طوكيو: فيما تعلن شركات يابانية كبرى مثل نيسان وهوندا وباناسونيك وسوني الحد من نشاطاتها في بريطانيا بدرجات متفاوتة، يرى الخبراء أن بريكست غالبا ما سرع هذه القرارات ولو أنه لم يكن السبب الوحيد خلفها.

وأحدثت هوندا بدورها صدمة في بريطانيا الثلاثاء بإعلانها إغلاق مصنعها في سويندون الذي يوظف حوالى 3500 عامل يقومون منذ أكثر من 24 عاما بتصنيع سلسلة سيارات "سيفيك" التي تنتجها الشركة.

وسارعت إدارة هوندا وعدد من المسؤولين المنتخبين مثل النائب عن البلدة المعنية جاستن توملينسون إلى التأكيد على عدم ارتباط هذا القرار بعملية الخروج من الاتحاد الأوروبي، مبررين ذلك بضرورة تكيّف الشركة مع المتغيرات في سوق السيارات العالمية، غير أن الاختصاصيين يرون أن شبح بريكست يلقي بظله حتما على الشركات اليابانية.

وقال سيجي سوجيورا المحلل لدى معهد توكاي طوكيو للأبحاث، "يبدو أن هوندا كانت تستعد لهذا الأمر منذ فترة طويلة، ثم حدث بريكست ودفعها على الأرجح لاتخاذ القرار الآن".

وأشار إلى أن مستقبل مصنع سويندون كان منذ فترة موضع نقاش في شركة هوندا، وهو ما قاله أيضا زميله ساتورو تاكادا المحلل في شركة "تي آي دبليو" المتخصصة في قطاع السيارات.

وأضاف تاكادا أن "المجموعة واجهت صعوبات في السنوات الأخيرة".

- تغييرات في القطاع -

وتعمل نحو ألف شركة يابانية في بريطانيا حيث توظف حوالى 140 ألف شخص بصورة إجمالية.

والشركات اليابانية ليست الوحيدة التي تنسحب جزئيا من بريطانيا، لكنّ الحد من عملياتها هي تحديدا يترك وقعا كبيرا في بريطانيا نظرا لتاريخ طويل من الاستثمارات اليابانية في هذا البلد سعيا للإنتاج محليا بهدف التخفيف من حدة التوتر التجاري خلال السبعينات والثمانينات من القرن الماضي.

وقالت سو ديفيس وهي من السكان المحليين، ويعمل زوجها السابق في مصنع الشركة منذ عشرين عاما "أعتقد أنها ستكون نهاية سويندون بدون هوندا".

وأفاد سوجيورا أن شركات السيارات اليابانية اختارت بريطانيا قاعدة أوروبية لها في ظل بيئة اعتبرت مؤاتية للأعمال في عهد رئيسة الوزراء المحافظة مارغريت ثاتشر في الثمانينات.

ولفت المحللون إلى أن ما حسم خيار الشركات لصالح بريطانيا &عوضا عن البر الأوروبي، أنها كانت جزءا من الاتحاد الأوروبي، في حين أن ذلك لن يعود قائما مع انفصال المملكة المتحدة.

وبالنسبة لصناعة السيارات تحديدا، فإن التغييرات السريعة في هذا القطاع وفي البيئة التجارية العالمية هي أيضا من العوامل التي حملت الشركات على اتخاذ قرار خفض عملياتها في بريطانيا.

فاتفاق التبادل الحر الواسع النطاق الذي دخل حيز التنفيذ هذا الشهر بين الاتحاد الأوروبي واليابان يحد من حوافز الشركات اليابانية للإنتاج في أوروبا بما أن الرسوم الجمركية ستخفض تدريجيا.

كما أن الشركات اليابانية تواجه عقبات في أوروبا حيث تتنافس مع شركات محلية عملاقة مثل "فولكسفاغن" الألمانية.

- "انعدام الوضوح" -

غير أن قرار الانسحاب ولو جزئيا من بريطانيا لا يقتصر على شركات السيارات.&

فالمصارف اليابانية الكبرى أيضا تنسحب من لندن، وبعدما قامت توشيبا بتصفية فرع نووي لها في بريطانيا، ما أسقط مشاريع لبناء مفاعلات نووية في هذا البلد، أعلنت شركة هيتاشي العملاقة الشهر الماضي تجميد مشروع بناء محطة ذرية في ويلز لعدم توافر التمويل.

وقال يوسوكو تسوشيدا الباحث في شركة ميتسوبيشي للأبحاث والاستشارات إنه بمعزل عما إذا كان بريكست خلف هذه القرارات أم لا، هناك بصورة عامة "ريبة حيال بريطانيا نفسها"، وشدد على أن "اقتصادها وسياستها ومجتمعها في حالة من البلبلة" مضيفا أن الشركات تعتبر أن البلد "ينطوي على مجازفة".

وتوقع انسحاب شركات أخرى تستخدم بريطانيا قاعدة للقارة الأوروبية.&

وحذر رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي من مخاطر بريكست بدون اتفاق بين بريطانيا وبروكسل، وهو ما يثير مخاوف الشركات اليابانية. وشدد مؤخرا على أن "العالم بأسره" يأمل أن يتم تفادي مثل هذا الاحتمال.

وقال تاكادا بهذا الصدد إن السؤال المطروح اليوم "هل أن بريطانيا لا تزال مكانا ملائما لإقامة موقع إنتاج فيه؟".