الرباط: بعد خلاف بين مكوناتها، أرجأت لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب (الغرفة الأولى فيالبرلمان) المغربي، مساء الأربعاء، مناقشة مشروع الموازنة الفرعية للسلطة القضائية، إلى وقت لاحق بسبب غياب رئيسي السلطة القضائية والنيابة العامة.
وتزعم النائب عبد اللطيف وهبي المنتمي لحزب الأصالة والمعاصرة المعارض، الرافضين لتقديم وزير العدل محمد أوجار، مشروع الموازنة الفرعية للسلطة القضائية، مؤكدا أن هذا الأمر غير مقبول وفيه إشكال قانوني ودستوري.
وقال وهبي إن المجلس الأعلى للحسابات والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي مؤسستين دستوريتين مستقلتين، إلا أن رئيسيهما "يحضران للبرلمان لتقديم مشروع موازنتهما، رغم استقلاليتهما، ولماذا لا يأتي رئيس النيابة العامة هل هو (superman) الرجل الخارق.
وزاد مبينا أنه "لا يمكن أن نقبل بأن يفسر كل واحد الدستور على هواه"، وجدد التأكيد على موقفه الرافض لاستقلال النيابة العامة، حيث اعتبره "كارثة"، مبرزا أن "النيابة العامة تتصرف في أعراض الناس ومتابعتهم من دون حسيب أو رقيب، وتريد التصرف في أموال دافعي الضرائب دون رقابة، هذا غير مقبول".
ولوح وهبي بإمكانية اللجوء إلى تحكيم ملكي في الموضوع، حيث أشار إلى أنه يمكن أن يراسل رئيس مجلس النواب من أجل طلب "تحكيم الملك محمد السادس في ما يتعلق بالخلاف بين السلطة القضائية والسلطة التشريعية"، وزاد مبينا أن "رئيس الحكومة يأتي إلى البرلمان وهو المنصب الثاني في الدولة، والملك نفسه يأتي إلى البرلمان"، وذلك في إشارة إلى أن حضور رئيس النيابة العامة للبرلمان أمر ضروري.
وشدد وهبي على ضرورة اطلاع نواب الأمة على "تفاصيل ميزانية النيابة العامة، لأنها أموال دافعي الضرائب"، وأضاف "هل النيابة العامة سوق سوداء حتى لا نعرف تفاصيل ميزانيتها؟".
وفي الاتجاه ذاته، أيدت بثينة قروري، النائبة البرلمانية المنتمية لحزب العدالة والتنمية، ما ذهب إليه وهبي، حيث أكدت أن تقديم موازنة النيابة العامة من طرف وزير العدل "يطرح إشكالا دستوريا حقيقيا"، لافتة إلى أن قبول النواب السنة الماضية لهذا الأمر "كان استثنائيا ووافقنا على تقديم موازنة المجلس الأعلى للسلطة القضائية خارج القواعد الدستورية من مصلحة البلد".
وأكدت قروري أن السلطة القضائية بعدم الحضور بسبب تمسكها باستقلاليتها، يثير التساؤل، "لأنه من الأولى أن تدفع باستقلاليتها اتجاه السلطة التنفيذية"، مشددة على أن حضور رئيس النيابة العامة للبرلمان "لن يمس في شيء استقلالية القضاء لأن الاستقلالية متعلقة أساسا بالأحكام التي يصدرها القضاة كما أنه لن يخضع للمحاسبة والمساءلة".
وقالت قروري بشكل واضح "لا نريد أن تقدم الحكومة موازنة السلطة القضائية (النيابة العامة)، ونلتمس أن يحضر رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية، ليقدم ميزانيته الفرعية أمام اللجنة وأكيد أن هيبة السلطة القضائية ستبقى محفوظة"، حسب تعبيرها.
وفي المقابل، أيد نواب حزبي "التجمع الوطني للأحرار" و"الاتحاد الاشتراكي" تقديم وزير العدل لمشروع موازنة السلطة القضائية، حيث قال شقران إمام، رئيس الفريق الاشتراكي في كلمة أولى متسائلا "ما الذي يمنع رئيس السلطة القضائية أن يحضر ويقدم الميزانية؟ وهذا ينبغي ان يكون موضوع نقاش ولماذا لا يأتي؟".
وأضاف شقران أنه كيف ما كان الحال "الميزانية سنراقبها بحضوره أو عدمه وسنراقبها"، قبل أن يتراجع عن موقف بعد ذلك، ويعلن تأييد عرض مشروع الموازنة من طرف وزير العدل.
من جانبه، شدد ممثل فريق التجمع الوطني للأحرار باللجنة على "أن لا شيء يلزم رئيس السلطة القضائية بالحضور لمناقشة موازنة مؤسسته"، لافتا إلى أن إجباره على الحضور يقتضي "تقديم مقترح قانون يحدد ذلك وينص عليه بشكل صريح"، حسب تعبيره.
ولم يفلح محمد أوجار وزير العدل، في إقناع نواب بتقديم موازنة السلطة القضائية من دون حضور رئيسها، حيث خاطب أعضاء اللجنة قائلا: "ألح عليكم تكريما للسلطة القضائية أن أقدم ميزانيتها".
وأضاف أوجار أن المكانة الاعتبارية للسلطة القضائية واستقلاليتها تستوجب التقدير والاحترام اللازم لهذه المؤسسات، مبينا أن التجارب الفضلى في هذا المجال تبين أن "وزراء العدل هم من يقدمون الموازنة حفاظا واحتراما للوضعية الاعتبارية للمؤسسة القضائية".

وأشار أوجار إلى أنه سأل بهذا الشأن عددا من زملائه في دول أوروبية مختلفة أكدوا له أنهم يتكفلون بتقديم موازنة السلطة القضائية أمام البرلمان بأنفسهم،وقال إن "الممارسات الفضلى التي لا يمكن أن تشكك في فصل السلط فيها، رؤساء السلطة القضائية لا يحضرون في تقديم ميزانياتهم أمام البرلمان".
وزاد أوجار محاولا إقناع النواب" إننا لسنا بصدد مناقشة ميزانية ضخمة وإنما نشاطات معينة للسلطة، ألح عليكم وإن كان لابد من تعميق النقاش فلا نطيل فيه"، حيث اقترح التوقف لساعة ثم استئناف اللقاء، الأمر الذي رفضه النواب، قبل أن يتم إنهاء اللقاء وتأجيل الموضوع إلى وقت لاحق، سيتم تحديده بعد التوافق بين ممثلي الفرق البرلمانية في اللجنة حول الطريقة التي ستدبر بها المسألة.
&