تبدأ الخميس في السويد مفاوضات حاسمة برعاية الأمم المتّحدة بين السلطات اليمنية المدعومة من السعودية والحوثيين الذين تساندهم إيران، بهدف إنهاء النزاع الدامي في هذا البلد وسط أزمة إنسانية هي الأسوأ في العالم.

إيلاف: تشكل هذه المفاوضات أفضل فرصة حتى الآن لإعادة تحريك جهود السلام في أفقر بلدان شبه الجزيرة العربية، في وقت تقول منظّمات إنسانية إن عدد الضحايا في هذا البلد يفوق بكثير العشرة آلاف قتيل، الذين أحصتهم منظمة الصحة العالمية منذ تدخل التحالف الذي تقوده السعودية في الحرب في مارس 2015 دعمًا للحكومة المعترف بها دوليًا، بعد سيطرة الحوثيين على مناطق واسعة، بينها العاصمة صنعاء.&

لكنّ المراقبين، كما أطراف النزاع، لا يتوقعون تحقيق اختراق في هذه المفاوضات، الأولى من نوعها منذ 2016 عندما فشلت محادثات استمرت أكثر من مئة يوم في الكويت في إنهاء الحرب، التي دفعت 14 مليون يمني إلى حافة المجاعة، وفق تقديرات الأمم المتحدة.

وتوجّه مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث شخصيًا إلى صنعاء لاصطحاب وفد الحوثيين، الذي وصل معه إلى السويد مساء الثلاثاء، في طائرة خاصة كويتية. ووصل ممثلو الحكومة، الذين انطلقوا من الرياض، إلى ستوكهولم، مساء الأربعاء.

حذر متبادل
أعلن غريفيث رسميًا في تغريدة مساء الأربعاء "استئناف العملية السياسية بين الأطراف اليمنية في السويد يوم 6 ديسمبر". وتجري المباحثات، التي لم تعرف مدتها بعد، قرب ريمبو في مركز المؤتمرات في قلعة يوهانسبرغ على بعد ستّين كيلومترًا شمال ستوكهولم وقد فرضت الشرطة طوقًا أمنيًا حول الموقع.&

أعرب الطرفان اليمنيان قبل مغادرة الوفدين إلى السويد عن آمال حذرة. فقال المتحدّث باسم الحوثيين محمد عبد السلام في تغريدة "لن ندّخر جهدًا لإنجاح المشاورات وإحلال السلام وإنهاء الحرب العدوانية وفكّ الحصار. أيدينا ممدودة للسلام"، لكنه دعا المقاتلين الحوثيين إلى البقاء متيقظين إزاء أي محاولة للتصعيد من الجانب الآخر.

في المقابل، قال وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني في تغريدة إن الوفد الحكومي يحمل معه "تطلعات الشعب اليمني بإنهاء الانقلاب واستعادة الدولة".

آمال ضئيلة جدًا
لم يحدد محللون ومصادر الأمم المتحدة أهدافًا طموحة لهذه المحادثات غير المباشرة، التي قالوا إن الهدف منها هو "بناء الثقة" بين الطرفين.

وقالت مصادر مقربة من الحوثيين إنهم سيطلبون إعادة فتح مطار صنعاء الدولي، الذي تضرر جراء الغارات السعودية، وأغلقته الرياض وحلفاؤها منذ ثلاث سنوات، في إطار التحالف العسكري الذي يسيطر على أجواء اليمن.

وقال مصدر في الوفد الحكومي إن الرئيس عبد ربه منصور هادي يريد الحصول على خرائط الألغام. وذكرت مصادر في الجانبين أنهما سيطالبان بوقف لإطلاق النار، على أن يبدأ الطرف الآخر به، وبفتح ممرات إنسانية.

صرح مصدر دبلوماسي في مجلس الأمن الدولي لوكالة فرانس برس أن لديه "آمالا ضئيلة جدًا" في أن تفضي هذه المحادثات إلى تقدم ملموس. وفشلت مساعٍ سابقة قام بها غريفيث إلى عقد مفاوضات سلام في سبتمبر في جنيف عند رفض الحوثيين مغادرة صنعاء في غياب ضمانات للعودة إليها، وعند مسألة إجلاء مصابين من الحوثيين إلى عمان.

كما أُعلن الثلاثاء عن توقيع اتفاق بين الحكومة والحوثيين لتبادل مئات الأسرى، تحت إشراف الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر.&

قال مسؤول ملف الأسرى في فريق مفاوضي الحكومة هادي هيج لوكالة فرانس برس إن الاتفاق يشمل الإفراج عن 1500 إلى 2000 عنصر من القوات الموالية للحكومة، و1000 إلى 1500 عنصر من الحوثيين.

كارثة إنسانية
وشهد الوضع في اليمن المزيد من التدهور في الأشهر الأخيرة، لا سيما مع تصاعد أعمال العنف في مدينة الحديدة الساحلية، التي يسيطر عليها الحوثيون، ويمر عبر مينائها القسم الأكبر من المساعدات الإنسانية.

تقول الأمم المتحدة إن حوالى 80% من سكان اليمن، البالغ عددهم الإجمالي حوالى 24 مليون نسمة، "بحاجة الآن إلى شكل من أشكال الرعاية والمساعدة الإنسانية". وأعلنت الأمم المتحدة الثلاثاء أن الأزمة الإنسانية في اليمن ستتفاقم في 2019، محذرة من أن عدد&من يحتاجون مساعدات غذائية سيرتفع بنحو أربعة ملايين شخص.

وقال المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة ديفيد بيزلي الثلاثاء إنه من المتوقع تسجيل "زيادة حادة في معدلات الجوع" في البلاد، التي يقدر أن ترتفع من ثمانية ملايين حالة إلى 12 مليونًا، وفق إحصائية تتعلق بالأمن الغذائي سيتم نشرها في وقت لاحق من هذا الأسبوع. وأكد أن "هذا ليس بلدًا على حافة الكارثة، بل يعاني من كارثة".

فكروا في الأطفال
دعا مسؤول اليونيسف في المنطقة غيرت كابيليري الأربعاء طرفي النزاع، "اللذين يتوجهان إلى السويد إلى التفكير أولًا في أطفال" اليمن، الذين "ينام سبعة ملايين منهم كل مساء وهم يعانون من الجوع".

ودعا المجلس النروجي للاجئين الأربعاء الطرفين إلى إنهاء المعارك. وقال إن "المتحاربين يجب أن يتفاهموا على وسائل إعادة فتح كل المرافئ وتأمين استقرار الاقتصاد الوطني الذي ينهار، وفي الوقت نفسه تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية بشكل كامل وبلا عراقيل".
&