"لا أعرف كيف تمكنت من النجاة، فأنا لا أستطيع السباحة"، هكذا عبرت موازيزة أمباراجي، عن قصة نجاتها من أسوأ كارثة بحرية شهدتها موزمبيق، التي تقع على المحيط الهندي في شرق أفريقيا.

فقدت موازيزة 17 فردا من عائلتها غرقوا مع العبارة، يوم الإثنين، لتصبح الكارثة الأسوأ في تاريخ البلاد الحديث، والتي أدت إلى مقتل أكثر من 100 شخص.

اعتادت السيدة البالغة من العمر 47 عاما، السفر بانتظام على متن العبارة المؤقتة التي تنقل المواطنين بين مدينة لونغا، حيث ولدت، وجزيرة موزمبيق حيث تعيش.

وتتذكر تفاصيل الكارثة وأنه لم يكن هناك أية مقدمات لحدوثها، وتقول: "لم نشهد أي موجة بحرية مفاجئة، ولم نصطدم بأي صخور، ولم ينكسر الخشب".

وتابعت، "دخلت المياه إلى القارب لأنه كان مكتظا بالركاب، وأصيب الكثير من الناس بالذعر وبدأوا في القفز في البحر".

ثم تصف موازيزة ما شاهدته بعد ذلك، والذي كان أشبه بكابوس يختلط فيه الأحياء بالأموات، بينما كانت هي تكافح من أجل البقاء واقفة على قدميها.

وتقول إنها فقدت والدتها وأبيها وجدتها وبنات وأبناء إخوتها جميعا، ولا تدرك أي سبب لنجاتها من الكارثة، سوى أنها كانت "رحمة الله".

كانت العائلة في طريقها لزيارة السوق الأسبوعي الشعبي في جزيرة موزمبيق قبل عيد الفطر، وفقا لموازيزة.

وكان من المفترض أن تكون الرحلة في أجواء احتفالية خاصة بالنسبة لغالبية السكان المسلمين الذين يسكنون هذه المنطقة.

يتذكر مومادي إيسوفو، الذي هرع لإنقاذ الناس بمجرد سماعه نبأ غرق السفينة، يوم الإثنين: "شعرت بأنني محطم تماما من الداخل".

وقال، "رأيت الجثث متراكمة على الشاطئ، وكان بعضهم لأطفال لا تتجاوز أعمارهم ثلاث سنوات. وكان الناس مذعورين".

"لم يكن أملك خيارات، كإنسان كان علي أن أساعد. كان لا يزال هناك أشخاص في قوارب الإنقاذ، لذلك قمنا بنقل الجثث في شاحنتي إلى منازل أقاربهم".

وأوضح إيسوفو، 44 عاما، إن ابنة عمه الحامل كانت من بين القتلى. وقد أصابته هذه الكارثة بالاكتئاب وفقد القدرة على العمل.

ويريد إيسوفو من حكومة موزمبيق بناء جسر جديد من البر الرئيسي إلى الجزيرة، التي تعد أحد مواقع التراث العالمي لمنظمة اليونسكو، حتى لا يضطر الناس إلى ركوب القوارب الخطرة.

ساعدت عدة قوارب في نقل الأحياء والأموات إلى الشاطئ في جزيرة موزمبيق
Getty Images
ساعدت عدة قوارب في نقل الأحياء والأموات إلى الشاطئ في جزيرة موزمبيق

تعمل الآلاف من قوارب الصيد بشكل غير قانوني كعبارات لنقل الناس على طول ساحل البلاد البالغ طوله 2750 كيلومترا، وهو ما تعترف به الحكومة نفسها.

ويقول الركاب لبي بي سي إن المشغلين غير المنظمين، غالبا ما يحملون عدد كبير من الركاب أكثر من قدرة القوارب على الاستيعاب لزيادة أرباحهم.

فلماذا سمحت موزمبيق بحدوث ذلك؟ ما التعويض الذي سيحصل عليه ضحايا يوم الإثنين؟ وكيف ستمنع السلطات مثل هذه المأساة من الحدوث مرة أخرى؟

رفضت الحكومة في البداية الرد على طلب بي بي سي للتعليق. وقال مسؤول من الوكالة البحرية في البلاد لبي بي سي، إنهم "تلقوا تعليمات بعدم التعليق".

ومع ذلك، قال المسؤول المحلي في مقاطعة نامبولا، خايمي نيتو، لبي بي سي في وقت لاحق، "تم توفير وسائل النقل والغذاء والدعم النفسي للمصابين، كما تم توفير توابيت الموتى."

ولا يوجد حديث حتى الآن عن تعويضات أو مساعدات مالية.

وينتهي الحداد الوطني الذي دام ثلاثة أيام يوم الجمعة، ويجري حاليا تحقيق لمعرفة سبب الحادث وتقديم التوصيات.

كان التفسير الأولي الذي قدمته الحكومة لمأساة يوم الإثنين، هو أن أعداد كبيرة من أشخاص مذعورين كانوا يفرون من البر الرئيسي باتجاه جزيرة موزمبيق، بعد أن تم نشر معلومات كاذبة بشكل ضار تخبرهم بضرورة الذهاب إلى الجزيرة هربا من تفشي وباء الكوليرا المستمر.

وخلال زيارته لذوي الضحايا يوم الأربعاء، أدان رئيس موزمبيق فيليبي نيوسي، مروجي المعلومات المضللة، ووصفهم بأنهم "أصحاب نوايا سيئة يزرعون الخوف والرعب بين السكان".

وتعد حوادث غرق القوارب شائعة في موزمبيق، لكنها نادرا ما تؤدي إلى موت عدد كبير من المواطنين.

حتى الآن لا يزال عدد قتلى الكارثة غير محدد ومحل خلاف.

وقال مسؤول محلي تحدث إلى بي بي سي إن 115 شخصا لقوا حتفهم، وهو عدد أعلى بكثير من العدد الذي أعلنته الحكومة المركزية والذي بلغ 98 شخصا.

وقال إبراهيم محمد مونهيتي، زعيم مجتمع جيمبيسي، إن 150 شخصا كانوا على متن القارب عندما غرق. لكن الحكومة قالت إنه حمولته لم تتجاوز 130 شخصا.

وتم دفن العديد من ضحايا الحادث في جزيرة موزمبيق، بعضهم في قبر واحد، نظرا لأن الدين الإسلامي يستوجب الدفن السريع للموتي.

بالنسبة لأولئك الذين نجوا من الحادث فهم يعانون الآن، من ألم فقدان أعز ما لديهم، رغم سعادة البعض للبقاء على قيد الحياة.

تقول موازيزة أمباراجي: "لم يحن وقتي بعد، لقد كان الأمر بأمر الله".