جنيف: ينطلق معرض جنيف للساعات الثلاثاء، في نسخة قد تكون أقل وهجاً من سابقاتها بعد نمو هائل استمر ثلاث سنوات، خصوصاً بفعل تراجع الاستهلاك في الصين وزيادة الحذر في الطلب على السلع الفاخرة بالمجمل.

في الفترة من 9 إلى 15 نيسان (أبريل)، يرحب هذا المعرض الذي يحمل عنوان Watches & Wonders ("ساعات وعجائب") بـ54 علامة تجارية كبرى لصناعة الساعات والعلامات التجارية الفاخرة، بينها رولكس وباتيك فيليب وكارتييه شوبار وهيرميس وشانيل، وستقدم كلها خلال الحدث منتجاتها الجديدة.

هذا الحدث الكبير لصناعة الساعات السويسرية، الذي كان في السابق مخصصاً حصرياً للمحترفين، سيفتح أبوابه للجمهور لمدة ثلاثة أيام، في محاولة لجذب جيل جديد من عشاق صناعة الساعات من خلال نشر محتويات كثيرة على الشبكات الاجتماعية.

وقال مدير المؤسسة المسؤولة عن تنظيم الحدث ماتيو هومير في بيان إنه خلال الدورات السابقة، كان متوسط عمر الزوار خلال الأيام المفتوحة للجمهور "35 عاما، وهو أمر مشجع للغاية".

وفي العام الماضي، حطمت صادرات الساعات السويسرية الأرقام القياسية للعام الثالث على التوالي، إذ بلغت ذروتها عند 26,7 مليار فرنك سويسري (29,54 مليار دولار بالسعر الحالي). وارتفعت بنسبة 7,6 بالمئة في عام 2023 بعد نمو بنسبة 11,4 بالمئة في عام 2022 وانتعاش بنسبة 31,2 بالمئة في عام 2021.

وقد تبدد الانكماش في عام 2020 بسرعة، وذلك بفضل ما أسماه المحللون الماليون "عمليات الشراء الانتقامي"، مع استخدام قسم من المستهلكين مدخراتهم المتراكمة أثناء فترات الإغلاق لتدليل أنفسهم بالمنتجات الفاخرة بعد الأشهر التي لازموا خلالها منازلهم.

تراجع البريق
وفي كانون الثاني (يناير)، شهدت الصادرات تباطؤ نموها إلى 3,1 بالمئة، ثم تقلصت بنسبة 3,8 بالمئة في شباط (فبراير)، وفق اتحاد صناعة الساعات.

وقالت رئيسة قطاع المستهلكين في شركة ديلويت لمراجعة الحسابات في سويسرا كارين زيجيدي لوكالة فرانس برس "نشهد تباطؤاً بشكل عام، حيث الوضع أكثر صعوبة مما كان متوقعاً بالنسبة لعدد معين من اللاعبين في صناعة الساعات".

وأضافت أن "العملاء أصبحوا أكثر حذرا"، بين الاستهلاك في الصين "الذي لم يعد إلى مستويات ما قبل كوفيد"، وموجة المشتريات الانتقامية التي "باتت وراءنا"، والتضخم وارتفاع أسعار الفائدة أو حتى تسريح العمال في قطاع التكنولوجيا الذي يؤثر على جزء من عملاء مصنعي المنتجات الفاخرة.

وبدأت ملامح هذا التباطؤ تظهر بشكل ملحوظ لدى الشركات المستوردة لمكونات الساعات، من خلال "تأجيل الطلبات"، أو "تخفيض الكميات"، أو حتى "تقصير فترات التسليم" للعلامات التجارية التي لا تزال تسجل مبيعات مرتفعة، "لأن علامات تجارية أخرى خفضت الكميات" وفق سيجيدي.

فهذا التباطؤ لا يؤثر على جميع العلامات التجارية بالتساوي، إذ تعتمد معظم العلامات التجارية الراقية على عملاء أثرياء للغاية ليسوا حساسين بدرجة كبيرة لتقلبات النشاط الاقتصادي، ما يسمح لهم بمواصلة النمو.

وبحسب دراسة أجراها مصرف "مورغان ستانلي" الأميركي، فإن النماذج التي يتجاوز سعرها 25 ألف فرنك سويسري تساهم وحدها بنسبة 69 بالمئة من نمو صناعة الساعات السويسرية.

وقال المحلل في شركة "كيبلر شيفرو" جون كوكس لوكالة فرانس برس "أتوقع أن يكون المزاج أكثر اعتدالا نسبيا"، من دون أن يعني ذلك بالضرورة شعور شركات تصنيع الساعات بـ"الانهزام".

ويتوقع "هبوطا سلسا"، مع تباطؤ نمو صادرات الساعات إلى 4% في عام 2024.

لكنه لا يستبعد "العودة إلى الأساسيات" في النماذج التي يُكشف عنها في جنيف، مع زيادة في "الساعات الفولاذية" و"تراجع في البريق".

غير أن مدير اتجاهات المستهلك في مكتب "نيللي رودي" للتصاميم فنسان غريغوار لا يتوقع أن تختفي مظاهر الفخامة الفائقة تماماً من منصات العرض.

وإذ يلاحظ عودة إلى الرفاهية غير الاستعراضية، يقول "هناك دائماً عملاء يطلبون، كرد فعل، شكلاً من أشكال الرفاهية مع إبداع جامح".