جاء قرار الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات بمنع تونس من رفع علمها في أولمبياد باريس 2024، ومنعها من تنظيم أي بطولة قارية أو عالمية على أراضيها ليشكل صدمة حقيقية لعشاق الرياضة في كل مكان، لماذا؟

تونس هي البلد الأكثر تألقاً في ميادين الرياضة قارياً وعالمياً قياساً بأنها واحدة من دول العالم النامي "ليست بلداً غنياً"، وقياساً بعدد سكانها (12 مليون نسمة)، وقاعدة الممارسة الرياضية بها، وبالرغم من ذلك، فهي حاضرة في بطولات العالم في كرة القدم واليد وغيرها، وكذلك في الألعاب الفردية، وهي المتألقة في السباحة وألعاب القوى، إلى حدّ أنها تنتزع ميداليات ذهبية على حساب دول عملاقة.

ما سر توهج تونس الرياضي؟
لمن لا يعلم، يعود السبب الرئيسي في توهج تونس رياضياً إلى ثقافة وعقلية الشعب العاشق للرياضة "على مستوى الممارسة وكذلك على المستوى الاحترافي والتنافسي"، فالعقلية في تونس تختلف نسبياً عن محيطها العربي، فهي أقرب إلى العقل الأوروبيّ.

وهناك سبب آخر يتمثل في أنَّ الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة (رئيس تونس بين 1957 حتى 1987) كان له الدور الأكبر في نهضة تونس رياضياً من خلال تأسيس بنية تحتية رياضية قوية، بل مبهرة بمقاييس عصرها، وهو الأمر الذي أدى إلى خلق عقلية وشغف الرياضة في تونس، ووجد آلاف الشباب الملاعب والساحات جاهزة لاستيعاب موهبتهم وطاقاتهم، والنتيجة أنَّ تونس حاضرة دائماً رياضياً على الساحة العالمية، سواء في بطولات العالم أو الدورات الأولمبية، فقد أصبح الشغف الرياضي متوارثاً في تونس على مدار الأجيال.

ماذا حدث؟
ما حصل مؤخراً أنَّ الترهل الإداري ضرب تونس، ولم تعد الرياضة أولوية في ظل الجدل السياسي الذي تتجمد معه تونس اقتصادياً وسياسياً ورياضياً منذ أكثر من عقد، وكانت النتيجة الوصول إلى هذه المرحلة، ليتم فرض هذه العقوبات من جانب المنظمات الرياضية الدولية على تونس.

فهل يتخيل كل تونسي أو عربي أن ينجح بطل أو بطلة من تونس في الفوز بميدالية في باريس ولا يتم رفع العلم التونسي؟ إنها عقاب مميت، فالهدف في الأساس أن يرفع كل رياضي علم بلده ويزهو به بين الأمم.

ما الحلّ؟
قالت الصحافة التونسية خلال الساعات الماضية إنَّه لا أمل في انفراج الأزمة قريباً، وأضافت: "المعطى الثابت حالياً أنَّ حلحلة هذا الإشكال يمر أساساً عبر تمرير القانون الجديد لمكافحة المنشطات على البرلمان التونسي من أجل المصادقة عليه ثم اعلام الوكالة الدولية بذلك".

وأضافت المصادر التونسية: "حسب بعض القراءات القانونية يعد ضيق الوقت والبيروقراطية الموقف صعباً للغاية في هذه الفترة. وتأمل جميع الأطراف المتابعة للرياضة التونسية في تدارك الموقف وعدم حرمان تونس من رفع العلم التونسي في الأولمبياد".

خريف اقتصادي ورياضي
تونس بورقيبة ذهبت، والآن يواجه التونسيون مثل بعض الدول العربية تأثيرات ما قيل إنَّه الربيع العربي، والذي انطلق من تونس تحديداً، ولكنه خريف بأتم معنى الكلمة، فقد كان ربيع السياسة المزعوم خريفاً اقتصادياً ورياضياً حتى الآن على الأقلّ.