رأى مراقبون أن حكومة قطر تحاول ابتزاز الدولة البريطانية بتنفيذ عقوبة قاسية بحق مواطن بريطاني بالسجن لمدة 37 عاما وهي عقوبة لا تتناسب مع التهمة الموجهة له. 

واعترف البريطاني جوناثان ناش الذي يقبع حاليا في السجن المركزي منذ ثلاث سنوات بتهمة شيك "مرتجع" بدون رصيد وهي تهمة لا ترقى عقوتها الى تلك المدة من السجن، وقال ناش: "قد لا أرى أبداً عائلتي مرة أخرى".

وحسب تقرير لصحيفة (ديلي ميل) اللندنية، يخشى جوناثان ناش البالغ من العمر 48 عاماً وهو من مدينة من هاي ويكومب في مقاطعة باكينغهامشير من أن يموت وراء القضبان بعد أن حكم عليه بهذه العقوبة القاسية رغم جريمته البسيطة من دون رؤية طفليه وأمه المسنة جيني ناش.

قد أموت سجينا

وأخبر ناش صديقًا في محادثة هاتفية الأسبوع الماضي: "لست متأكداً من أنني سأخرج أبداً."لقد تم تجاهل جميع دعواتي حتى الآن وقد توصلت إلى إدراك أنني قد أموت في السجن أو أن أكون رجلاً مسنًا جدًا إذا غادرت هذا المكان". 

وقال ناش الذي يحتجز في السجن الكئيب مع ما يصل إلى 12 سجينًا في زنزانة واحدة قذرة موبوءة بالصراصير مع نزلاء إما على فراش رقيق أو أرضية صلبة: "أعتقد أن كرم أمير قطر للتدخل شخصياً قد يساعد في الإفراج عني". 

وكانت إيزابيلا ألكسندرا المساعدة في منظمة تعني بشؤون السجناء من المغتربين البريطانيين في دول الخليج سلمت خطابا للسفارة القطرية في وسط لندن هذا الأسبوع تناشد فيه العفو عن السيد ناش.

وتواصل منظمة Charity Detained ومقرها دبي جهودها من أجل الإفراج عن ناش، وقالت إيزابيلا ألكساندرا ان الرسالة موجهة مباشرة إلى أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني ، الذي يملك سلطة العفو عن أي سجين لأسباب إنسانية أو رحمة.

حكم جائر

وأضافت: "الحكم الذي تلقاه السيد ناش كان غير متناسب بشكل كبير مع نهمة ناش، وهو أكثر قابلية للتطبيق على شخص أدين بجريمة عنيفة"، واشارت إلى أنه "كان هناك العديد من الأخطاء القانونية على مدار محاكماته. بما في ذلك حقيقة أنه حرم من حق استئناف الأحكام".
وتابعت الكساندرا: "جوناثان لديه عائلة شابة. ولم تكن نيته تقديم شيكات بلا رصيد كما أنه لا يعرف ان الشيك الذي لم يكن سيعود عليه شخصيا بالفائدة سيرتحع، كما أن قرار رفض الدفع لم يكن موجها له". 

يذكر أن جوناثان ناش وهو الرئيس التنفيذي لشركة توب هاوس، وهي شركة مقرها في الدوحة وتقدم الخدمات الفنية والتجارية والإدارية لصناعة البناء المحلية معتاد تحرير شيكات مسبقة، كضمان للدفع في المستقبل.

ومع ذلك، يعتقد السيد ناش أنه كان ضحية لحملة خدعة قذرة حيث انتشرت الأكاذيب والشائعات ضده، مما دفع العديد من عملائه إلى فقدان الثقة وبسرعة صرف الشيكات التي كان قد كتبها نيابة عن الشركة.

ويقول تقرير (ديلي ميل) إنه نظرًا لوجود نزاع داخلي داخل شركة (توب هاوس) فقد تم حجب المدفوعات ولأن السيد ناش كتبها بنفسه، فقد كان مسؤولًا شخصيًا بموجب القانون القطري.

لا فرصة 

وكان ناش اعتقل في السجن في مارس 2015 ولم يمثل أمام المحكمة إلا مرة واحدة فقط ، حيث وجهت له التهمة، ولم يتم منحه أي فرصة له ليشرح له نفسه وحتى الآن لم يتم منح السيد ناش أي تمثيل قانوني مناسب أو حتى رؤية الأدلة ضده.

وقبل عيد الميلاد في العام الماضي حكم على ناش في غيابه بالسجن 37 سنة بتهمة الاحتيال. وإذا استمرت محكوميته سيطلق سراحه بعد أن يكون عمره أصبح ما يقرب من 80 عامًا.

وحذرت رادا ستيرلنغ الرئيس التنفيذي لـ(Charity Detained) في دبي، من أن معاملة ناش تهدد بإلحاق الضرر بالعلاقات بين بريطانيا وقطر التي من المقرر أن تستضيف بطولة كأس العالم لكرة القدم في عام 2022. وقالت: "نحن نقدر ونشجع الشفافية، ونأمل أن تفهم حكومة قطر وتقبلها".

قصور الإجراءات

وقالت ستيرلنغ إن الجمهور البريطاني صُدم من قسوة الحكم المفروض على جوناثان ناش. وأثار الحكم قلقا بين رجال الأعمال والمستثمرين في المملكة المتحدة حول مدى استصواب ممارسة الأعمال التجارية في قطر، حيث يمكن بسهولة أن يتم حبسهم مدى الحياة على ما هو في الأساس نزاع داخلي داخل الشركة.

ونوهت إلى أن "نيتنا في الرسالة هو لفت انتباه الأمير ليس فقط لمحنة جوناثان على وجه الخصوص، ولكن أيضا إلى أوجه القصور الإجرائية التي نعتقد أنها أدت إلى عقوبته الظالمة".

وفي الأخير، يشار إلى أنه بعد ثلاثة أيام من اعتقاله، تفاوض ناش مع بنك المشرق على خمسة ملايين ريال قطري لتغطية أي ديون، لكن الشرطة رفضت أخذ ذلك في الاعتبار.

وبينما كان عالقاً في أحد أقسى السجون في العالم، قال إنه تم إبلاغه بأن أصول شركة توب هاوس ، بما في ذلك السيارات وأثاث المكاتب، قد بيعت وأن الأموال قد اختفت.