اعتبر مجلس المنافسة المغربي أن تسقيف أسعار بيع المحروقات، الذي تسعى الحكومة إلى إقراره، "تدبير غير كاف وغير مجد من الناحية الاقتصادية والتنافسية، ومن زاوية العدالة الاجتماعية". وأكد أن سوق المنافسة في البلاد تعاني من "اختلالات ذات طبيعة بنيوية، لا يمكن لتدابير جزئية ظرفية الإجابة عنها".

إيلاف من الرباط: قال إدريس الكراوي، رئيس مجلس المنافسة (مؤسسة دستورية)، في لقاء صحافي عقده اليوم الجمعة، في مقر المجلس في الرباط، إن قرار تسقيف أسعار المحروقات "لا يمكن أن يجيب وحده عن إشكالية المحروقات"، مشددًا على أن المجلس يحتكم إلى القانون، ويسعى إلى صون "المصالح العليا للاقتصاد الوطني والقدرة الشرائية للمواطنين".&

وأضاف الكراوي خلال تقديم رأي المجلس الاستشاري بطلب الحكومة المغربية، من أجل تقنين أسعار المحروقات السائلة، إن "التدخل الوحيد في أسعار وهوامش ربح الموزعين بالجملة والتقسيط، لن يغيّر من واقع الأسعار، ولن يؤدي بالموازاة إلى حماية المستهلك والحفاظ على قدرته الشرائية".

زاد موضحًا أن "السؤال الحقيقي لا يكمن في تسقيف الهوامش، ولكن في تحديد إجراءات مواكبة لفائدة القطاعات والفئات الاجتماعية التي ستتضرر أكثر من الارتفاعات غير المتوقعة لأسعار المحروقات السائلة"، وذلك في دعوة مباشرة من المجلس للحكومة من أجل اعتماد إجراءات مصاحبة لمواجهة تقلبات الأسعار.&

وبدا لافتًا أن المجلس تحاشى الدخول في مواجهة مع أصحاب وموزعي المحروقات، حيث قال الكراوي إن المجلس "لن يبتّ في إطار طلب الرأي هذا، في وجود ممارسات منافية للمنافسة في السوق"، مستدركًا أن هذا الأمر هو "موضوع بحث في إطار الإنجاز سيبتّ المجلس فيه خلال الجلسة العامة المقبلة".

كما اعتبر الكراوي أن طلب رأي مجلس المنافسة في موضوع تسقيف الأسعار من قبل الحكومة "لا يستجيب للشروط القانونية المطلوبة والواردة في المادة 4 من القانون المتعلق بحرية الأسعار"، مشيرًا إلى أن المجلس "لا يقوم بمهمة تحديد المستوى الأمثل للأسعار والهوامش القصوى المعتمدة في سوق المحروقات. ويعود هذا الاختصاص إلى مسؤولية الحكومة وحدها".

وشدد الكراوي على أن استيراد البلاد لـ93 بالمائة من حاجياتها النفطية يجعل "الثمن رهينًا بالتقلبات الفجائية لأسعار المحروقات في السوق العالمية، وسوف لن يضمن التسقيف بتاتًا الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين والعدالة الاجتماعية".

مضى الكروي مبينًا رأي المجلس "الحكومة سلطة تتمتع وحدها بمسؤولية اللجوء إلى تقنين الأسعار، وإذا هي اختارت تسقيف هوامش الربح في&المحروقات السائلة، فإن مجلس المنافسة يعتبر أن هذا الاختيار لن يكون كافيًا ومجديًا من الناحية الاقتصادية والتنافسية، ومن زاوية العدالة الاجتماعية، وذلك لأسباب متعددة".

كما اعتبر المجلس أن التسقيف "تدبير ظرفي محدود في الزمان، لأن مقتضيات المادة 4 من تحديد مدة تطبيقه في ستة أشهر قابلة للتجديد مرة واحدة". أضاف إن سوق المحروقات معرّضة لمواجهة تغييرات متكررة نتيجة "التقلبات غير المتوقعة وغير المتحكم فيها للأسعار العالمية التي لا تضبط الحكومة بأي شكل من الأشكال التغييرات الفجائية التي تعرفها".

ذهب المجلس في رأيه إلى أن التسقيف يشكل "تدبيرًا تمييزيًا يطبّق من دون استثناء على كل المتدخلين في القطاع، مهما كانت أحجامهم وبنية تكاليفهم"، مبرزًا أن هذا الأمر يمثل "خطرًا حقيقيًا قد يضر بالمتدخلين الصغار والمتوسطين، الذين ستتصاعد هشاشتهم، وفي السياق نفسه فإن تسقيف هوامش الربح سيؤثر سلبًا على الرؤية المستقبلية للمتدخلين في القطاع".