلومات الطاقة الأربعاء، أن مخزونات الخام الأمريكية انخفضت للأسبوع الخامس على التوالي إلى أدنى مستوى في ثلاثة أعوام ونصف العام في الأسبوع المنتهي يوم 14 سبتمبر، بينما تراجعت مخزونات البنزين بمعدل أكبر من المتوقع بفعل طلب قوي في غير موسمه.

كشفت بيانات الإدارة أن المخزونات تراجعت 2.1 مليون برميل مقارنة مع توقعات بانخفاضها 2.7 مليون برميل.

وتجتمع أوبك ومنتجون مستقلون منهم روسيا الأحد في الجزائر لمناقشة كيفية توزيع زيادات الإمدادات، داخل الحصص المخصصة لكل منهم لتعويض النقص في الإمدادات الإيرانية. ولكن ايران سوف لا تحضر حسب تصريحات وزير النفط الايراني بيجان زنغنة.

الحرب التجارية قد تؤدي الى تراجع في الطلب على النفط والغاز

بينما الأسعار في طريقها للتعافي والارتفاع هناك مخاوف ان هذا لا يستمر بسبب الحرب التجارية التي تشنها ادارة الرئيس الأميركي ترمب على الصين والتي من شأنها اضعاف وتيرة النمو الاقتصادي العالمية.

أعلنت الادارة الأميركية في بداية الاسبوع عن تعرفة جمركية على 200 ملياردولار من &المستوردات الصينية وتهدد بفرض رسوم جمركية على 267 مليار دولار اضافية في المستقبل دون تحديد التاريخ.

مما لا شك فيه ان هذه الخطوات ستنعكس سلبا على اسواق الغاز والنفط.

ويعتقد المحللون أنه على المدى البعيد سيؤثر ذلك على الجدوى الاقتصادية من بناء مرافيء اميركية جديدة للغاز الطبيعي المسال.

الصين هي المحرك الرئيس في ارتفاع الطلب على الغاز الطبيعي المسال وأي مشاريع لتطوير بنية تحتية اضافية لتصدير الغاز الطبيعي في اي مكان في العالم ستأخذ في حساباتها الطلب الصيني.

وحسب تحليلات "ستاندر أند بور غلوبال بلاتس" ستكون الصين مسؤولة عن ثلث نمو الطلب العالمي على الغاز بحلول 2023 وسيرتفع الاستهلاك الصيني بنسبة 154% فوق مستويات 2017.
ولكن الصين بدورها &فرضت تعرفة جمركية على الغاز الطبيعي الأميركي، &وللصين مصادر أخرى بديلة قد تلجأ لها لاستيراد الغاز الطبيعي مثل قطر وروسيا واستراليا.&

وحتى الآن لم تفرض الصين اي تعرفة جمركية على النفط الأميركي رغم أن مشتريات الصين من النفط الأميركي ارتفعت بشكل ملحوظ في 2016 و 2017.

ويتوقع موقع "اويل برايس" الذي يتابع تحركات أسعار النفط ان الصين تؤجل فرض تعرفة جمركية على النفط الأميركي حتى بعد بدء مرحلة تنفيذ التهديدات الأميركية بفرض جمارك على الرزمة التي تبلغ 267 مليار دولار. وكما هو الحال مع الغاز المسال، الصين لها بدائل أخرى لاستيراد النفط.

والعنصر الأكثر تأثيرا على اسعار النفط هو تراجع الاقتصاد العالمي بسبب الحرب التجارية وكلما تصاعدت هذه الحرب كلما ارتفعت احتمالات تراجع النمو الاقتصادي العالمي والطلب على النفط.

خيارات الصين قد تشمل فرض رسوم جمركية عالية على النفط الأميركي وشراء حاجتها من ايران حيث رفضت شرعية العقوبات الاقتصادية على ايران ولكن السؤال هل ستتحدى الصين ترمب وتستورد النفط الايراني المحظور؟

الاحتقان الايراني وتهديدات وزير النفط

تتحرك أسعار النفط للأعلى ودول أوبك المنتجة وروسيا ترحب بأسعار فوق 80 دولار للبرميل. بينما تعلن ايران انها سترفض اي قرار صادر من "منظمة اوبك" تعتقد طهران أنه سيأتي بالضرر للمصالح الايرانية كتعويض النقص في الامدادات الناتج عن العقوبات الأميركية ضد ايران.

وفي هذا السياق نقلت وكالات الانباء ما قاله وزير النفط الايراني بيجان زنغنة "أن لجنة أوبك التي ستجتمع في الجزائر قريبا ليس لديها الصلاحيات لفرض اتفاق جديد بشأن الانتاج. وحسب مصادر "بلومبيرغ" قال زنغنة "سأرفض اي قرار من أوبك من شأنه تهديد مصالح ايران" واي قرار يتعلق بالانتاج من قبل لجنة المراقبة الوزارية التابعة لأوبك سيتم رفضه وابطاله واعتباره لاغيا وغير شرعي.

وقال زنغنة انه لن يحضر اجتماع لجنة المتابعة في الجزائر.

تعليقات زنغنة تعكس الاحباط والقلق الايراني من تنامي عزلتها في منظمة اوبك وعجزها عن ايقاف عجلة العقوبات الأميركية التي تدخل حيز التنفيذ في نوفمبر المقبل. اضف الى ذلك ان نمو وعمق الشراكة النفطية بين روسيا والسعودية قلل من دور أوبك كالمصدر الكبير الوحيد للنفط.

طهران تتهم اعضاء اوبك بالتآمر لسرقة حصة ايران من اسواق النفط بينما فنزويلا الحليف التقليدى لايران تترنح وعلى وشك الانهيار الاقتصادي في اي وقت.

ويرى المراقبون ان تحذيرات ايران سترفع وتيرة فشل اجتماع أوبك في فيينا في ديسمبر كانون اول الا ان هذا لن يؤثر كثيرا على اجمالي انتاج اوبك من النفط. واعضاء اوبك يضخون ما يستطيعون بغض النظر عن السياسة المرسومة.

ومنذ اعلان الرئيس الأميركي ترمب للعقوبات على ايران انخفضت شحنات ايران من النفط بنسبة 35% منذ ابريل 2018 حسب احصاءات بلومبيرغ التي تتعقب وتتابع تفاصيل تحركات الناقالات النفطية.

ومن الجدير بالذكر ان اتفاق تخفيض الانتاج الذي تم التوصل له نهاية 2016 بين اعضاء اوبك ومنتجين من خارجها مثل روسيا سينتهي نهاية هذا العام الا اذا قررت الدول المشاركة في هذا الاتفاق على تجديد الاتفاق او استبداله باتفاق جديد.

توقعات منظمة "أوبك" لعام 2019

قلصت "أوبك" توقعها لنمو الطلب العالمي على النفط في 2019، وقالت إن "المخاطر في التوقعات الاقتصادية تميل إلى جانب التراجع، ما يضيف تحديا جديدا لجهود المنظمة من أجل دعم السوق في العام المقبل".

وذكرت منظمة البلدان المصدرة للبترول في تقرير شهري، إن الطلب العالمي على النفط في العام المقبل سيزيد 1.41 مليون برميل يوميا، بانخفاض 20 ألف برميل يوميا عن توقع الشهر الماضي لتقلص تكهناتها للمرة الثانية على التوالي.

ويقدم التقرير مؤشرا جديدا على أن الطلب النفطي السريع الذي ساعد "أوبك" وحلفاءها على تصريف تخمة المعروض سيتباطأ في 2019.

وأشارت "أوبك" في التقرير، أن التحديات التي تواج اقتصادات بعض الدول الناشئة والنامية قد تلعب دورا في تراجع النمو الاقتصادي العالمي.

وحذر وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك من أثر العقوبات الأمريكية على إيران قائلا إن الأسواق العالمية "هشة" بسبب المخاطر الجيوسياسية وتعطل إمدادات. لكنه أشار إلى أن بلاده يمكنها زيادة الإنتاج إذا لزم الأمر.