يبدو القانون المقترَح لرفع السرّية المصرفية عن كل العاملين في الشأن العام موضعَ جدل، بسبب ما يتضمّنه من ثغرات ونقاط مبهمة، ومطبّات قد تؤدي إلى عكس المطلوب.

إيلاف من بيروت: يبدو القانون المقترَح لرفع السرّية المصرفية عن كل العاملين في الشأن العام موضعَ جدل، بسبب ما يتضمّنه من ثغرات ونقاط مبهمة، ومطبّات قد تؤدي إلى عكس المطلوب، أو تحويل الملف إلى مجرد وسيلة تستهدف الكسبَ المعنوي، من دون الوصول إلى هدف مكافحة الفساد وإقصاء الفاسدين.

في هذا الصدد يؤكد الخبير الإقتصادي الدكتور لويس حبيقة لـ"إيلاف" أنه في لبنان هناك قيود أكبر اليوم عمّا مضى بالنسبة إلى السرية المصرفية، وتأثر لبنان بالأمر. لم يكن لبنان على لائحة الدول المشبوهة التي وضعتها الدول الغربية، التي وزّعتها منظمة التعاون والتنمية الدولية، لأن لبنان قام بإجراءات كبيرة من أجل التخفيف من السرية المصرفية فيه. ووفق أسباب موجبة، ولدى الاستشباه بمخالفات ومصادر مشبوهة للأمور يمكن التخفيف من السرية المصرفية.

يضيف حبيقة: "المطلوب من لبنان، في حال وجود أموال مشبوهة، أن ترفع السرية بسهولة وعبر القضاء، ولبنان لبّى ذلك، لكن ليس هناك من طلب دولي لإلغاء السرية المصرفية في لبنان، بل لتسهيل رفعها في حالات معينة".

في لبنان
وردًا على سؤال ما الذي يميّز السرية المصرفية في لبنان عن غيرها من البلدان؟. يجيب: "السرية المصرفية في لبنان مقبولة، كانت مطلقة في الماضي، لكن اليوم خفّت درجتها، وما كان يميّز لبنان هو أنه كان البلد الوحيد في المنطقة الذي كان يملك نظام السرية المصرفية، لذلك كانت تصب كل الأموال فيه، منها أموال منظمة التحرير الفلسطينية، التي كانت موجودة في بيروت، وكانت تحصل على مليارات الدولارات من الدول العربية، وكذلك أموال الأحزاب والمؤسسات، والحرب اللبنانية لم تحصل من لا شيء، بل كان هناك تمويل ضخم، أموال كانت تأتي إلى حسابات مصرفية، ولا يُعرف كيف تُنفق.

إيجابيات وسلبيات
أما لماذا اعتمدت السرية المصرفية في لبنان في البدء، وما هي إيجابياتها وسلبياتها؟. فيجيب حبيقة: "اعتمدت لتمييز لبنان عن الدول الأخرى، فلبنان لا يملك الكثير من الموارد الطبيعية، على عكس الأكثرية الساحقة من الدول العربية، فيجب أن يُظهر ميزاته التفاضلية، التي كانت ضمن الخدمات، ومن بينها الجامعات والمستشفيات والمصارف، وكانت السياسة في إقامة السرية المصرفية في المصارف، خصوصًا أنه خلال الخمسينات والستينات والسبعينات كانت الدول العربية تحت النظام الاشتراكي، ولبنان كان زعيم النظام الاقتصادي الحر في كل المنطقة، وكانت تحوّل الأموال من الدول العربية إلى لبنان، وهناك الكثير من السوريين في زمن الإصلاحات هربوا إلى لبنان مع رؤوس أموال مهمة، ولا يزالون يشكلون قسمًا مهمًا من الشعب اللبناني. وتم إصدار قانون مصرفي في الستينات كان أساس العمل المصرفي اليوم.

عرضة للهجمات
وردًا على سؤال بأن السرية المصرفية كانت دومًا عرضة للهجمات... لماذا؟. يجيب: "الأمر شكل (فشة خلق) من الدول الكبيرة على تلك الصغيرة، ففي دول مثل لبنان وسويسرا والجزر تبقى صغيرة، ولو كانت الدول الكبيرة ذات النفوذ تعتمد السرية المصرية لما هوجمت، وهذا يؤكد دائمًا أن نظام الأقوى يحكم في العالم.
&