أسامة مهدي: وجه الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق السلوفاكي يان كوبيتش رسالة عاطفية الى العراقيين اليوم لمناسبة انتهاء مهام عمله في بلدهم واصفا سنواتها الاربع التي قضاها معهم بالصعبة معبرا عن تفاؤل بالمستقبل فيما تستعد وزيرة الدفاع الهولندية السابقة جانين هينيس بلاسيرت للسفر الى بغداد لتولي مهام كوبيش حليفة له في العراق.

واضاف كوبيش رئيس بعثة الامم المتحدة في العراق "يونامي" في رسالة عاطفية الى العراقيين الخميس لمناسبة انتهاء مهامه في هذا االبلد وحصلت "إيلاف" على نصها "دائما ما يكون هناك وقت للترحيب بشخص ما ووقت لتوديعه وقد حان الوقت الآن بالنسبة لي لأقول وداعا لكم جميعا، سواء في أسرة الأمم المتحدة، أو في بعثة الأمم المتحددة لمساعدة العراق، أو ضمن الفريق القًطري.. وأقول أيضا وداعا لأصدقائنا وأصدقائي هنا في العراق، بمن فيهم الشعب العراقي والنواب والسياسيون والمجتمع المدني وزعماء العشائر، وكل الذين عملت معهم خلال السنوات الأربع الماضية في العراق حيث كان ذلك شرفا وامتيازا عظيمين أن يمنحني الأمين العام هذه الفرصة لأخدم ليس الأمم المتحدة فحسب بل العراق والشعب العراقي أولا".

وصلت العراق والبلاد مقسمة وسكانها يجهلون مستقبلهم

واضاف كوبيش مبينا "وأنا أسترجع ذكريات فترة هذه السنوات الأربع الماضية- أدرك أنها لم تكن الأسهل، لا بالنسبة لي ولا بالنسبة لحياة البلاد أيضا فعندما وصلت إلى العراق عام 2015 كانت البلاد مقسمة، إذ كان ثلث مساحتها تحت سيطرة تنظيم داعش الإرهابي والوحشي، ولم يكن الناس يعلمون ماذا يخبئ لهم المستقبل وقد اضطر ما يقارب ستة ملايين نازح ولاجئ إلى مغادرة ديارهم بطرق مختلفة، وكان النزاع مستمرا، وتمت تعبئة الناس من جميع أنحاء العراق- وخصوصا من المحافظات الجنوبية- لحماية البلاد وإنقاذها".

واوضح ايضا "أن الأزمة الاقتصادية كانت عميقة، فقد أثرت أسعار النفط على الوضع الإقتصادي وعلى حياة الناس على السواء وكانت البلاد - سواء اعترفنا بذلك أم أنكرناه- تعاني من العزلة بعض الشئ. فرغم أنه كانت لديها علاقات مع عدد من البلدان، إلا أنه فيما يتعلق بالمنطقة فإن تلك العلاقات لم تكن قوية، إذ لم تكن علاقات العديد من دول المنطقة مع الحكومة جيدة آنذاك ولكن إذا نحن ألقينا نظرة سريعة على الوضع اليوم، فسنجد أن القصة مختلفة تماما".

تفاؤل برغم استمرار المعركة

واشار كوبيش الى ان البلاد قد انتصرت - وبتضحيات هائلة من الشعب العراقي- على إرهابيي تنظيم داعش وعصاباته، رغم أن بعض المخاطر الأمنية ما زالت قائمة، غير أن المعركة ما زالت مستمرة. ونحن نعلم أن المسألة لا تتعلق بالإيديولوجية فحسب، بل إنها ترتبط أيضا بعودة النازحين، وبالعدالة، والمصالحة، والمساءلة، والمستقبل الكريم، وبكل ما يجب أن تملكه البلاد ويحتاجه الشعب لأن العراق وشعبه يستحقان ذلك.

واضاف "لقد بدأ النازحون في العودة إلى ديارهم وعاد أغلبهم بالفعل، ولكن ما زال هناك عدد كبير منهم بحاجة إلى الدعم وبحاجة إلى المساكن والمدن التي يمكنهم الذهاب إليها، لذا فمن الضروري إعادة بناء المدن التي تم تدميرها أثناء القتال. إن كل الناس سواسية ولديهم الإحتياجات والتطلعات نفسها، لذلك ينبغي على الحكومة أن تعمل على تلبية هذه الإحتياجات التي كان قد تم وضعها جانبا بسبب ضرورات الأولويات الأمنية خلال القتال ضد داعش".

الوقت مناسب لتقديم الخدمات وتوفير فرص العمل

وشدد المبعوث الاممي على "إن الوقت الراهن هو الوقت المناسب للإستجابة للإحتياجات، وتقديم الخدمات وتوفير الوظائف، والماء الصالح للشرب، والخدمات الصحية، والمستقبل الكريم لجميع المواطنين الذين يجب أن يحصلوا على حقوق وفرص ومسؤوليات متساوية".

وبين قائلا "إن البلاد موحدة الآن، وأنا متشجع للغاية لرؤية كيف تحاول القوى السياسية أن تعمل معا وتتعلم من الدروس وهي بحاجة إلى إضفاء الطابع الإجتماعي على هذه الدروس المستقاة من الماضي، بل والعمل معا من أجل مصلحة البلاد وليس من أجل تحقيق مصالحها الخاصة فقط. كما أنني سعيد برؤية تمثيل قوي للقوى السياسية من إقليم كردستان فقد عاد ممثلو تلك القوى إلى بغداد، وهم يعملون معا مع ممثلي باقي مناطق البلاد من أجل خدمة مصلحة البلاد ومصلحة إقليم كردستان ومصلحة الأكراد في كل مكان وهناك العديد من المهام الأخرى في المستقبل التي يجب أن تحظى بالأولوية بالنسبة للحكومة والقوى السياسية والشعب".

مستقبل مشرق

ولاحظ بالقول "لكنني أرى المستقبل مشرقا، فعندما وصلت إلى العراق كانت البلاد في وضع نزاع وحرب وتفكك، لكن ما نراه الآن هو بلد ذو مستقبل وفرص للجميع. فقد عاد إلى وضعه الصحيح في المنطقة وطور علاقات عميقة مع جميع الدول وليس مع دول المنطقة فحسب، وعاد إلى مكانه الصحيح كشريك قوي في المجتمع الدولي".

وختم بالقول "مرة أخرى، أعرب عن امتناني لكم جميعا- وخصوصا زملائي في الأمم المتحدة وللشعب وكل القوى في العراق- لمساعدتي ودعمي. وأعبر أيضا عن امتناني الخاص لسماحة السيد السيستاني الذي يقدم التوجيهات الإيجابية المستمرة لكل من يهتم بمستقبل العراق وشعبه".

يشار الى ان كوبيش السلوفاكي قد امضى الاسبوعين الماضيين مودعا كبار المسؤولين وقادة القوى السياسية والاجتماع وكان اخر من مودعهم هو رئيس الوزراء عادل عبد المهدي الذي اشاد بدوره خلال الفترة الماضية في العراق .. مؤكدا ان وضع العراق تغيّر الى الافضل من خلال تحرير كامل الاراضي وترسيخ الوضع الديمقراطي وتشكيل حكومة تمثل جميع الاطياف ووضع دولي داعم.

ومن جانبه اكد كوبيتش ثقته بان الحكومة الحالية ستحقق نجاحات كبيرة وتسير بالعراق نحو الاعمار وتقديم الخدمات والاستقرار.

وسلم عبد المهدي هدية تذكارية لكوبيتش تثمينا لدوره في العراق تمثل درعا فيه القيثارة السومرية التي تمثل عمق العراق التأريخي.

كان كوبيش بدأ عمله رئيساً لبعثة الأمم المتحدة للدعم في العراق وممثلاً خاصاً للأمين العام للأمم المتحدة في العراق في عام 2015، قادماً من أفغانستان الذي تولى فيها منصب الممثل الخاص للأمين العام ورئيس بعثة الأمم المتحدة للمساعدة "أوناما" بين عامي 2012 و2015.

وكشفت مصادر مطلعة في نيويورك الشهر الماضي أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش حصل على كل الموافقات الضرورية لتعيين كوبيش منسقاً خاصاً أصيلاً للمنظمة الدولية في لبنان بعد إنتهاء ولايته في العراق.

وكوبيش هو خامس مبعوث أممي خدم في العراق من 2015 الى 2018، وتولى المهمة من سلفه البلغاري نيكولاي ملادينوف الذي خدم في العراق بين عامي2013 و2015 ومن ثم تسميته منسقا خاصا لعملية السلام في الشرق الأوسط في شباط فبراير عام 2015 ولا زال بمنصبه هذا.&

وزيرة الدفاع الهولندية السابقة بلاسيرت خليفة لكوبيش

وأعلنت الأمم المتحدة مؤخرا أن الأمين العام أنطونيو غوتيريش عين وزيرة الدفاع الهولندية السابقة جانين هينيس بلاسيرت رئيسا لبعثة الأمم المتحدة في العراق "يونامي" خلفا للسلوفاكي يان كوبيش.

وقال ستيفان دوغريك متحدث الأمين العام للأمم المتحدة "السيدة بلاسيرت ستجلب معها إلي المنصب أكثر من 20 عاما من الخبرة السياسية والدبلوماسية، بعد أن خدمت في عدة مناصب حكومية وبرلمانية رفيعة".

وتولت بلاسيرت منصب وزيرة الدفاع في هولندا بين عامي 2012 و2017 وهي أول امرأة تشغل هذا المنصب إضافة إلى كونها عضوا سابقا في مجلسي النواب الهولندي والأوروبي حيث كانت عضوًا في البرلمان الهولندي بين عامي 2010و2012 وعضوًا في البرلمان الأوروبي بين عامي2004 و2010) فضلًا عن عملها في المفوضية الأوروبية في بروكسل ومناطق أخرى.

يشار الى ان بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق "يونامي" هي كيان تم انشاؤه بالاستناد إلى قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1500 في 14 آب أغسطس عام 2003.

وتمتلك البعثة التفويض الرسمي لعملها من خلال الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق وأول ممثل خاص عُين في العراق كان سيرجيو فييرا دي ميلو والذي قُتل في حادث تفجير فندق القناة في بغداد في 19 آب أغسطس عام 2003 . واحدى مهماتها هي تطبيق اتفاق العهد الدولي مع العراق. وفي 14 تموز يوليوعام 2018 مدد مجلس الأمن تفويض البعثة حتى 31 تموز يوليو عام 2019.