اوتاوا: يصر رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو على أن الملوّثين يجب أن يدفعوا ثمن أفعالهم، إلا أن الضغوط تتصاعد في البلاد لإلغاء سياسته المناخية التي تفرض بموجبها ضريبة فدرالية على انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، في حين يرى المواطنون العاديون أن القانون يزيد من تكاليف معيشتهم.

وأدى ارتفاع التضخم في السنوات الأخيرة وصعود المعارضة المحافظة التي تعهدت إلغاء هذه الضريبة في حال عودتها إلى السلطة، إلى إضعاف هذه السياسة التي وضعها رئيس الوزراء الكندي في العام 2019.

لكن يبدو أن ترودو رضخ نوعا ما للضغوط خصوصا مع إصداره في تشرين الأول/أكتوبر إعفاء لمدة ثلاث سنوات من الضريبة على وقود التدفئة المنزلية.

وتعد الضريبة على الكربون الإجراء الرئيسي الذي اتخذته حكومته لخفض انبعاثات غازات الدفيئة في البلاد بنسبة تراوح بين 40 و45 بالمئة بحلول العام 2030، بحسب التزاماتها بموجب اتفاقية باريس للمناخ.

وبموجبها، يفترض أن ترتفع أسعار الوقود الأحفوري من 65 إلى 80 دولارا كنديا للطن (45 إلى 55 يورو) في الأول من نيسان (أبريل).

لكن سبع مقاطعات طلبت تعليق هذه الزيادة أو إلغاءها. وتطالب مقاطعة نيوفاوندلاند بإرجائها "على الأقل حتى يستقر التضخم" رغم أن حاكمها حليف لجاستن ترودو.

ويعود هذا السخط تجاه ترودو بالفائدة على منافسه الرئيسي في الانتخابات المقبلة المقررة في العام 2025 بيار بوالييفر الذي جعل من ارتفاع تكاليف المعيشة وإلغاء الضريبة على الكربون من القضايا الرئيسية لحملته.

"الوسيلة الأكثر فعالية"
في الأيام الأخيرة، حاول جاستن ترودو الدفاع عن سياساته مجددا.

وفي رسالة وجّهها الثلاثاء إلى المقاطعات، أوضح أن الضريبة على الكربون كانت "الوسيلة الأكثر فعالية لخفض الانبعاثات" وأنها تساهم فقط بنسبة 0,1 بالمئة في التضخم.

وأشار إلى أن "معظم الكنديين يستفيدون من حسم على الكربون ما يعني أنهم يحصلون على أموال أكثر مما يدفعونه" فيما "التبعات المدمرة للفيضانات وحرائق الغابات والجفاف تؤدي إلى ارتفاع التكاليف كل عام" بالنسبة إلى الكنديين.

لكن معهد "أنغوس ريد" الاحصائي أفاد بأن كلفة المعيشة أصبحت الآن على رأس أولويات الكنديين (56 بالمئة) قبل مكافحة تغير المناخ (31 بالمئة) فيما يريد حوالى 40 بالمئة من الكنديين إلغاء الضريبة على الكربون ويعتبر 27 بالمئة فقط أنه يجب زيادتها وفق ما كان مقررا.

"الحكومة تصم أذنيها"
في السنوات الأخيرة، شهدت كندا التي ترتفع درجات الحرارة فيها بشكل أسرع من بقية أنحاء العالم بسبب موقعها الجغرافي، ظواهر مناخية شديدة تزداد شدتها وتواترها بسبب احترار المناخ.

العام الماضي، واجهت البلاد موسم حرائق غير مسبوق أتت فيه النيران على مساحة تزيد عن 18 مليون هكتار.

واعتبرت أستاذة العلوم السياسية في جامعة دالهاوزي لوري تورنبول أن المناخ لن يكون الموضوع الرئيسي في الانتخابات المقبلة.

وأوضحت "يشعر الناس بالوطأة في متاجر السوبرماركت وفي محطات الوقود وعند دفع إيجاراتهم أو رهونهم العقارية، كما أن زيادة في الضريبة على الكربون قد تعطي انطباعا بأن الحكومة تصم أذنَيها عن هذه الأزمة".

ويقول المدافعون عن البيئة إن أوتاوا نفذت أكثر من 10 خطط مناخية منذ العام 1990، لكنّ أيا منها لم يحقق هدفه، وإن البلاد ما زالت واحدة من أكبر الدول المصدرة لانبعاثات غازات الدفيئة في العالم من حيث نصيب الفرد.

وأظهرت أحدث تقديرات لمعهد المناخ الكندي نشرت عام 2022، أن انبعاثات البلاد، رابع أكبر منتج للنفط في العالم، لم تتوقف عن الزيادة.