الدار البيضاء : وصف دفاع معتقلي أحداث الحسيمة اتهام موكليهم بأنهم انفصاليون بالمزايدة السياسية.

وقال محام بهيئة الدفاع خلال تقديم دفوعاته الشكلية مساء الثلاثاء أمام هيئة محكمة الاستئناف إن محتجي الحسيمة "خرجوا في احتجاجات سلمية ضد سياسات عمومية وليس ضد الوطن أو الدولة، ولكن القائمين على هاته السياسات استغلوا موقعهم لتسخير الأمن والقوة العمومية ضد المحتجين واتهامهم بالإنفصال". واعتبر الدفاع أن الحكومة سخرت الأجهزة الأمنية التي تتحكم فيها لتصفية حساباتها السياسية.

وأشار الدفاع إلى أن احتجاجات الحسيمة سلطت الضوء على فشل المشاريع التنموية بالمنطقة، وأن مطالبهم تعلقت بالحق في الصحة والتعليم والتشغيل، وليس بالإنفصال عن الوطن. وطالب محام في هيئة الدفاع باستدعاء المفتش العام لوزارة الصحة والمندوب المحلي للوزارة ومسؤولين آخرين من طرف المحكمة للاستماع إلى شهادتهم حول تأخير إنجاز مشروع مستشفى معالجة السرطان في الحسيمة، مشيرا إلى أن هذه المنطقة تأوي أزيد من 70 في المائة من مرضى السرطان في المغرب بسبب تعرضها خلال عشرينات القرن الماضي للقصف بالمواد الكيماوية السامة من طرف الاستعمار الإسباني والفرنسي. 

وقال المحامي إن المواد الكيماوية التي أفرغها الإستعمار على المدنيين في الريف كانت لها تأثيرات جينية تسببت في تناقل مرض السرطان وراثيا لعدة أجيال متتالية من السكان. وأوضح المحامي أن إنشاء مستشفى متخصص في علاج مرض السرطان بالحسيمة يعتبر من المطالب الملحة للسكان في هذه المنطقة نظرا لانتشاره الكبير بين سكانها، التي لا تخلو فيها عائلة من إصابات بهذا المرض الخبيث، معتبرا أن تأخر إنجاز مشروع المستشفى المتخصص كان من أسباب تأجيج الإحتجاجات.

كما طالب الدفاع بالإستماع إلى خبراء في الإقتصاد حول مؤشرات التنمية بالمنطقة ومقارنتها بباقي المناطق، وذلك بهدف دحض إدعاء النيابة العامة في صك الإتهام بأن الإحتجاجات كانت نتيجة ترويج أفكار مغلوطة حول تهميش منطقة الريف في شمال المغرب. وطالبوا كذلك بالإستماع إلى خبراء في القانون حول مآل قانون إعلان المنطقة منطقة عسكرية في 1958، والذي يطالب المحتجون بإلغائه فيما تقول سلطة الإتهام إنه من بين المغالطات التي استعملت لتأجيج الإحتجاجات.

وطالب دفاع المتهمين بالحكم ببطلان كافة إجراءات المتابعة بسبب خرق القانون في مختلف مراحلها، انطلاقا من إلقاء القبض إلى الإعتقال الإحتياطي على ذمة التحقيق وتقديم المعتقلين إلى المحكمة، مشيرا إلى أن الاعتقالات تمت بشكل عشوائي ولم تحترم الضوابط القانونية، وتعرض المعتقلين للتعذيب وسوء المعاملة، وتصويرهم عراة خلال التحقيق من طرف الشرطة القضائية. وناقش الدفاع أيضا قانونية عمليات الإستماع للمكالمات الهاتفية للمتهمين ومدى مطابقتها للقوانين المعتمدة في هذا المجال.

وطالب الدفاع أيضا من المحكمة استدعاء كافة الأشخاص الذين ذكرت أسماؤهم في المحاضر بارتباط مع تلقي المحتجين مساعدات مالية لدعم الحركة الاحتجاجية، سواء الموجودين داخل المغرب أو خارجه، للاستماع إليهم كشهود. والتمس كذلك الإستماع إلى الأشخاص الذين ذكروا في المحاضر، والذين وجهت إليهم تهمة التحريض على الإنفصال، مشيرا إلى أن العديد من هؤلاء الأشخاص نفوا هذه التهم عبر تدويناتهم في شبكات التواصل الإجتماعي.

وأشار عضو في هيئة الدفاع إلى أن تهمة "المس بالديانة الإسلامية والملكية والوحدة الترابية" منصوص عليها في نصين قانونيين، الأول في القانون الجنائي وتتراوح عقوبتها بين 6 أشهر وعامين، والثاني في قانون الصحافة والنشر الذي لا يتضمن عقوبات سالبة للحرية وينص على معاقبة هذه الجريمة بغرامة مالية. وطالب الدفاع بتطبيق مبدأ متابعة المتهمين بالقانون الأصلح بالنسبة لهم، وهو قانون الصحافة والنشر في هذه الحالة.

كما طالب أعضاء هيئة الدفاع باستبعاد فصول المتابعة الأربعة التي تتعلق بالمس بأمن الدولة والتآمر، والتي تصل عقوبتها إلى الإعدام، معتبرين أنها تتناقض مع الدستور المغربي الذي ينص على أن القانون موجود ليحمي الحق في الحياة.

وقرر القاضي تأجيل مواصلة الإستماع للدفوعات الشكلية للمحامين إلى يوم الثلاثاء المقبل، وأيضا لردود النيابة العامة عليها قبل البت فيها والشروع في مناقشة الموضوع. كما قرر القاضي إرجاء البت في طلبات السراح المؤقت إلى يوم الخميس المقبل.

في غضون ذلك ، جرى الثلاثاء تسريب تسجيل صوتي لناصر الزفزافي، متزعم احتجاجات الحسيمة، يتكلم فيه عن الإستماع إليه من طرف ضباط الشرطة القضائية بأمر من النيابة العامة في موضوع تصريحات المحامي إسحاق شارية التي اتهم فيها إلياس العماري بالتورط في التحريض على التآمر ضد الملكية. وقال الزفزافي في تسجيله الصوتي أنه أكد للمحققين أن ما جاء في تصريح شارية "لا أساس له من الصحة" وبأنه "مجرد مغالطات وافتراءات".

وخلال الجلسة التي استمرت طيلة نهار اليوم، من العاشرة صباحا إلى السابعة مساءا، قدم الزفزافي عدة ملتمسات مكتوبة إلى هيئة المحكمة، منها ملتمس موقع مع 38 معتقلا آخر بعلنون فيه تبرأهم من تصريحات المحاميان شارية ومحمد زيان، بخصوص إتهام العماري بالتحريض ضد الملكية، ويعلنون فيه سحب تفويض الدفاع عنهم من المحاميين. كما قدم ملتمسا آخر يطالب فيه باستدعاء مجموعة من وسائل الإعلام المغربية التي اتهمها بنشر "معلومات مغلوطة وافتراءات" حول احتجاجات الحسيمة.