ماكرون في لقاء مع مدراء القطاع المصرفي في فرنسا الثلاثاء
Reuters
ماكرون في لقاء مع مدراء القطاع المصرفي في فرنسا الثلاثاء

دعت امرأة في طليعة قيادات حركة "السترات الصفراء" في فرنسا إلى "هدنة" في الاحتجاجات استجابة لسلسة الإجراءات التي اقترحها الرئيس إيمانويل ماكرون.

وقالت جاكلين مورو إن المحتجين لا يمكن أن يقضوا بقية حياتهم في الساحات.

وقد رفض قادة آخرون في الحركة هذا المقترح.

وكان ماكرون أعلن الاثنين عن إلغاء الزيادة في الضريبة على الوقود، ووعد برفع الحد الأدنى للأجور بواقع مائة يورو شهريا اعتبارا من عام 2019، فضلا عن تخفيضات ضريبية للمتقاعدين.

وتشهد فرنسا منذ أربعة أسابيع احتجاجات عنيفة سيرها متظاهرون غاضبون أطلق عليهم اسم "السترات الصفراء" ضد الارتفاع في ضريبة الوقود وتكاليف المعيشة وقضايا مطلبية أخرى.

وقد أظهر استبيان أُجري في أعقاب الخطاب الذي ألقاه ماكرون أن 59 في المئة من الفرنسيين المستطلعة أراؤهم كانوا غير مقتنعين بإجراءاته، مقابل نسبة 40 في المئة ممن أبدوا رضاهم عنها.

وقال مسؤولون إن التكلفة الكلية للتخفيضات التي اتخذها الرئيس الفرنسي تصل إلى نحو 8 إلى 10 مليارات يورو، ما يضع فرنسا على حافة تجاوز حد الـ 3 في المئة الذي وضعه الاتحاد الأوروبي لنسبة العجز في ميزانية 2019.

وقال رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية، ريتشارد فيران، إن زيادة العجز ستكون "مؤقتة تماما" ولن تكون ضخمة.

ولدى حكومة ماكرون نسبة عجز في الميزانية محددة هي 2.8 في المئة، بيد أن فاران يُصر على أن فرنسا ستجد طريقها لإبقاء نسبة العجز أقل من نسبة 3 في المئة في العام المقبل.

بماذا وعد ماكرون؟

إن الوعد الأكبر للرئيس الفرنسي هو زيادة الحد الأدنى للأجور الذي سيشمل نحو 2.6 مليون شخص، بحسب الحكومة الفرنسية.

وقال ماكرون مبدئيا إن هذه الزيادة في حد الأجور الأدنى ستكون شهرية، وبات من الواضح أن الحكومة تنوي بدلا من ذلك تسريع العمل في زيادة مقررة كاضافة على الأجور لأصحاب الحد الأدنى في الأجور، وبهذه الطريقة لن يتعرض هؤلاء إلى اقتطاع ضريبي من دخلهم.

وتشمل التخفيضات الرئيسية الأخرى:

  • إلغاء زيادة ضريبة مقررة على المتقاعدين ممن دخلهم أقل من 2000 يورو في الشهر.
  • إلغاء الضريبة على أجور العمل الإضافي.
  • إلغاء الضريبة على مكافآت أخر السنة، وستشمل 2.3 مليون من العاملين في الأسبوع المقبل.

بيد أن ماكرون رفض إعادة فرض ضرائب على الأغنياء، قائلا إن ذلك "سيضعفنا، فنحن بحاجة إلى خلق (مزيد) من الوظائف".

وأضاف أن الإصلاحات الأخرى للمعاشات وتعويضات البطالة فضلا عن الإنفاق العام ستمضي كما هو مقرر.

ومن المقرر أن يعرض رئيس الوزراء، إدوار فيليب، المقترحات على الجمعية الوطنية لاحقا، بعد أسبوع من إعلانه أوليا عن تعليق الزيادة الضريبية على الوقود ومن ثم إلغائها نهائيا.

كيف رد المحتجون؟

ما زال عدد من الطرق الفرنسية مغلقا الثلاثاء لعدم استجابة بعض المحتجين لمقترحات ماكرون
AFP
ما زال عدد من الطرق الفرنسية مغلقا الثلاثاء لعدم استجابة بعض المحتجين لمقترحات ماكرون

قالت مصادر في الشرطة للقناة الإخبارية الفرنسية "بي أف أم تي في" إن 170 تجمعا احتجاجيا مازالت مستمرة الثلاثاء، وشهد 45 من بينها اغلاق طرق وبمشاركة أقل من 2000 شخص.

وجاءت أكثر استجابة لإجراءات ماكرون من جاكلين مورو، 51 عاما، التي انتشر فيديو لها تتذمر فيه من الضرائب على الوقود ويُعتقد أنه كانت بداية انطلاقة حركة "السترات الصفراء".

وقالت مورو "يجب علينا الخروج من الأزمة".

ويقدر عدد من شاهدوا خطاب ماكرون ليل الاثنين بنحو 23 مليون مشاهد فرنسي.

وبدا قادة الاحتجاجات الآخرين أكثر استعدادا لمواصلة مظاهراتهم.

وقال مكسيم نيكول، الذي تداول المحتجون أيضا مقطع فيديو له، إن إجراءات ماكرون "قليلة جدا ومتأخرة جدا".

ووصف صوت رئيسي آخر، هو بنجامين كوشي، مقترحات الرئيس بأنها "نصف إجراء" مضيفا أن "100 يورو شيء جيد جدا لذوي الدخل المنخفض، ولكن ماذا (قدم) لمتوسطي الدخل الذين يعانون من ضغوطات مالية هائلة".

وامتدحت منظمة أصحاب العمل "Medef" الإجراءات، لأنها تركز على القدرة الشرائية للناس، لكنها لم تستهدف شركات الأعمال أنفسها.

وامتدح فرانسوا بايرو، رئيس حزب الاتحاد من أجل الديمقراطية الفرنسية وأحد حلفاء ماكرون الرئيسين، مقترحات الرئيس الفرنسي ووصفها بأنها تحول في العصر عموما، ليس لمرحلة رئاسة ماكرون بل لمسار الثلاثين سنة الأخيرة.

ماهي حركة "السترات الصفراء"؟

بدأت حركة "السترات الصفراء" للاعتراض على قرار الحكومة بزيادة ضرائب على وقود الديزل، الذي يستخدمه بشكل واسع سائقو السيارات في فرنسا وظل لوقت طويل يحظى بضريبة أقل من بقية أنواع الوقود الأخرى.

وارتفت اسعار الديزل بنحو 23 في المئة خلال الأشهر الـ 12 الماضية، وتسبب قرار الرئيس ماكرون بفرض زيادة 6.5 سنتا على الديزل و 2.9 سنتا على البنزين بدءا من الأول من يناير/كانون الثاني، في انطلاق حركة الاحتجاجات.

ويلقي ماكرون باللائمة على ارتفاع أسعار النفط عالميا، بيد أنه قال إن الضرائب المرتفعة على الوقود الأحفوري كانت مطلوبة لتمويل الاستثمارات في مجال الطاقة المتجددة.

ويطلق على متظاهري "السترات الصفراء" هذا الاسم لأنهم نزلوا إلى الشوارع وهم يرتدون السترات الصفر التي يفرض القانون الفرنسي وجودها في أي سيارة وترتدى ليلا على الطرق لكي توضح الرؤية لقائدي السيارات المارة ومنع وقوع حوادث.

بيد أن الاحتجاجات تواصلت ورفع المحتجون مطالب أخرى، من بينها الدعوة إلى رفع الأجور، وتخفيض الضرائب، ومنح رواتب تقاعدية أفضل، فضلا عن تسهيل اشتراطات القبول في الجامعات.

ويتركز الهدف الأساسي للحركة على لفت الانتباه إلى ما تعانية عوائل الطبقة العاملة الفقيرة من إحباط من الوضع الاقتصادي وغياب ثقة بالوضع السياسي. ومازالت الحركة تحظى بدعم واسع في الشارع الفرنسي.

مسار زمني للاحتجاجات

  • 17 نوفمبر/تشرين الثاني: 282 ألف متظاهر ، وفاة متظاهر وجرح 409 واعتقال 73 متظاهرا
  • 24 نوفمبر/تشرين الثاني: 166 ألف متظاهر - 84 جريحا - 307 معتقلا
  • 1 ديسمبر/ كانون الأول: 136 ألف متظاهر - 263 جريحا - 630 معتقلا
  • 8 ديسمبر/ كانون الأول: 125 ألف متظاهر - 118 جريحا - 1723 معتقلا