احتجاجات في غزة
AFP

ليس بالأمر الغريب أن نسمع عن شكاوى من الظروف المعيشية في غزة، حتى أن البنك الدولي يصف الاقتصاد المحلي بأنه في "سقوط حر"، مع وصول البطالة بين الشباب إلى 70 في المئة.

ولكن، الأمر غير العادي في الأيام الأخيرة هو أن أعدادا كبيرة من الفلسطينيين خرجوا للتظاهر للتعبير عن إحباطهم ولانتقاد حماس، التي تتولى زمام الأمور في القطاع بقبضة حديدية.

وبدأت رسائل الحراك الشعبي، الذي اتخذ "بدنا نعيش" شعارا له، في الظهور على شبكات التواصل الاجتماعي.

ويقول مؤمن الناطور، أحد منظمي الحراك، في رسالة على فيسبوك "إنها حركة شبابية سلمية. لسنا حركة سياسية ولا نريد تغيير النظام السياسي. لا نريد إلا حقوقنا".

واضاف "نريد وظائف، نريد أن نعيش. نريد المساواة والكرامة والحرية".

وبدءا من الخميس والأيام التي تلته خرج المئات للتظاهر في تسعة مواقع في المدن الرئيسية في قطاع غزة وفي مخيمات اللاجئين.

وبلغت الاحتجاجات حدة لم يشهدها القطاع منذ تولي حماس للسلطة عام 2007، وطرده قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية في اشتباكات دامية، بعد عام من فوز حماس في الانتخابات النيابية.

وكان رد حماس على الاحتجاجات قاسيا.

وأظهرت تسجيلات مصورة قوات الأمن تضرب المحتجين وتطلق الذخيرة الحية.

واعتقلت السلطات العشرات وداهمت منازلهم، ومن بينهم نشطاء وصحفيون وعاملون في مجال حقوق الإنسان.

وتم الاعتداء بالضرب على اثنين من موظفي المفوضية الفلسطينية المستقلة لحقوق الإنسان واحتجزا.

وقال نيكولاي ملايدينوف، منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط "أدين بشدة حملة الاعتقالات والعنف الذي تستخدمه قوات الأمن التابعة لحماس ضد المتظاهرين، ومن بينهم نساء وأطفال".

وأضاف "شعب غزة الذي تحمل طويلا يحتج على الظروف الاقتصادية الصعبة وطالب بتحسين الأحوال المعيشية في قطاع غزة. أنه حقهم التظاهر دون خوف".

وتلقى حماس باللائمة على غريمتها فتح في تأجيج الاحتجاجات لزعزعة الأوضاع في غزة وتقويض سلطتها في القطاع.

ولكن بعض النشطاء انتقدوا كلا من فتح وحماس لإخفاقهما في وضع حد لخلافهما السياسي، واتهمواهما بعد الاكتراث بمعاناة الناس اليومية.

ويأتي الحصار الذي تفرضه كل من إسرائيل ومصر في صميم المصاعب الاقتصادية التي تواجه قطاع غزة، حيث يقيد بشكل كبير حركة الأشخاص والسلع. ورفعت حماس، التي تعاني من نقص كبير في السيولة، الضرائب مؤخرا، مما أدى إلى زيادة الأسعار بصورة كبيرة دفعت الكثير من الفلسطينيين إلى حافة الهاوية.

ويظهر تسجيل بالفيديو انتشر بصورة كبيرة على الإنترنت للاحتجاجات في غزة امرأة غاضبة من أن زوجها وأبناءها الأربعة لا يجدون عملا.

وتقول المرأة في الفيديو إن أبناء قادة حماس لديهم منازل وسيارات ويمكنهم الزواج، بينما لا يجد الناس العاديون شيئا، ولا حتى كسرة خبز.

وحاولت حماس تشتيت الانتباه عن حركة الاحتجاجات الجديدة.

ويوم الأحد في وقت مظاهرة "بدنا نعيش" نظمت حماس مسيرات احتفالا بهجوم شنه فلسطيني في الضفة الغربية، مما أدى إلى مقتل اسرائيليين اثنين.

وظهرت شروخ أخرى مؤخرا تشير إلى تزعزع سيطرة حماس على القطاع.

ويوم الخميس، بينما كان وفد مصري يسعى للوساطة لهدنة أطول أمدا بين حماس وإسرائيل، أُطلق صاروخان من غزة على تل أبيب للمرة الأولى منذ 2014.

إثر ذلك، بينما تدخل الجانب المصري في محاولة لتهدئة الأوضاع، تم تفسير إطلاق الصاروخين على أنه "خطأ"، وألغت حماس للمرة الأولى منذ عام الاحتجاج الأسبوعي قرب الجدار الاسرائيلي العازل.

وقال صحفيون اسرائيليون إن بلادهم الآن تواجه معضلة.

فبصورة عامة يعد قيام احتجاجات ضد حماس في غزة أمرا ترضى عنه إسرائيل، على أمل أن تؤدي الاحتجاجات إلى سقوط حماس.

ولكن إسرائيل تشعر بالقلق إزاء الاضطرابات قبل الانتخابات العامة التي من المقرر إجراؤها في إبريل/نيسان المقبل.