أصيلة: احتفى موسم أصيلة الثقافي الدولي الـ 40 مساء أمس الاحد، بالشاعر السنغالي أمادو لامين صال، الذي فاز بجائزة "تشيكايا أوتامسي" للشعر الأفريقي، في دورتها الحادية عشرة.

ويعد لامين صال أحد كبار الشعراء الأفارقة الفرنكوفونيين المعاصرين، وسبق له أن نال جائزة إشعار اللغة والآداب الفرنسية التي تمنحها الأكاديمية الفرنسية، سنة 1991، وتشكل قصائده جزءا من برنامج الدرسات الجامعية في العالم، كما أن كتاباته كانت موضوع عدد من أطروحات الدكتوراه.

وقال الشاعر المتوج بالجائزة في نسخة هذا العام، إن ما يحدث بين المغرب والسنغال "لا يحدث في أي مكان آخر في العالم"، معتبرا أن البلدين حققا التكامل بينهما قبل التكامل الأفريقي الذي تشهده بلدان القارة.

وأشاد صال بمستوى العلاقات التاريخية التي تجمع بين البلدين، مذكرا بالمحطات التي عايش فيها العلاقة الأخوية التي ربطت بين العاهل المغربي الملك الراحل الحسن الثاني،والرئيس والشاعرالسنغالي ليوبولد سيدار سنغور، مسجلا أن استمرار العلاقات الطيبة بين قيادة البلدين والشعبين المغربي والسنغالي امتداد لهذا الإرث المشترك.

وأفاد صال الذي رافق صديق المغرب الكبير الراحل سنغور، أنه تعلم منه خصلتين مميزتين، حددهما في "الصبر أثناء العمل والتواضع"، كما أعرب عن اعتزازه بالحصول على هذه الجائزة المرموقة.

ودعا صال أفريقيا إلى التفكير في أبنائها وتكريمهم، وقال: "تعبنا من تلقي الجوائز من أوروبا، على الأفارقة أن يفكروا بأنفسهم ويعرفوا العالم بمواهبهم"، مشيدا في الآن ذاته، بفكرة الجائزة التي دأبت مؤسسة منتدى أصيلة على منحها لشعراء القارة الأفريقية ومبدعيها، وأضاف "أنا سعيد بوجودي معكم في أصيلة ومنتدى أصيلة الذي ركز على التكامل الأفريقي منذ عقود".

وزاد قائلا "سيسجل في صفحات التاريخ هنا أن هناك شاعر إفريقي كان يحلم بالتكامل هو تشيكايا أوتامسي"، معتبرا أن أمين عام مؤسسة منتدى أصيلة محمد بن عيسى "يحمل في داخله تراثا وكنزا ليس ملكا لأصيلة والمغرب فحسب، بل ملكا لأفريقيا كاملة".

وبدا الشاعر صال مرهف الإحساس عندما استذكر روح والدته التي عدها ملهمته،وذرف الدموع عندما تحدث عنها،وأهدى الجائزة لروحها، وقال: "المرأة هي منبع كل شي، وأنا أهدي الجائزة لوالدتي"، قبل أن تغالبه الدموع وسط تصفيقات الحاضرين. 

وفي كلمة بالمناسبة، اعتبر محمد بن عيسى، أمين عام مؤسسة منتدى أصيلة، أن منح الجائزة "لحظة مؤثرة يتم فيها استحضار روح مناضل ثقافي كبير وشاعر فذ ومناضل أفريقي هو تشيكايا أوتامسي"، مؤكدا أن الشاعر الكونغولي البارز "أخلص لأصيلة ونظم قصائد على كراسي حديقة من حدائقها أضحت الآن تحمل إسمه تخليدا لذكراه العطرة".

وذكر بن عيسى بقصة إحداث جائزة باسم تشيكايا أوتامسي، التي أشار إلى أنه استحضرها إبان مشاركته في تشييع جثمانه بالكونغو برازافيل، سنة 1989، والتي أضحت مناسبة تتكرر كل ثلاث سنوات وتمنح لأحد الشعراء الأفارقة البارزين، حيث تبلغ قيمتها المالية حوالي 10 آلاف دولار .

وضمت لجنة تحكيم جائزة تشيكايا أوتامسي للشعر الأفريقي، ماريو لوسيو سوسا، الشاعر والوزير السابق بجمهورية الرأس الأخضر، والشاعر المغربي المهدي أخريف، ومامادو با ورافائيل نداي من السنغال، ومانو ميلو من البرازيل، وفانيسا رودريغز من البرتغال، ومحمد بن عيسى.

وأكد رئيس اللجنة أنه حرص على أن تكون لجنة التحكيم "شاملة للقارات لأن أفريقيا صارت حصة من مضامين القارات الأخرى، وهي موجودة في كل مكان"، وأضاف أن أبشع ممارسات العنصرية تكمن في "عدم الاعتراف بالأصول الأفريقية"، وأردف قائلا "ينبغي أن نعترف بأننا أفارقة بلا استثناء". 

وزاد موضحا ان "هناك كتب كتبت من طرف الغير وهذا الغير لا يعكس دائما جوهرنا"، مشددا على أن أفريقيا "قارة تسود كوكب الأرض وعلينا ألا ننسى هذا الأمر". 

ومن أهم إصدارات الشاعر السنغالي أمادو لامين صال، التي ترجمت لعدة لغات أجنبية، نجد "نعناع الشفق"، و"مثل جبل جليدي يلتهب"، و"المرأة البائسة والتائهة أو المستأجرة من العدم"، و"كاماندالو"، و"لقد أكلت كل ليلة الليل"، و"اليوم الطويل للعيون"، و"النبي أو القلب بأيدي الخبز"، و"أوديس عارية"، و"عروق برية"، و"قصائد أفريقية للأطفال" 2004، و"لون النشوة"، و"في أماكن أخرى"، و"حلم بامبو"، بالإضافة إلى "الأنطولوجيا الجديدة للشعر الزنجي والمالغاشي"، و"وجهات نظر حول الفرنكفونية"، و"زواج سماوي .. ليوبولد سيدار سنغور".