ساره الشمالي: تنذر تقنية كريسبر كاس 9 لتعديل الجينوم بثورة جذرية في الطب البشري، خصوصًا أنها تقنية منخفضة التكاليف، وسهلة الاستعمال، وتعد بشفاء أمراض كثيرة.

قبل سنوات، أنتجت البحوث الطبية أداة جديدة تمنح العلماء القدرة على تعديل الحمض النووي، أو الشفرة التي تمثل مصدر الحياة نفسها. في هذا الصدد، يتناول سام ستيرنبرغ، خبير الكيمياء الحيوية في بيركلي وخبير تقنية كريسبر لتعديل الجينوم البشري، في مقطع فيديو هذه المسألة بقدر من التبسيط. 

ينطلق ستيرنبرغ من تساؤل صار مشروعًا اليوم: ماذا لو كان تعديل الحروف التي يتألف منها الجينوم البشري بسهولة تحرير نص مكتوب على مايكروسوفت وورد؟

إنها تقنية "كريسبر كاس 9" CRISPR Cas 9 التي طورها العلماء في المختبر أي بالعمل على البكتيريا التي في حمضها النووي تتابعًا شبيهًا بتتابعات الجينوم البشري، والتي استخدمها العلماء والأطباء في الأعوام الثلاثة السابقة في إصلاح أنواع كثيرة من الخلل الوراثي في الخلايا الحية.

وبحسبه، هذه التقنية، وأخرى نظيرة، "تعلمنا فعليًا كيف يتطور الورم السرطاني، ما دفع الشركات التي تعنى بالبحوث الطبية والدوائية إلى جمع زهاء مليار دولار لرفد الجهود المبذولة لدمج تقنية كريسبر كاي 9 في برتوكولات العلاج".

يمكن استخدام التقنية لتعديل جينوم الأجنة لإزالة بعض الصفات غير المرغوب بها أو الأمراض الوراثة، من طريق سحب بويضة من الأم وحيوانات منوية من الأب وإجراء عملية التخصيب خارجيًا، ليتم تكوين جنين، يمكن إضفاء أي تعديل مطلوب من طريق حقن الأدوات اللازمة داخل الخلايا ليتم هذا التعديل، ثم التأكد من نجاح التعديل وفاعليته باختبارات قليلة على سلسلة الحمض النووي للتعرف على التتابعات التي تؤلف الخريطة الوراثية. ثم تزرع الخلايا المعدلة في رحم الأم.

حذف جينة معينة من الجينوم أو إضافتها إلى الجينوم يستدعي تحديد المكان الذي يتم فيه التعديل الجيني، فشريط الحمض النووي طويل جدًا، ثم دس الحمض النووي الريبوزي الأحادي single guided RNA في المكان اللازم، ثم دس إنزيم كاس بروتين Cas Protein ونسخة جديدة من الجينة المراد تعديلها حتى ليكون أنموذجًا تحتذي به الخلية لإصلاح الخلل.

خلافًا لطرائق التعديل الجيني الأخرى، تمتاز تقنية كريسبر بكلفتها المنخفضة، وسهولة استعمالها.

وكشف ستيرنبرغ عن نتائج إيجابية جديدة لهذه التقنية في تجارب كان هدفها تعطيل الجين المسؤول عن مرض هنتنغتون الوراثي المسبب لتلف خلايا عصبية في الدماغ، ما يفتح الباب واسعًا أمام ثورة جديدة في عالم الطب الجيني.