نوسا دوا: دعت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد الأربعاء قادة العالم إلى إصلاح الأنظمة التجارية العالمية بدلًا من السعي إلى تقويضها، في تصريح هو بمثابة توبيخ للسياسيين الذين يعززون الرسوم الجمركية والحمائية.

يأتي تصريحها في وقت يهدد الخلاف التجاري بين الصين والولايات المتحدة النمو الاقتصادي العالمي، حيث حذر خبراء صندوق النقد الدولي من "نقاط ضعف جديدة" في النظام العالمي.

قالت لاغارد خلال اجتماع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في بالي في أندونيسيا، "نحتاج العمل معًا من أجل تخفيف التوتر وحل النزاعات التجارية الراهنة. نحتاج أن نتكاتف لإصلاح النظام التجاري الحالي، وليس تدميره".

حضر حوالي 32 ألًفًا من النخبة المالية العالمية إلى هذا المنتجع الأندونيسي للمشاركة في أسبوع من المناقشات التي خيّمت عليها سياسة "أميركا أولًا التي ينتهجها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي فرض أو هدد بفرض تعرفات جمركية أعلى على السلع المستوردة، لا سيما الصين، وكذلك من حلفاء تقليديين، مثل الاتحاد الأوروبي.

أدى كذلك رفع أسعار الفائدة الأميركية إلى خلق حالة من البلبلة في عملات الأسواق الناشئة، حيث تجهد الدول التي اقترضت بكثافة بالدولار لتسديد ديونها بسرعة.

وأفاد التقرير الصادر الأربعاء من صندوق النقد الدولي حول الاستقرار المالي العالمي أن النمو العالمي قد يكون في خطر إذا شهدت الأسواق الناشئة مزيدًا من التدهور أو تصاعدت حدة التوترات التجارية. وقال الصندوق في تقريره نصف السنوي، "ظهرت نقاط ضعف جديدة، ولم يتم بعد اختبار مرونة النظام المالي العالمي".

يبدو المشاركون في السوق "مرتاحين" إزاء المخاطر المحتملة التي قد تنجم من "زيادة مفاجئة في حدة الظروف" - مثل ارتفاع أسعار الفائدة أو انخفاض إمكانية الحصول على الرساميل.

وحذر الصندوق من أن فرض مزيد من التعرفات الجمركية والتدابير المضادة لها يمكن أن تؤدي إلى تشديد أكبر للظروف المالية مع ما يترتب على ذلك من آثار سلبية على الاقتصاد العالمي والاستقرار المالي.

بعض الإحباط&
وقالت لاغارد خلال الاجتماع إن الظروف العالمية لا تبعث على الشعور التام بالاكتئاب. وقالت "يدفع الوضع إلى الشعور ببعض الإحباط، لكنني في الواقع متفائلة، لأن هناك رغبة فعلية في تحسين وتطوير العلاقات التجارية" العالمية.

لكن الباحث الأميركي جيفري ساكس تحدث بلهجة أقل دبلوماسية في تقييمه لإدارة ترمب للعلاقات التجارية الأميركية، منتقدًا مزاعم الرئيس المتكررة بأن العجز مع الصين ودول أخرى يعني أن الأميركيين يتعرّضون للاستغلال.

وقال ساكس، مدير مركز التنمية المستدامة في جامعة كولومبيا، خلال ندوة في بالي "إن العجز التجاري لا يعني بالضرورة وجود غش من قبل الطرف الآخر... هذا يعني أن الولايات المتحدة تحاول وقف نمو الصين - إنها فكرة رهيبة". وأضاف أن "كل الاتهامات الموجّهة ضد الصين ... مبالغ فيها إلى حد كبير".

هجرة الأموال&
مع ارتفاع أسعار الفائدة في الاقتصادات المتقدمة وإغراء المستثمرين في تحويل أموالهم بحثًا عن عوائد أعلى، قال صندوق النقد الدولي إن الاقتصادات الناشئة يجب أن تتخذ خطوات لحماية نفسها من هجرة الأموال.

اقترح على سبيل المثال تعزيز احتياطيات العملات الأجنبية التي يمكن استخدامها في الأزمات وكذلك العمل مع أسواق السندات المحلية لبناء قاعدة مستثمرين محلية بدلًا من الاعتماد على التمويل من الخارج.

أشار الصندوق أيضًا إلى المخاطر الآتية من ارتفاع ديون الشركات وكثرة الاقتراض الحكومي وتبعات إجراءات التحفيز المالي وخطط الإنقاذ الحكومي في أعقاب الأزمة المالية العالمية عام 2008. ومنذ تقرير الاستقرار الأخير في أبريل، أصبحت الظروف الاقتصادية العالمية أقل توازنًا مع زيادة الفروق بين الاقتصادات المتقدمة والناشئة.

وعلى الرغم من زيادة الاحتياطي الفدرالي الأميركي سعر الفائدة، فإن الظروف المالية "شهدت مزيدًا من التيسير" في الولايات المتحدة، حيث بقيت قيمة الأسهم مرتفعة. وقال التقرير إن الظروف في أوروبا وغيرها من الاقتصادات المتقدمة الرئيسة بقيت "سهلة نسبيًا"، على الرغم من أن المستثمرين قللوا توقعاتهم بشأن قيام البنك المركزي الأوروبي بزيادة أسعار الفائدة.

وفي الصين، لا يزال الوضع "مستقرًا في الإجمال" على الرغم من أن ديون الشركات باتت أعلى من المستويات التاريخية والاقتراض الأسري من بين الأعلى على مستوى البلدان الناشئة.

وقال فيتور غاسبار مدير إدارة الشؤون المالية في صندوق النقد الدولي إن "الصين تدرك ذلك جيدًا، وتتخذ خطوات لإبطاء تراكم الديون".
&