رحّب الخبراء السياسيون والاستراتيجيون بتأسيس اتفاق كيان البحر الأحمر، الذي أعلنت عنه المملكة العربية السعودية، والذي يهدف إلى تعزيز الأمن والاستثمار والتنمية في الدول المشاطئة للبحر الأحمر.

إيلاف من القاهرة: وصف الخبراء الاتفاق، الذي يضم كلًا من مصر والسعودية والسودان وجيبوتي واليمن والصومال والأردن، بـ"التاريخي"، معتبرين أنه يعد كيانًا جديدًا لحماية التجارة العالمية في منطقة البحر الأحمر، وردًا قويًا على التهديدات الأمنية الإيرانية والتركية في تلك المنطقة.

ففي خطوة تاريخية مهمة، قالت وزارة الخارجية السعودية: "إن سبع دول عربية اتفقت في المملكة، وبحضور العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، على كيان البحر الأحمر وخليج عدن، والذي يضم السعودية ومصر والسودان وجيبوتي واليمن والصومال والأردن".&

تناغم في التنمية
وأكدت أن الكيان يهدف إلى حماية التجارة العالمية وحركة الملاحة الدولية، وتعزيز الأمن والاستثمار والتنمية لدول الحوض، كما أن "كيان البحر الأحمر" يعتبر مبادرة من الملك سلمان لتحقيق الاستقرار في المنطقة. حضر اجتماع التأسيس للكيان العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، ووزراء خارجية كلٍ من مصر وجيبوتي والصومال والسودان، ونائب وزير الخارجية اليمني، والأمين العام لوزارة الخارجية الأردني.

من جانبه، أكد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أن إنشاء كيان في حوض البحر الأحمر سيساهم في تعزيز الأوضاع الاقتصادية والبيئية والأمنية للمنطقة.

واعتبر أن الكيان الجديد سيساهم في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، إضافة إلى إيجاد تناغم في التنمية بين الدول في المنطقة الحساسة، والمساهمة في منع أي قوى خارجية تستطيع أن تلعب دورًا في المنطقة.

تحالف استراتيجي
من جانبه، أكد&نائب وزير الخارجية اليمني السفير محمد بن عبدالله الحضرمي حرص السعودية على أمن الدول العربية والأفريقية المشاطئة للبحر الأحمر وخليج عدن، ما&أثمر عن&تأسيس هذا الكيان. وأكد الحضرمي أن الكيان سيسهم في أمن المنطقة، ويحقق تطلعات الشعوب في المجالات الأمنية والسياسية والاقتصادية.

بدوره، أشاد وزير الخارجية والتعاون الدولي في الصومال أحمد عيسى عوض بالدور القيادي المهم للملك سلمان في تأسيس الكيان.&
وقال: "نشكر الملك سلمان على الدور الذي يبذله في تأسيس هذا الكيان؛ لإيجاد الاستقرار في الممرين البحر الأحمر وخليج عدن"، مبيّنًا أن الصومال ترغب في أن تكون العاصمة السعودية الرياض مقرًا لهذا الكيان.

ترحيب مصري
وكان سامح شكري وزير الخارجية المصري قد شارك في الاجتماع الوزاري التشاوري للدول الأفريقية والعربية المشاطئة للبحر الأحمر في مدينة الرياض في المملكة العربية السعودية، وذلك لبحث تفعيل التعاون المشترك بين الدول المشاطئة للبحر الأحمر في المجالات كافة.&

وأكد شكري خلال الاجتماع على أهمية تعزيز التعاون والتكامُل الاقتصادي بين الدول المشاطئة للبحر الأحمر في كل المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، منوهًا بوجود العديد من فرص التعاون بين دول المنطقة، التي تتطلع مصر إلى استثمارها من أجل غدٍ أفضل لشعوب المنطقة.

فوائد كبيرة &
وصرح المستشار أحمد حافظ، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، أن الاجتماع يأتي في إطار سلسلة من الاجتماعات التي تهدف إلى بحث التعاون وتعزيز التنسيق المشترك بين الدول الأفريقية والعربية المشاطئة للبحر الأحمر، باعتباره شريانًا مائيًا مهمًا في مجال التجارة والمواصلات الدولية، مشيرًا إلى أن مصر كانت قد استضافت الاجتماع الأول للدول العربية والأفريقية المشاطئة للبحر الأحمر يومي 11 و12 ديسمبر 2017، وسوف تستضيف الاجتماع المقبل لهذه الدول قريبًا في القاهرة لاستكمال المناقشات.

مردود إيجابي
يرى السفير صلاح فهمي، مساعد وزير الخارجية السابق، أن هذا الكيان سيكون له مردود إيجابي ومكاسب عديدة لجميع الدول المشاركة فيه، سواء على المستوى الأمني أو التجاري، فللمرة الأولى تبحث الدول العربية المشاركة في الكيان التعاون في ما بينها بما يكون تحالفًا عربيًا قويًا على المستوى الأمني والتجاري، خاصة أن عرب المتوسط لديهم كيان يضمهم، ومن ثم كانت هناك ضرورة لتشكيل هذا الكيان، الذي طالب به الكثيرون من قبل.

وأكد مساعد وزير الخارجية السابق، لـ"إيلاف" أن تشكيل هذا الكيان العربي سيحقق رواجًا اقتصاديًا على المدى القريب، حيث سيكون هناك تبادل كبير على المستوى التجاري بين الدول السبع المشاركة في الكيان، بما يعود بالفائدة على التجارة العربية وكذلك العالمية وعلى مصالح تلك الدول المكونة للكيان.

تابع قائلًا: "هناك بعد أمني مهم سيتحقق من وراء تأسيس الكيان العربي، أهمه حماية الأمن القومي لحدود سواحل هذه البلاد وممراتها التجارية، كما سيساهم التحالف العربي في منطقة البحر الأحمر في مواجهة الهجرات غير الشرعية والإرهاب من بعض المتسللين من البحر الأحمر إلى البوابة الشرقية وإلى مصر ودول الشمال الأفريقي، ثم من وإلى أوروبا، كما سيساعد على حماية &مرور الحاويات في البحر الأحمر وقناة السويس، التي تتجاوز نحو 22 %، وهو ما يؤكد أهمية هذا الكيان لمصلحة مصر أمنيًا واستراتيجيًا.

تبادل للمعلومات
في السياق عينه، أكد اللواء ناصر سالم الخبير الأمني والاستراتيجي أن الكيان العربي الجديد هدفه الرئيس هو حماية البحر الأحمر من الأخطار التي تهدده من دول عدة، من بينها&إيران وتركيا، في ظل قيامها&ببعض الأعمال المهددة للحركة الملاحية الخاصة بالدول المشاطئة للبحر الأحمر.

وأشار إلى أن البعد الأمني يشمل أيضًا حماية السفن المارة من القرصنة على طول سواحل البحر الأحمر، وحماية حدود سواحل البحر الأحمر، وتأمين الممرات التجارية ومداخل قناة السويس، ومضيق باب المندب، من تهديدات هجمات الحوثيين المدعومة بقوة من إيران، وهو ما يصب بشكل كبير في مصلحة مصر، حيث ستتمكن مصر عن طريق هذا الكيان من حماية مضيق باب المندب، وبالتالي ضمان حركة التجارة في قناة السويس بشكل مستمر.

تابع: كما سيحقق الكيان الجديد صدًا قويًا ضد الإمداد الإيراني لجماعة الحوثي في اليمن، وهو ما يصب في مصلحة إنهاء الصراع الداخلي في اليمن.

وقال اللواء ناصر سالم: "إن الدول المشاركة في الكيان الجديد تستطيع التعاون في مجال تبادل المعلومات، والاشتراك الاستراتيجي لمنع العبث بمياه البحر الأحمر، بما يهدد الأمن القومي".

.