لماذا يتورط "داعية" يتمتع بالشهرة، ويتابعة أكثر من 15 مليوناً عبر حسابه بمنصة X في جدل يتعلق بعالم كرة القدم؟ هل كان يطمع في المزيد من الشهرة مثلاً؟ ولماذا ينشر محتوى يتعلق بكرة القدم ثم يعود ليؤكد أنه لا يتابع كرة القدم أبداً؟ هل أخطأ في تقدير الموقف؟ والسؤال الأهم "هل كان كل ذلك متعمداً"، أم هي مجرد "ورطة"؟

ما القصة؟
الداعية الكويتي مشاري راشد العفاسي نشر يوم الثلاثاء صورة مسيئة لنادي الهلال السعودي، وجماهيره تحمل تلميحاً أن حكام كرة القدم يجاملون هذا النادي تحديداً على حساب الأندية الأخرى، ويقول محتوى الصورة إن حكام كرة القدم هم أساطير الهلال "أي سبب انتصاراته" أما بقية الأندية السعودية، فكل ناد له لاعب أسطوري، وكتب العفاسي إن صديقاً له طلب منه نشر هذه الصورة، وهو لا يعلم مغزاها.

اعتذار العفاسي
وانفجر الغضب بين الملايين من عشاق الهلال الذي يعد النادي الأكثر شعبية في جميع الدول الخليجية، وليس في السعودية فقط، كما يتمتع بمكانة خاصة لدى جماهير كرة القدم في المنطقة العربية، وتسبب هذا الغضب في اعتذار الداعية الكويتي، بل إنه قام بإزالة التغريدة المسيئة، واعتذر قائلاً "إلا الزعيم.. نحبكم وما نقدر على زعلكم".

والمدهش في الأمر أن هذا الاعتذار "اللطيف الرقيق" قوبل بهجوم جديد من جماهير الهلال بكافة عبارات اللوم والتعبيرات التي تقول إن هذا الاعتذار غير مقبول، هذا المشهد بأكمله يجعلنا نتذكر المقولة الشهيرة "وقعة الشاطر بألف" في إشارة إلى أن الشخص الذي يتمتع بالشهرة، والقبول لدى قاعدة كبيرة، حينما يتورط في مشكلات لا تتفق مع "صورته الذهنية" وسمعته ومكانته، فإنه يتعرض لهجوم كبير، وغضب عارم ربما يفوق في مقداره ما يتعرض له الشخص الشهير المثير للجدل بطبيعته.

وهذا ما حدث مع الداعية الكويتي، وقد يتعجب الملايين ممن لا يحبون كرة القدم، ولا يعرفون تفاصيل عالمها، وعقلية جمهورها، وارتباط الملايين بأندية بعينها، فالأمر من وجهة نظر هؤلاء "ممن لا يحبون كرة القدم" يبدو غريباً ولا يستحق كل هذه الضجة، كما أن الاعتذار يجب أن ينهي الأمر عند هذا الحد، وهي وجهة نظر منطقية للغاية.

كرة القدم "حياة"
لهؤلاء أقول.. جمهور كرة القدم في عصر السوشيال ميديا لا يتابع اللعبة من أجل الاستمتاع فحسب، بل إن الآلاف وربما الملايين منهم يرون كيانهم وانتصارهم في الحياة متجسداً في النادي الذي يرتبطون به، وخاصة الفئة الشابة، وكما يقولون في وصف التعصب الكروي والجماهيري، "إن مشجع كرة القدم قد يقوم بتغيير جنسيته ودينه يوماً ما، ولكن لم يسبق لشخص أن قام بتغيير النادي الذي يشجعه"، نعم تسير الأمور بهذه الصورة التي قد يشعر معها البعض بالدهشة، فضلاً عن أن عصر السوشيال ميديا جعل الجماهير أكثر تعصباً من أي وقت مضى.

هل أخطأ حقاً؟
وقبل إلقاء اللوم على الجماهير "المتعصبة" والتي كان يجب عليها قبول الاعتذار وطي الصفحة برمتها، فإنَّ الداعية الكويتي يتحمل النصيب الأكبر من الخطأ، خاصة أنه ليس من محبي كرة القدم، ولا يعرف تفاصيل هذا العالم، ولا يدرك حجم ارتباط المشجعين بأنديتهم، ومن ثم لم يكن يتوجب عليه الدخول في هذا الجدل، فهو يحظى بما يكفي من الشهرة، ومع الأخذ في الاعتبار "حسن النوايا" وأنه لم يقصد التقليل من كيان الهلال السعودي، ولم يقصد استفزاز جماهيره.

كيف تخاطبهم وأنت لا تعرف اهتمامتهم؟
وكذلك لم يتعمد الحصول على مزيد من الشهرة والتفاعل، فإنه يظل تحت طائلة اللوم، لأنه لا يعرف هذه التفاصيل التي تتعلق بحياة الشباب وعقليتهم، وميولهم في التشجيع، وهي قضية تستحق منه ومن غيره (من المشاهير في كل مجال) الاهتمام، حتى لو لم يكن محباً لعالم كرة القدم، لأن الأمر يتعلق في نهاية المطاف بلعبة لها تأثيرها الاجتماعي والنفسي والفكري على آلاف بل ملايين الشباب، فكيف له أن يخاطبهم دون أن يعرف اهتماماتهم؟