عبّر مرصد حقوقي عراقي عن استغرابه من بقاء المسؤولين عن احتلال داعش لمدينة الموصل أحراراً، ويُمارسون عملهم العسكري والسياسي بشكل طبيعي بعد ثلاث سنوات على احتلالها مطالبًا بمحاكمة 700 متهم من عناصر وضباط وزارة الدفاع بهذه الجريمة.

إيلاف من لندن: قال المرصد العراقي لحقوق الانسان في تقرير اليوم، لمناسبة مرور ثلاثة اعوام على احتلال داعش للموصل، واطلعت على نصه "إيلاف"، إنه لمن المؤسف بعد مرور ثلاثة أعوام على سقوط مدينة الموصل بيد تنظيم داعش لم يُقدم أي من المتسببين بذلك الى المحاكمة، ومازال كل من تحوم حولهم الشُبهات طُلقاء، ويُمارسون عملهم العسكري والسياسي بشكل طبيعي، وطالب بضرورة محاكمة 700 متهم من عناصر وضباط وزارة الدفاع بهذه الجريمة". 

كما دعا "المحكمة العسكرية بمحاكمة المتهمين من مراتب وزارة الدفاع خصوصًا، وان الحديث يدور عن اتهام 76 ضابطاً ميدانياً، بينهم قادة كبار، بالجريمة ذاتها".

كبار القادة العسكريين متورطون بسقوط الموصل

وشدد بالقول إن "على القضاء العسكري في وزارتي الدفاع والداخلية محاكمة نحو 700 ضابط مُتهم، بينهم كبار القادة الميدانيين، لمعرفة المتورطين منهم بسقوط المدينة، وفق أرقام جهاز الإدعاء العام العراقي".

وقال رئيس الادعاء العام في السلطة القضائية محمد قاسم الجنابي في تصريح صحافي في 11 يناير 2015، إن "القادة العسكريين وآمري الألوية تركوا مواقعهم في محافظة نينوى للعدو، ما تسبب بسقوط المحافظة بيد تنظيم داعش ". 

وأضاف أن "القضية برمتها تعد جريمة عسكرية متكاملة لا علاقة للقضاء والادعاء العام المدني فيها، وأن هناك محاكم عسكرية وفق قانون العقوبات العسكرية وقانون أصول المحاكمات الجزائية العسكري، الذي صدر عام 2007".

وأشار الجنابي إلى أن "هناك محاكم عسكرية ومحكمة تمييز عسكرية مختصة بالنظر بهذه الدعوى، وكذلك هناك مشاورية قانونية في وزارة الدفاع، وتوجد فيها محكمة عسكرية، لذا لا دخل للقضاء والادعاء المدني فيها".

واشار المرصد العراقي لحقوق الإنسان الى "إعلان جهاز الإدعاء العام أعداد المتهمين بسقوط المدينة في 10يونيو عام 2014، يضع القضاء العسكري أمام مسؤولية كبيرة في إستدعاء كل المتهمين لمحاكمتهم، وعلى الحكومة العراقية أيضاً عدم السماح للمتسببين بسقوط الموصل بالإفلات من العقاب". 

وقال إننا "نعتقد أن هناك إرادة سياسية تقف عائقاً أمام بدء المحاكمات العادلة للأشخاص المتهمين بسقوط الموصل، وهذا ما يؤشر على وجود موقفٍ سلبي من قبل الحكومة العراقية بهذه القضية". 

الافلات من العقاب لا يحقق استقرارًا للعراق

وأكد المرصد أن "الإفلات من العقاب لا يُمكن أن يضع العراق في مرحلة إستقرار أبداً، على العكس من ذلك، فالإفلات جائزة لمرتكبي الإنتهاكات والمتسبيين بقتل آلاف المدنيين الأبرياء". وأضاف أن "سقوط الموصل يتعلق بإنسحاب قطعات عسكرية وامنية ادى الى احتلالها من قبل تنظيم داعش، وهي بموجب المشرع العراقي جريمة عسكرية تخضع من ناحية الاختصاص الى القضاء العسكري".

ونوّه المرصد الى أن "من المستغرب بقاء جميع الأسماء التي وردت بالتقارير التحقيقية خارج إطار المحاسبة حتى اللحظة والأكثر من ذلك مازالت بعض القيادات السياسية والأمنية تُمارس عملها بمناصب عُليا في الدولة العراقية". واوضح "يُعاقب بالاعدام وفق قانون العقوبات العسكرية العراقي لسنة 2007 كل من "سعى لسلخ جزء من العراق عن ادارة الحكومة أو لوضع العراق أو جزء منه تحت سيطرة دولة اجنبية، وترك أو سلم الى العدو أو استخدم وسيلة لارغام أو اغراء آمر او شخص آخر ما، على ان يترك او يسلم بصورة تخالف ما تتطلبه المواقف العسكرية موقعاً او مكاناً او مخفرًا او حامية او حرسًا خفرًا".

كما يُعاقب بالإعدام كل "من سلم او سبب تسليم المعامل العسكرية المختصة بالعتاد وأدوات الحرب والمصانع ومخازن التعبئة ومن سبب او سهل استيلاء العدو على قسم من القوات العسكرية، بالإضافة إلى كل من كان آمرًا لموقع وسلمه الى العدو قبل ان ينفد كل ما لديه من وسائل الدفاع او اهمل استعمال الوسائل المذكورة".

وطالب المرصد العراقي لحقوق الإنسان محكمة قوى الأمن الداخلي بممارسة دورها بمحاكمة المتهمين من مراتب ومنتسبي وزارة الداخلية خصوصًا مع ورود معلومات عن وجود 700 متهم من عناصرها وضباطها بالجريمة". كما دعا "المحكمة العسكرية الى محاكمة المتهمين من مراتب وزارة الدفاع خصوصًا وان الحديث يدور عن اتهام 76 ضابطاً ميدانياً، بينهم قادة كبار، بالجريمة ذاتها".

محاكمة المالكي

وكان مجلس النواب العراقي صوّت في 17 اغسطس عام 2015 بالاغلبية على احالة التقرير النهائي للجنة التحقيق بسقوط مدينة الموصل على القضاء من دون قراءته. ويدعو التقرير الى محاكمة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي وعشرات من كبار المسؤولين الآخرين.

ويشير ملف التحقيق إلى أنّ المالكي لم يمتلك تصوراً دقيقاً عن خطورة الوضع الامني في نينوى، لانه كان يعتمد في تقييمه على تقارير مضللة ترفع له من قبل القيادات العسكرية والامنية دون التأكد من صحتها وغالباً ما تكون هذه التقارير عبر الاتصال الهاتفي المباشر بالقادة دون المرور بسلسلة المراجع.

 وأشار إلى أنّ المالكي كان يختار قادة وآمرين غير اكفاء مورست في ظل قيادتهم جميع أنواع الفساد، واخطرها تسرب المقاتلين أو كما تسمى بظاهرة الفضائيين، إضافة إلى عدم محاسبة العناصر الامنية الفاسدة من قبل القادة والامرين، والتي لها الدور الاكبر في اتساع الفجوة بين الاهالي والاجهزة الامنية.

وأشار إلى أنّ المالكي لم يتخذ قراراً حاسماً بعد انهيار القطعات العسكرية في الموصل يوم العاشر من يونيو عام 2014 لاعادة التنظيم للقطعات المنسحبة، وترك الامر مفتوحاً للقادة بأن يتخذوا ما يرونه مناسباً، امر غير صحيح، إضافة الى كونه لم يصدر الاوامر لمعاقبة المتخاذلين من القادة، الامر الذي ادى إلى انهيار القطعات في المناطق الاخرى خارج محافظة نينوى.

قائمة المتهمين

وتشير قائمة المتهمين إلى كل من: رئيس الوزراء السابق نوري المالكي.. رئيس اركان الجيش السابق الفريق بابكر زيباري.. قائد القوات البرية السابق الفريق اول ركن علي غيدان.. مدير الاستخبارات العسكرية السابق الفريق حاتم المكصوصي.. معاون رئيس اركان الجيش لشؤون الميرة السابق الفريق الركن عبد الكريم العزي.. قائد عمليات نينوى السابق الفريق الركن مهدي الغراوي.. قائد الفرقة الثالثة في الشرطة الاتحادية السابق اللواء الركن كفاح مزهر علي.. قائد الفرقة الثانية في الجيش العميد الركن عبد المحسن فلحي.. قائد شرطة نينوى السابق اللواء خالد سلطان العكيلي.. محافظ نينوى المقال أثيل النجيفي.. نائب محافظ نينوى السابق حسن العلاف.. قائد شرطة نينوى السابق اللواء الركن خالد الحمداني.. مدير دائرة الوقف السني في الموصل ابو بكر كنعان.. وكيل وزارة الداخلية السابق عدنان الاسدي.. آمر اللواء السادس في الفرقة الثالثة في الجيش سابقا العميد حسن هادي صالح.. بالإضافة إلى: آمر الفوج الثاني المسؤول عن حماية الخط الاستراتيجي في نينوى المقدم نزار حلمي.. آمر لواء التدخل السريع السابق العميد الركن علي عبود ثامر.. آمر مسؤول صحوة نينوى عضو مجلس العشائر انور اللهيبي.

ويسرد تقرير اللجنة تفاصيل الاحداث التي ادت إلى سقوط الموصل من جميع الجوانب السياسية والادارية والجغرافية والاجتماعية على نحو جريء جداً وتشخيص مواطن الخلل في الفترة السابقة وابان سقوط الموصل وما تلاها من ظروف، كما قال هوشيار عبد الله عضو اللجنة في تصريح للوكالة العراقية للانباء. وقد استكملت اللجنة جميع اعمالها رسمياً من خلال وجود ادلة ووثائق وبيانات واثباتات وافادات حول المسؤولية عن سقوط المدينة.

ويتضمن التقرير النهائي مئة صفحة احتلت الاستنتاجات عشرين صفحة منه، والتوصيات في خمس صفحات تقريبًا، بعد ان استدعت اللجنة التحقيقية خلاله وحققت مع شخصيات مدنية وعسكرية كبيرة من أجل التوصل إلى نتائج حقيقية .

وكان تنظيم داعش قد سيطر على مدينة الموصل في العاشر من يونيو عام 2014 عقب انهيار قطعات الجيش العراقي امام تقدمه، الامر الذي اتاح له تمديد هذه السيطرة إلى محافظات ديإلى (شرق) وكركوك (شمال شرق) والانبار وصلاح الدين (غرب).