الرباط: قصة غريبة عاش أطوارها الآلاف من سكان منطقة بولمان (وسط البلاد)، صباح اليوم وهم يحجون نحو جبل "تيزي"، مشيا على الأقدام، قادمين من 7 قرى بالجماعة القروية «سرغينة» ومناطق مجاورة (صفرو، مولاي يعقوب، فاس…) بحثا عن كنز ادعى أحد ابناء الإقليم أن شخصا زاره في المنام و أخبره بوجود كنز مدفون بالجبل. 

مشى الباحثون عن الكنز، أطفالا و نساء ومسنين منذ الساعة الثامنة من صباح اليوم على الأقدام ، حيث قطعوا عشرة كيلومترات تحت الشمس الحارقة، في حين ركن كثيرون منهم سياراتهم غير بعيد عن الجبل، أملا في إيجاد الكنز الذي سيخرجهم من الفقر المدقع الذي يعيشونه، بعد أن شحذ الشاب عزائمهم وخطب فيهم لساعات طيلة الأيام الماضية، وهو يحدثهم عن رؤياه الغربية والتي لا تدع مجالا للشك من وجود كنز مدفون بالجبل، سيما بعد أن فك طلاسيم رسالة مشفرة ادعى أنه تلقاها من زائره في المنام، قائلا إن «أسرارها فكت ومعها معنى كلمة سرغينة مدعيا أنها تعني سر الغنى». 

وبعد وصولهم الى عين المكان ، طلب الشاب «النصاب» من المشاركين الصلاة أربع ركعات، مدعيا ظهور الكنز مباشرة قبيل صلاة الظهر، وهو ما استجاب له المشاركون مسلمين أمرهم لزعيمهم الذي كانت تنم نبرة صوته عن توفره على ملكات لا تتوفر في غيره، متأثرين بما سمعوا منه من أن جبل «سرغينة» يحبل بالأسرار و الكنوز. 

ثم انخرطوا في ورش للحفر بالجبل، تحت أنظار الشاب (متزوج و أب لطفلة) وهو يقوي عزائمهم بخطبه التي أكد فيها أن حتى الذين لم يشاركوا في عمليات الحفر سوف يتلقون نصيبهم من الكنز المزعوم، لكن المشاركين وحدهم سينعمون بالبركة.

 

 

وقال أحد ابناء المنطقة في اتصال هاتفي مع "إيلاف المغرب" إن الشاب استغل فقر الناس و حاجتهم من أجل فكرة لا توجد إلا في مخيلته « المريضة »، مجندا إياهم في ورش كبير للحفر بحثا عن كنز مزعوم، وتحت الشمس ووقع العطش و الجوع. 

بعد خمس ساعات من الحفر تقريبا، و الناس صيام، استفاق المشاركون على صدمة عدم وجود الكنز، لتتعالى أصواتهم بالإستنكار و الإحتجاجات ضد من باعهم الوهم، والذي كادت ان تزهق روحه على أيدي بعضهم. 

وطالب كثيرون ممن انطلت عليهم خدعة الكنز باعتقال الشاب من قبل مصالح الأمن حتى يلقى جزاءه جراء استغفاله لآلاف المواطنين و استغلاله لحاجتهم، وحتى يكون عبرة لغيره من النصابين.