استذكارًا لماري كولفين التي قُتلت في حمص في عام 2012، يعرض فيلم "حرب خاصة" عن المراسلات الحربيات اللواتي لا يتعرضن للموت فحسب، بل للتحرش الدائم.

لندن: افتُتح في الولايات المتحدة أخيراً العرض الأول لفيلم "حرب خاصة" عن الصحافية الاميركية ماري كولفين التي قُتلت في حمص في عام 2012. وكانت كولفين التي عاشت في لندن تغطي الحروب والبؤر الساخنة أينما تشتعل.

تتذكر جنين دي جيفاني، الباحثة الآن في معهد جاكسون للشؤون الدولية التابع لجامعة ييل، أنها طافت العالم مع كولفين على امتداد ثلاثة عقود بدءًا بحرب البلقان، ثم جرائم الإبادة الجماعية في أفريقيا والحروب الأهلية بمشاركة جنود اطفال، وبعد ذلك حربي أفغانستان والعراق في أعقاب هجمات 11 سبتمبر، وأخيرًا انتفاضات الربيع العربي.

أكثر احترامًا

تكتب دي جيفاني في "واشنطن بوست" أنها وكولفين كانتا تنتميان إلى نادِ فريد من نوعه، هو "نادي المراسلات الحربيات".

فيلم "حرب خاصة" يستعيد العديد من المحطات في حياة كولفين، ضمنها نوبات الكآبة والعلاقات الفاشلة والوحدة الناجمة عن الذهاب في مهمات صحفية تستمر شهورًا متواصلة من العيش على المعلبات وارتداء الملابس الوسخة نفسها والبقاء اسابيع بلا استحمام، ناهيكم عن التعرض لإطلاق النار والإصابة. وكانت كوفين فقدت إحدى عينيها في سريلانكا في عام 2001. &

لكن دي جيفاني تأخذ على فيلم "حرب خاصة" إغفاله مشكلة التحرش الجنسي الذي كان يقترن بعمل المراسلة الصحافية. تكتب أن انطلاق حركة "أنا أيضًا" في العام الماضي ذكَّرها بأن التحرش الجنسي كان رفيق الصحافيات، لكنهن كن لا يشكون إلا في ما بينهن. وهي تؤكد أن الجنود وأسياد الحرب الذين عملت بجانبهم كانوا أكثر احترامًا معها من بعض زملائها الرجال.

تمييز جندري

كانت الصحافيات من هذا الطراز نسويات يعتقدن أن بمقدورهن أداء عمل الرجل، وأن يُعاملن على قدم المساواة. لكن الواقع كان يختلف تمامًا. كانت المراسلة معتادة على تقاضي راتب أقل من راتب زميلها عن أداء نفس العمل. وكانت تواجه معايير مزدوجة بشأن حياتها الشخصية.

تكتب دي جيفاني أن بعض زملائها كانوا في أحيان كثيرة لديهم زوجات في البيت وعشيقات في الخارج. لكن هذا كان ممنوعًا على الصحافية المطلوب منها أن تعيش حياة راهبة، وإلا فإن صفة العهر جاهزة.

مما تتذكره دي جيفاني أن صحيفة لندنية نشرت مادة تشهيرية عنها مع صورة مثيرة جنسيًا. لكن المحامي حذرها من أن إقامة دعوى تعني كشف حياتها الخاصة في العلن. ورغم أنها لم يكن لديها ما تخفيه، فإن نصيحة المحامي كان أن تعود إلى البيت وتستمر في عملها، وكأن شيئًا لم يكن.

أنا أيضًا

تعترف دي جيفاني بأن حركة "أنا أيضًا" أربكتها، وبوصفها نسوية من المدرسة القديمة، تساءلت إن طال سكوت المرأة عن التحرش الجنسي من دون احتجاج أو شكوى. وفي حين أنها ترحب بحقيقة أن الحركة تدافع عن المرأة الضعيفة التي لا تملك الامكانات المادية أو القدرة على ملاحقة معذبيها، فإن ما يقلقها هو أن يشغل ذلك المرأة عن التركيز على أهدافها والعمل لتحقيقها.

تتابع دي جيفاني أنها أمضت أسابيع تغطي حرب افغانستان برفقة الجنود الأفغان بعد سقوط طالبان في عام 2001، وكانت تلك أسابيع من التحرشات والتعليقات على جسدها. ذات يوم، عندما وضع أحد الجنود يده على مؤخرتها، نفد صبرها واستدارت لتوجه اليه لكمة في وجهه.

تكتب دي جيفاني أنها كانت محظوظة لأن الجندي لم يقتلها ومنذ ذلك الحادث اصبحت معروفة بين جنود الوحدة بأنها الفتاة التي ردت على التحرش بـ "لكمة". وكانت تلك نسختها المصغرة من حركة "أنا أيضًا"، لكن الوقت لم يسمح لها بتطويرها، فعادت إلى مزاولة عملها كما في السابق.

أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن "واشنطن بوست". الأصل منشور على الرابط:

https://www.washingtonpost.com/news/global-opinions/wp/2018/11/02/remembering-marie-colvin-female-war-correspondents-and-metoo/?utm_term=.b7a0fa304a55

&