قال الدكتور محمد حمزة، عميد كلية الآثار في جامعة القاهرة سابقًا وأستاذ الآثار والحضارة الإسلامية إن "80% من الآثار الإسلامية في القاهرة تعاني من الإهمال المتعمد من جانب الدولة، فقد بنيت على أرضها أبراج سكنية بعد ثورة يناير".

إيلاف من القاهرة: أشار إلى أن المسجل لدى الدولة هي الآثار الإسلامية الموجودة في القاهرة، وعددها ألف أثر إسلامي معماري ثابت، وهناك آثار إسلامية منذ ثورة 52 وضعت تحت سيطرة جهات حكومية ورئاسية، مثل القصور الرئاسية جميعها. &

وأكد الدكتور محمد حمزة في حواره مع "إيلاف" أن الدولة لم تستثمر بعد الآثار الإسلامية، وخاصة الشيعية، في جذب السياحة الخارجية إلى مصر، في ظل تعثر السياحة الشاطئية في شرم الشيخ منذ سقوط الطائرة الروسية. وللمزيد من المعلومات إلى نص الحوار:

هل يوجد حصر كامل للآثار الإسلامية في مصر؟
أهم ما يميّز الآثار الإسلامية أن معظمها ثابت وظاهر، والقليل جدًا منها الذي لم يكتشف بعد، والمسجل رسميًا لدى وزارة الآثارالمصرية هي الآثار الإسلامية الموجودة في القاهرة، وعددها ألف أثر إسلامي معماري ثابت، منها 19 أثرًا من عهد عصر الولاة، و27 أثرًا من عهد الدولة الفاطمية، بينما هناك 255 أثرًا من العهد المملوكي، و307 من العصر العثماني، و250 أثرًا من عهد محمد علي، وهناك آثار إسلامية منذ عهد محمد علي باشا غير مسجلة لدى الدولة، وخاصة القصور التي دخلت إلى المنفعة العامة بعد قيام ثورة يوليو، فأصبح بعضها مقرًا للأحزاب والوزارات والمدارس التعليمية والجامعات؛ لذلك فقدت القيمة الفنية والمعمارية، فتلاعب العنصر البشري أضاع القيمة الأثرية للقصور الملكية في مصر.

وماذا عن الآثار الإسلامية التي وضعت تحت سيطرة رئاسة الجمهورية والحكومة؟
هناك آثار إسلامية منذ ثورة 52 وضعت تحت سيطرة جهات حكومية ورئاسية، مثل القصور الرئاسية جميعها، كما إن هناك آثارًا إسلامية تحت سيطرة وزارة الإسكان والأوقاف والتربية والتعليم والداخلية والثقافة، فضلًا عن وجود عملات معدنية وبرديات تعد آثارًا إسلامية غير مسجلة، وتمتلئ مصر بالعديد من القصور البديعة وفي منتهى الروعة والجمال، خلفها عصر العائلة العلوية التي حكمت مصر في الفترة ما بين عامي 1805 إلى 1952بعد قيام ثورة يوليو، اتخذت بعضها قصورًا رئاسية، والمعروف منها قصر عابدين وقصر الاتحادية وقصر القبة وقصر الطاهرة وغيرها.&

أما باقي القصور الملكية في مصر فأصابتها اللعنة وتحولت إلى وزارات وجامعات ومدارس، مما أدى إلى سرقة مقتنياتها والتعدي عليها وتغير معالمها وانهيار بعضها، رغم أنها مسجلة كأثر داخل وزارة الآثار المصرية، ومن المنتظر عقب نقل نظام الحكم في العاصمة الإدارية الجديدة خلال عامين 2020 عودة القصور الرئاسية مجددًا إلى وزارة الآثار، وبالتالي دخول مصر إلى عالم سياحة القصور الرئاسية، كما يحدث في عدد من دول العالم، وهو نوع جديد من السياحة سيحقق عائدًا ماديًا كبيرًا للبلاد.

ما مدى اهتمام الدولة بالآثار الإسلامية في مصر؟
80 % من الآثار الإسلامية في مصر مهملة، خاصة وأنها تتوسط العمارات والمباني؛ لذلك ردمت بـ"الزبالة" وبرك المياه الجوفية، فشهدت الآثار الإسلامية في القاهرة تعديات بعد ثورة يناير، وخاصة في مناطق الجمالية والقلعة والدرب الأحمر ومنشية ناصر، الأمر الآخر والأهم أن هناك ترميمات تمت لبعض الآثار بشكل مخالف تمامًا، كما حدث في ترميم شارع المعز، فعمليات الترميم كانت شكلية قضت على الشكل الأثري للمكان، وهناك العديد من الآثار الإسلامية، وخاصة الجبانات، التي قد تم الاستيلاء عليها &وسرقتها والبناء عليها.

وأين دور وزارة الآثار من ذلك؟
وزارة الآثار لا تقوم بدورها تجاه حماية الآثار في مصر، والعمل على استغلالها واستثمارها، فتحوّلت إلى وزارة خدمية فقط، بالرغم من أن الآثار المصرية قد تحقق دخلًا يقدر بـ 100 مليار جنيه سنويًا، لو تم استثمارها بشكل جيد؛ لذلك يجب أن يصدر مجلس النواب قانونًا خاصًا بالآثار، يحدد طرق استثمارها وفرض جزاءات صارمة على من يتعدى عليها، كما يجب على الدولة إدراج وزارة الآثار ضمن المشروعات القومية، وإعادة النظر فيها على أنها صناعة واقتصاد واستثمار، وإنجاز خريطة أثرية إيضاحية لكل المواقع الأثرية، إضافة إلى توثيقها طبقًا لتقنيات وأساليب علمية حديثة، كما يجب استحداث إدارة أو مجلس قومي للتسويق السياحي للآثار.

بم تفسر عدم استثمار الآثار القبطية، وخاصة مسار العائلة المقدسة، بالشكل الأمثل في مصر؟
الكنيسة مسيطرة على أكثر من مائتي أثر، ووزارة الآثار ليست لديها سيطرة عليها، وبالفعل لم يتم استثمار الآثار القبطية المنتشرة في مصر بالشكل الأمثل حتى الآن، وخاصة في سيناء، وتحديدًا دير سانت كاترين، كما لم يتم الاستثمار السياحي لمسار العائلة المقدسة، والذي قد يتوافد ملايين الأقباط من الخارج لزيارة خط سير العائلة المقدسة، والتي استقرت 3 سنوات و6 أشهر داخل مصر، مما يؤهل مصر إلى أن تكون مزارًا للسياحة المسيحية في العالم، وأشهر المعالم المرتبطة بتلك الرحلة كنيسة السيدة العذراء، والشهيد أبانوب في سمنود في منطقة وسط الدلتا.

كيف يتم تهريب الآثار المصرية إلى الخارج وسرقتها من المتاحف؟
هناك نوعان من سرقة الآثار، منها: الحفر سرًا أسفل المنازل، وهو ما يكتشف بين الحين والآخر، على أن يتم تهريب تلك الآثار عبر الموانئ أو الحدود، وهناك 14 ألف قضية سرقة آثار تم تهريبها.

أما النوع الثاني، فهو&الذي يتم تهريبه من المخازن والمتاحف، باستغلال الآثار غير المسجلة عبر الموظف المسؤول أو أمين العهدة الذي يقوم بوضع أثر مقلد مكان الآخر بسبب عدم تسجيله، فمثلًا المتحف الإسلامي به مائة ألف أثر إسلامي، والمسجل منه ألفان فقط، في حين أن هناك مائة ألف قطعة غير مسجلة داخل مخزن المتحف معرّضة للسرقة والتهريب ووضع آثار مقلدة مكانها.

إلى أي مدى تخشى الدولة من رواج السياحة الشيعية في مصر؟
هناك 30 أثرًا شيعيًا في مصر، منذ عهد الدولة الفاطمية، من أشهرها باب المتولي وزويل والحاكم والأقمر ومشهد الجيوشي في المقطم، بجانب مشاهد ومقامات آل البيت، وعلى رأسهم مشهد يحيى الشبية وأولاده، وجامع الأزهر أصله شيعي، ولكنه تحوّل إلى منارة السنة بفضل الأزهر، والشيعة ليست لديهم سيطرة حقيقية على المساجد، لكن طائفة البهرة تحملت تكلفة ترميم بعضها، والسياحة الشيعية بالفعل تستطيع تحقيق رواج كبير لمصر، خاصة زيارة مقامات أولياء الله الصالحين وآل البيت، وعلى رأسهم مشهد الحسين، لكن بشكل عام يجب استثمار كل الآثار الإسلامية سياحيًا من قبل الدولة، وبشأن المخاوف من دخول السياحة الشيعية لمصر، فإنه يمكن ضبط ذلك عن طريق قانون صارم يلتزم به السائح المسلم الشيعي.

هناك تشكيك في وجود الآثار النبوية الشريفة في مسجد الإمام الحسين في القاهرة، فما حقيقة ذلك؟
هذه الآثار ثبت تاريخيًا أنها تعود إلى النبي محمد، وأنها كانت عند (بني إبراهيم) بينبع، وقد نقلت ملكيتها لهم بالميراث عن آبائهم وأجدادهم الأولين في أجيال متعاقبة تمتد إلى زمن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم).

وظلت تلك الآثار لديهم حتى اشتراها منهم الوزير المصري الصاحب تاج الدين ابن حنا، وكان ذلك عام 625 هجري، وبنى لها السلطان قنصوة الغوري في أوائل القرن العاشر الهجري قبة عظيمة تجاه مدرسته في شارع الغورية الآن؛ لتظل محفوظة فيها أكثر من ثلاثة قرون، إلى أن تم نقلها إلى مسجد السيدة زينب، ثم نقلت بعد ذلك إلى مسجد الإمام الحسين في موكب عظيم عام 1888.

&

&&