تنطلق اليوم في الظهران القمة العربية الـ 29 برئاسة خادم الحرمين الشريفين لتناقش ملفات مهمة ضمنها القضية الفلسطينية وأزمة سوريا وليبيا واليمن وتدخلات إيران الإقليمية ومكافحة الإرهاب. 

إيلاف: بدأ ملوك ورؤساء قادة الدول العربية ورؤساء الوفود منذ أمس السبت في التوافد إلى مدينة الظهران السعودية، للمشاركة في القمة العربية العادية في دورتها الـ29، التي تنطلق أعمالها اليوم الأحد ويرعاها خادم الحرمين الشرفين الملك سلمان بن عبدالعزيز.

من الواصلين رئيس جمهورية مصر العربية الرئيس عبدالفتاح السيسي والوفد المرافق له، وكل من رئيس الجمهورية الصومالية محمد عبدالله محمد، ونائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء في سلطنة عمان، فهد بن محمود آل سعيد. كما وصل رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبي، الرئيس فائز مصطفى فوزي السراج.

كذلك وصل نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم إمارة دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، والرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، ورئيس جمهورية القمر عثمان غزالي، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، والرئيس العراقي محمد فؤاد معصوم، والرئيس اليمني عبد ربه هادي، والرئيس السوداني عمر البشير، ورئيس مجلس الأمة الجزائري عبدالقادر بن صالح ممثلًا للرئيس الجزائري، والرئيس اللبناني العماد ميشال عون.

وسط إجراءات أمنية مشددة، تنطلق اليوم أعمال القمة وعلى رأس جدول أعمالها الكثير من الملفات المتعلقة بالهموم العربية المشتركة، ومشاريع التعاون والتنسيق في مجالات مختلفة. 

تطورات سوريا حاضرة بقوة
ويفتتح خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، القمة. وينتظر أن تلقى في الجلسة الافتتاحية كلمات لرؤساء الوفود المشاركة، قبل أن تبدأ بعدها مراسيم تسليم العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني رئاسة القمة، إلى خادم الحرمين الشريفين، ثم ينتقل القادة إلى الاجتماعات المغلقة لبحث جدول أعمال القمة التي ستمتد حتى غد، وتختتم بعرض عسكري كبير يحضره قادة الدول العربية إلى جانب خادم الحرمين وولي عهده الأمير محمد بن سلمان.

هذا وتأتي القمة في خضم وضع دقيق في الملف السوري، بعد ضربة أميركية وبريطانيا وفرنسا موجهة إلى منشآت كيميائية وعسكرية تابعة للنظام السوري، فجر أمس ردًا على الهجوم الكيميائي في مدينة دوما بالغوطة الشرقية لدمشق. ومن المتوقع أن يحظى هذا الملف باهتمام غالبية القادة العرب في كلماتهم التي ستلقى أمام المؤتمر.

سيكون على جدول الأعمال 16 بندًا تبدأ بالتقارير المرفوعة إلى القمة من رئيس القمة السابقة، وتتمحور حول نشاط هيئة المتابعة لتنفيذ القرارات والالتزامات، ومن الأمين العام للجامعة عن العمل العربي المشترك. ويتصدر الملف الفلسطيني والصراع العربي الإسرائيلي وتفعيل مبادرة السلام العربية جدول العمال، كما التطورات والانتهاكات الإسرائيلية في مدينة القدس المحتلة، ومتابعة تطورات الاستيطان الإسرائيلي والجدار العازل والانتفاضة الفلسطينية وقضايا الأسرى واللاجئين والتنمية ودعم وكالة الأونروا.

أما في الملف السوري الذي ستنتقل رئاسة اللجنة الوزارية العربية المعنية به إلى المملكة العربية السعودية بصفتها رئيسة للقمة، فإن جدول الأعمال سيكون حافلًا. وينتظر أن تؤكد القمة على أن الحل السياسي للأزمة السورية هو الحل الوحيد الممكن، وهو الحل القائم على مشاركة جميع الأطراف السورية وبما يلبي تطلعات الشعب السوري، واستنادًا إلى ما نصت عليه القرارات الدولية بهذا الصدد.

تدخلات إيران
تتطرق القمة أيضًا إلى التدخلات الإيرانية في الدول العربية، وتستنكر الهجمات الصاروخية على المملكة العربية السعودية، وتطالب إيران بوقف مد الميليشيات الحوثية بالصواريخ والأسلحة، ومساعدة اليمنيين على حل أزمتهم بعيدًا عن تدخلاتها. ومن المقرر أن تبحث القمة في تطوير المنظومة العربية لمكافحة الإرهاب وعقد قمة ثقافية عربية.

ومع اكتمال التحضيرات اللوجيستية للقمة، شهدت المنطقة الشرقية إجراءات أمنية مكثفة للحفاظ على أمن القادة العرب الذين بدأوا بالتوافد إلى الظهران منذ ظهر أمس، فيما يصل بعضهم اليوم. وقال مصدر في الجامعة العربية لـ «الشرق الأوسط» إن 17 من الملوك والرؤساء والقادة العرب سيحضرون القمة.

مطلوب إنهاء الانقسام
لدى وصوله إلى الظهران، أمس، أعرب الرئيس اللبناني العماد ميشال عون، عن أمله في أن تكون القمة أساسًا يمكن البناء عليه لعودة التقارب العربي، وتوحيد الصف. وقال في تصريح صحافي: «الانقسام ينعكس سلبًا علينا جميعًا، ولا بد من خطوة تتخذ لوضع حد لهذا التباعد الذي يهدد دولنا وشعوبنا وقد شهدنا عيّنة من نتائجه خلال السنوات الأخيرة». 

أمل عون أن تشهد القمة العربية نقلة نوعية على صعيد العلاقات العربية - العربية، إلى جانب معالجة الملفات الشائكة والدقيقة التي تلقي بثقلها على الدول والشعوب العربية، معوّلًا على حكمة ووعي المسؤولين العرب لتخطي العوائق والوصول إلى شاطئ الأمان.

وأبدى شكره للمملكة العربية السعودية على استضافتها لأعمال القمة، مؤكدًا حرص بلاده على إنجاح أعمال القمة، وأن تتوج بإجماع عربي وصوت واحد يخرج من المملكة إلى أنحاء العالم.

مركزان إعلاميان للتغطية
للغاية جهزت وزارة الثقافة والإعلام السعودية مركزين إعلاميين لتغطية أعمال القمة العربية الـ29، الأول في فندق ميركيور في الخبر، والآخر في مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي «إثراء» في الظهران. 

وأشار مدير العلاقات الإعلامية والعامة في الإعلام الخارجي في وزارة الثقافة والإعلام المشرف على المراكز الإعلامية في القمة العربية خالد مطاعن، إلى أن الوزارة جهزت هذه المراكز بأحدث الوسائل والتجهيزات اللازمة من توفير أجهزة حاسب آلي وشبكة متكاملة للإنترنت يستطيع الإعلاميون من خلالها نقل تقاريرهم وأخبارهم بسرعة كبيرة، وكذلك فاكسات وخطوط دولية وأستوديوهات للنقل والبث المباشر عبر الأقمار الصناعية لجميع القنوات التلفزيونية المحلية والعالمية.

أعرب الإعلامي كريم علي لوش من الجزائر عن سعادته بالمشاركة في تغطية أعمال القمة العربية 29، منوهًا بما وفرته الوزارة من تجهيزات لخدمة الإعلاميين لنقل وتغطية هذا الحدث المهم، شاكرًا الجهات المنظمة على حسن التنظيم والإعداد والاستقبال. 

وأكد مطاعن تقديم جميع الخدمات التي يحتاجها الإعلاميون من بيانات وإحصائيات ومعلومات، وتسهيل مهامهم سواءً داخل هذه المراكز أو أي مواقع أخرى خارجها تتعلق بأعمال تغطية القمة، ومتابعة كل ما يتعلق بها في مختلف الوسائل الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي، وعرضها على شاشة مباشرة في المركز للإعلاميين.

وأشار إلى مشاركة صحافيين من وكالات أنباء عالمية، إضافة إلى المحطات الفضائية الذين تم التواصل معهم من خلال مركز التواصل الحكومي ومركز التواصل الدولي بالوزارة.

موغيريني ستحضر
إلى ذلك نقلت صحيفة «روسيا اليوم» أمس تأكيد حضور الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية، فيديريكا موغيريني، القمة العربية. وأشار بيان من مكتب الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي إلى أن حضور موغيريني القمة العربية يُعتبر فرصة للتباحث مع القادة العرب حول آخر التطورات التي طرأت في المنطقة العربية والتحديات التي تواجه استقرارها. 

ولفت البيان الى أن دعوة الجامعة العربية موغيريني لحضور مؤتمر القمة العربية هي تأكيد على قوة العلاقات التي تربط بين الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية والتي تقوم على الحوار السياسي المتنامي والتعاون، وتوضح رغبة المنظمتين في تعزيز الروابط في ما بينهما.

وتنتظر القمة العربية في مدينة الظهران السعودية ملفات شائكة على أصعدة مختلفة، فقد دعا الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط في اجتماع وزراء الخارجية العرب التحضيري للقمة المرتقبة جميع القادة العرب، إلى تحمل مسؤولية معالجة الظروف التي أدت إلى إتاحة الفرصة لهذه التدخلات غير الحميدة، عبر التوصل إلى تسويات سياسية مستدامة للأزمات الداخلية، وحالات الاقتتال الأهلي التي تجتاح بعض دول المنطقة العربية.

تصحيح عربي
وبحسب مصادر دبلوماسية عربية، ستكون قمة الظهران بداية لإعلان الموقف العربي الجماعي النهائي من النظام الإيراني، كما أفادت المصادر ذاتها، بأن التصحيح من الداخل العربي سيكون طريقاً جديداً للمواجهة الشاملة مع نظام ولاية الفقيه الطائفي والميليشيات الحزبية الإرهابية التي يدعمها، خصوصا ميليشيات الحوثيين في اليمن و«حزب الله» في لبنان.

وأكدت المصادر أنه في إطار المنظومة العربية الشاملة لم يعد مقبولًا ولا يجوز السكوت عن تدخلات النظام الإيراني، خصوصاً أن أهم دولة عربية وإسلامية «السعودية» تتعرض لتهديد الصواريخ الحوثية الباليستية المصنوعة في طهران، ليس هذا فحسب، بل إن نظام «ولاية الفقيه» يعيث في اليمن فسادا وتخريبا، وحول سوريا إلى مستعمرة ايرانية، وأنشأ دويلة داخل الدولة في لبنان.

رسميا، فإن كافة قضايا المنطقة العربية وتحدياتها ستكون مدرجة على جدول أعمال القمة سواء الأزمات التراكمية التقليدية أو تلك الأزمات الطارئة، لكن الأمر الذي لا يتجادل فيه اثنان هو أن القمة العربية التي تعقد الْيَوْم في الظهران باتت محط أنظار العالم إذ تعقد في ظروف إقليمية ودولية غاية في التعقيد والتشابك، وهو ما يتطلب موقفا عربيا موحدا ضد النظام الإيراني، وعلى العرب أن يدركوا أن إيران باتت الخطر الداهم وتحديداً الأيديولوجيا الطائفية التي تحملها في طريق التمدد والهيمنة والنفوذ، والشواهد على ذلك كثيرة، إذ جعلت من الشعارات الطائفية وسيلة لتبرير منطلقاتها الفكرية وممارساتها القمعية وفرزها الطائفي، وتجنيد خلاياها لتنفيذ مشاريعها الهلامية.