نصر المجالي: في خطوة لافتة وغير مسبوقة، أثارت التساؤلات وحالة من الاستغراب في الشارع الأردني، ردت أميرة أردنية، على تصريحات لرئيس الحكومة عمر الرزاز حول الفساد ومطاردة المتورطين وجلبهم للمثول أمام القضاء.&

وقالت الأميرة بسمة بنت طلال، وهي عمّة العاهل الأردني، في ردها على رئيس الحكومة عبر منشور لها على حسابها الشخصي في (فيسبوك) وفي لغة غير معهودة في مخاطبة أفراد العائلة الملكية الهاشمية للشعب الأردني على مختلف مستوياته الرسمية وغيرها:" عـنـدما تـشـوّه سمعـة أحـد.. فتأكّـد أن دورك قـادم... فـكـمـا تـديـن تــدان" &كما أنها وضعت ترجمة للمنشور باللغة الإنكليزية (When you try to ruin someone’s reputation be sure your turn will come. What goes around comes around).&

وإلى اللحظة لم يصدر أي تعقيب من القصر الملكي أو رئاسة الحكومة على منشور الأميرة بسمة التي يبدو أنها ردت فيه على حديث الرزاز في محاضرة له في الجامعة الأردنية يوم أمس الأحد، حيث لفت إلى مراسلات مع الجهات المعنية في بريطانيا لاسترجاع&وليد الكردي المتهم بقضايا فساد ويطارده القضاء الأردني منذ 2013.

وأشار رئيس الوزراء في محاضرته إلى توجيهات "جلالة الملك الواضحة وضوح الشمس بخصوص محاربة الفساد، والتي لا تشوبها أي شائبة، وان لا أحد فوق القانون ولا حصانة لفاسد، مؤكدا " لن نكتفي بمحاربة ظاهرة الفساد فحسب بل سنتعقب جذورها أيضا".

جماعة غانمين

وعلى هذا الصعيد، نقل موقع (قناة رؤيا) الإخباري تعليقا لعضو مجلس النواب السابق الدكتور احمد الشقران عبر حسابه الشخصي في (فيسبوك) ردا على منشور الأميرة بسمة، إذ نشر صورة لما ذكرته الأميرة وقال ساخرًا: "هذا الرد على الرزاز.. أنا شخصياً سموك بقول الكردي ومطيع جماعة غانمين".

وتناقضت ردود فعل المعلقين على منشور الأمير بسمة، الذين بلغوا عشرات المئات بين مؤيد له في ردها على رئيس الحكومة وبين معارض&مؤكدا على ضرورة مطاردة الفاسدين.

وأكد الرئيس الرزاز، عدم إغلاق أي ملف فساد قبل استكمال كافة الإجراءات القانونية، بما في ذلك ملف الفوسفات والمتهم به وليد الكردي.

وهنا لا بد من التذكير بأن الأميرة بسمة بنت طلال، كان بعثت ببطاقة "معايدة" في العام 2015 لشخصيات سياسية وإعلامية، اعتبرها مراقبون بمثابة رفض للحكم الصادر ضد زوجها الكردي.
&
وبطاقة المعايدة التي وصفت وقتها بـ"الجريئة" استهلت بآية‏: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} إلى جانب صورة ضمت العائلة الكاملة للأميرة بما فيها زوجها رجل الأعمال وليد الكردي. وحينها قال المراقبون إن تضمين "الآية" في البطاقة، يدل حتما على رفض الأميرة مجددا للحكم الصادر على زوجها.

ملاحقة الكردي&

ويشار إلى أن مجلس الوزراء الأردني كان كلّف العام الماضي وزير العدل عوض أبو جراد، بالسير في الإجراءات لملاحقة وليد الكردي المحكوم عليه بالأشغال الشاقة لتورطه بقضايا فساد، واسترداده من بريطانيا.

وأصدرت محكمة جنايات عمّان في عام 2013 حكماً غيابياً على الكردي بالأشغال الشاقة الموقتة 22 عاماً ونصف العام، والأشغال الشاقة الموقتة 15 عاماً، في قضيتي بيع منتجات الفوسفات وعقود الشحن البحري، وتغريمه 285 مليون دينار.

وسعى الكردي في العام 2014 لعقد تسوية مالية لإغلاق القضية، لكنها منيت بالفشل، حسب ما ذكر محاميه آنذاك.

انتربول

وتم الطلب إلى وزير العدل بالتعميم على الكردي دوليّاً عن طريق منظّمة الشرطة الجنائيّة الدوليّة (الإنتربول) النشرة الدوليّة الحمراء، بما يتيح إلقاء القبض عليه، وصولاً إلى تسليمه للسلطات المختصّة في المملكة.&

كذلك كلف مجلس الوزراء، وزير العدل بمخاطبة وزير الداخليّة البريطاني لتسهيل إجراءات القبض على الكردي، واسترداده ومصادرة المبالغ المحكوم بها، ضمن القنوات الدبلوماسية.

ويرتبط الأردن مع بريطانيا باتفاقيّة "المساعدة القانونيّة المتبادلة في المسائل الجنائيّة"، والتي صادق عليها البرلمان الأردني في عام 2013، والتي بموجبها سلمت بريطانيا للأردن منظر التيار السلفي الجهادي عمر عثمان، الملقب بـ"أبو قتادة".

وأكدت الحكومة خلال مناقشة الاتفاقية في البرلمان، إمكانية الاستفادة منها لاسترداد الكردي، لكن إجراءات الملاحقة تأخرت قرابة أربع سنوات، الأمر الذي كان يرجعه معارضون إلى علاقة المصاهرة التي تجمعه بالعائلة المالكة.

وعقب صدور الحكم القضائي، ترددت أنباء عن تسهيلات منحت الكردي لزيارة المملكة، ولقاء عائلته من دون القبض عليه، وهو ما دأبت الحكومة الأردنية على نفيه.

محكمة أوروبية&

يذكر أن محكمة أوروبية كانت أصدرت العام 2016 قرارا بتبرئة رئيس مجلس ادارة شركة الفوسفات الاردنية الاسبق وليد الكردي مما نسب اليه بأن المبلغ المالي الموجود في حسابه متحصل من أفعال جرمية.

وحينها، قالت مصادر مطلعة إن حكمين قضائيين صدرا في دول الاتحاد الاوربي يقضيان ببراءة الكردي مما نسب إليه، وأشارت إلى أن ‏ محكمة استئناف اوروبية ‏ قضت بأنه ‏لا توجد أي وقائع او دلائل يمكن أن تقتنع بها المحكمة وتؤدي الى إصدار ‏القرار بأن المبلغ الموجود في الحساب متحصل من افعال جرمية. ‏‏كما أشارت المحكمة إلى أن ‏التهم الموجهة ‏للسيد الكردي لا تشكل جرما في ظل القوانين الأوروبية. ‏

وجاءت هذه الأحكام بالبراءة في قرارات قضائية ردا على طلب من بعض الجهات المختصة في الأردن بالحجز على حسابه البنكي، كما ‏قرر فيها المدعي العام الأوروبي وقف ‏أي إجراءات قضائية ضد الكردي ورفع الحجز عن حساباته ‏ومنحه حرية التصرف بالاموال الموجودة في الحساب، وأبلغ بها الجهات المعنية الأردنية.
&