الرباط: "لتعزيز التعايش الذي طبع التاريخ المغربي منذ قرون، بين مختلف الديانات خصوصاً بين المسلمين واليهود، وضمان نقل هذا الاستثناء إلى الأجيال الجديدة، وجعله رافعة للقيام بعمل مشترك من أجل محاربة كافة أشكال الإقصاء والوصم، والالتقاء حول المواطنة والهوية المغربية الغنية بروافدها الإفريقية والأندلسية والعبرية والمتوسطية"، تنطلق، عشية اليوم، الثلاثاء، بمراكش، تحت رعاية العاهل المغربي الملك محمد السادس، من تنظيم مجلس الجالية المغربية بالخارج بشراكة مع مجلس الجماعات اليهودية بالمغرب، فعاليات لقاء دولي، في موضوع "اليهود المغاربة: من أجل مغربة متقاسمة".

تمتين روابط

يهدف لقاء مراكش، حسب منظميه، إلى "توسيع مدى عملية التفكير"، في وسائل الحفاظ على الهوية المغربية في الخارج من خلال الإحاطة بتساؤلات، من قبيل: "ماذا يعني أن يكون المرء مغربياً في القـرن الواحـد والعشـرين، عندمـا يعيـش بعيـداً عـن الأرض التـي ولـد بهـا وعـن أصولـه؟" و"كيـف يمكـن للجاليـات المغربيـة بالخارج أن تقـوم بـدور صلـة الوصـل وقـوة اقتـراح لتمتيـن الروابـط بيـن البلـد الأصلي وأرض الاسـتقبال؟" و"كيـف نحافـظ علـى الاستثناء المغربي ونرتقي به إلى مستويات عليا؟".

حقل طموحات

يقول كل من عبد الله بوصوف الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج وسيرج بيرديغو الأمين العام لمجلس الجماعات اليهودية بالمغرب، في تقديم مشترك للتظاهرة، تحت عنوان "مستقبل الاستثناء"، إنه "من البداهة أنه من غير الممكن أن يكون هناك مستقبل مبني على الغموض وسوء التفاهم. فالعلاقات بين اليهود والمسلمين بالمغرب كانت بصفة عامة مزدوجة وجدانيا ومعقدة في غالب الأحيان. لكن القدرة على مناقشة ذلك بكل حرية هنا، من دون ممنوعات ودون طابوهات يغذي هذا الاستثناء ويؤكده. علينا القيام بواجب النقل، ذلك أنه إذا تجاوزنا الحنين والذكرى والقدرة على الاجتماع فيما بيننا والتحاور والتفكير معاً في المغرب، فإنه يتعين علينا أن نخلد ما يكَوّن خصوصيتنا. إذ يجـب علينـا أن نجعـل مـن المغـرب حقـل طموحـات وليـس مجـرد متحـف لحفـظ ذاكـرة جماعية"، مؤكدَيْن أهمية الرهان بالنسبة للمغرب ولجاليته اليهودية، باعتبارها "الجالية الوحيدة التي تشهد على الانسجام العربي اليهودي في أرض الإسلام"، و"كذلك لمختلف الجاليات عبر العالم"، مع تشديدهما على ضرورة "أن يكون أطفـال المغـرب قاطبة، سـواء كانوا يهوداً أو مسلمين، أينما حلوا وارتحلوا، في أوروبا وأميركا وإفريقيا أو في الشـرق الأوسـط، حاملـين لهـذا الاسـتثناء ومدافعـين عنـه ومشـجعين لـه".

تملك تاريخ مشترك

عن تنظيم اللقاء، الذي يتواصل إلى الأحد المقبل، يقول المنظمون إنه "يجــب علينــا، يهــوداً ومســلمين تملك تاريخنا المشترك من جديد وضمان نقله إلى الأجيال القادمــة وأن نجعــل منــه رافعــة للقيــام بعمــل مشــترك ومحاربــة كافــة أشــكال الإقصــاء والوصــم. فقــد قمنــا علــى مــا يبــدو بالاحتفــاء بشــكل مبالــغ فيــه بفروقنــا واســتثمرنا في خصوصياتنــا مــن دون أن نهتــم ببعــد أساســي يوحدنــا ويجمعنــا، ألا وهــو مواطنتنــا المغربيــة"، مشددين على أن المغرب يشــكل "استثناء" في العالــم العربــي، وأن الطموح يتمثــل في "الاحتفــاء معـاً بهــذه المثاليــة وضمــان دوامهــا ضمــن منظــور يســعى إلــى التقاســم والمشــاركة".

ياحسرة .. تلك الايام&

يشارك في الملتقى أزيد من 200 شخص، مغاربة يهود ومسلمون من المغرب ومن الخارج، بينهم شخصيات من المجتمع المدني ومدرسون وأساتذة جامعيون ومؤثرون في الرأي العام وزعماء من عالم الأعمال وصحافيون وباحثون وفنانون، فيما يشهد البرنامج تنظيم جلسات علمية تتناول "واقع وتحديات المغرب المعاصر" و"كتابة تاريخ يهود المغرب" و"إدراكات وتمثلات حول اليهودي في الإنتاج الأدبي والسينمائي والإعلامي بالمغرب" و"وصلة الشباب: جنبا إلى جنب، وجها لوجه، معا وبشكل منفصل، كيف يبنى المستقبل؟" و"اليهود المغاربة : قوة اقتراح، قوة تعبئة" و"المغرب في العالم: تحديات وآفاق"، فضلا عن ومحاضرات وورشات للتفكير المشترك، بالإضافة إلى عرض أشرطة وثائقية، بينها "المغاربة اليهود، مصائر محبطة" و"يا حسرة… دوك ليام"، ( يا حسرة.. &تلك &الايام ) ومعارض فنية تشمل، على الخصوص معرضاً من تنظيم وزارة الثقافة والاتصال، تحت عنوان "مسارات اليهود المغاربة بالأطلس والصحراء لإلياس هروس، وآخر من تنظيم مجلس الجماعات اليهودية بالمغرب ومؤسسة التراث الثقافي اليهودي المغربي، تحت عنوان "إعادة تأهيل التراث الثقافي اليهودي المغربي: معابد ومقابر"، تستعرض محطات تاريخية من حياة اليهود في المغرب وتبرز قيم التعدد والتعايش التي تطبع المجتمع المغربي.