هدنة غير مُعلنة يبدو أنها دخلت حيّز التنفيذ في الساعات الأخيرة بين رئيس مجلس الأمة الكويتي، مرزوق الغانم، والنائب شعيب المويزري، بعد السجالات العنيفة التي اندلعت بينهما في الأسبوع الفائت.

إيلاف من الكويت: اختفت التصريحات الهجومية المتبادلة في اليومين الماضيين، بعد جلسة عاصفة في مجلس الأمة في منتصف الأسبوع الماضي شهدت صدامًا كلاميًا عنيفًا، أعاد التذكير بصباح يوم السادس من مارس 2018، عندما اشتبك الغانم والمويزري على خلفية اتهام الأخير بعدم فهم الدستور، والجدير بالذكر أن الخلاف الجديد يتمحور بشكل كبير حول الدستور أيضًا.

غابت رسائله
بدأ الصدام عقب تساؤل المويزري عن سبب عدم إدراج رسائل عرض فيها ملاحظاته على حكم المحكمة الدستورية الأخير بإلغاء المادة 16 من اللائحة الداخلية، وما يتصل بعضوية النائبين جمعان الحربش ووليد الطبطبائي، وسأل أيضًا عن أمر استجواب قدّمه إلى رئيس الحكومة من قبل اللجنة التشريعية.

إيضاح الغانم
رد الغانم على تساؤلات المويزري قائلًا: "رسالتك حول المحكمة الدستورية عرضتها على اللجنة الاستشارية الدستورية، وقررت اللجنة ومكتب المجلس بالإجماع عدم عرض الرسالة، لأنها تمثل تعقيبًا على الحكم وطعنًا بالقضاء، وكان واضحًا من رسالتك أنها تدعو إلى تعديلات لائحية، وهذه من أدواتك البرلمانية، وبوسعك ممارستها. أما مسألة إحالة الاستجواب على اللجنة التشريعية، فهذا لم يكن قرارًا فرديًا من الرئاسة، إنما هو قرار من المجلس بالتصويت، واللجنة التشريعية لم يتم تحديد مهلة لها لإنجاز تقريرها حول مدى دستورية استجواب رئيس الحكومة".

المويزري لم يقتنع
إيضاح الغانم لم يُقنع المويزري، الذي اعتبر أن "رسالتي واضحة، وهي تتعلق بأمر دستوري لا يحق للرئاسة منع إدراجه، وهي تتمحور حول تجاوز السلطة القضائية لصلاحيات السلطة التشريعية، ونحن كنواب نحترم الدستور والسلطات الأخرى، وعليهم احترام سلطات المجلس كذلك. أما مكتب المجلس فلا يملك الحق في حجب آرائي وأفكاري وأعمالي، والدستور واللائحة واضحان بأن لا سلطان على النائب في بيان آرائه، فما السند الذي قرر المكتب على أثره عدم لائحية رسالتي؟. ولا يحق لأي كان منع النائب من الإدلاء بآرائه، وهذا حقي بحكم المادتين 108 و110 من الدستور والمادة 119 من اللائحة، ونحن نريد التثبت هل الرئيس ذهب لتمثيل المجلس عند السلطة القضائية أو أرسل من يمثلون المجلس".

بداية التصعيد
بين التساؤل والإيضاح أخذت الجلسة منحى تصعيديًا، فتوجّه رئيس المجلس إلى المويزري قائلًا: "واضح أن لديك فهمًا قاصرًا عن اللائحة والدستور، وأنا منفردًا أستطيع أن أرفض رسالتك، وأنا منفردًا أستطيع تقرير دستورية وعدم دستورية رسالتك، ولكن من باب الشفافية توسعت في الأمر مع مكتب المجلس، وقرر المكتب بالإجماع عدم لائحية الرسالة، ويجب أن يعلم الجميع أن للنائب حقوقًا وواجبات، وينبغي ألا تتجاوز أدوات النائب الدستور، ومقولة أن المجلس يكون سيد قراراته محصورة بما لا يخالف الدستور واللائحة".

النائب الكويتي شعيب المويزري

وبعد أخذ ورد، اتهم المويزري الغانم بتدمير المجلس، معربًا عن أسفه لاتهامه بعدم فهم الدستور، فدعاه الغانم إلى احترام نفسه، معتبرًا أنه "ضرب الدستور بعرض الحائط، ويريد فرض رأي أو موقف، لا تمنحه اللائحة حق عرضه".

الإحترام يُقابل بالاحترام
تابع: "ردي عليك أن المادة 30 من اللائحة واضحة بأن الرئيس هو من يمثل المجلس مع الجهات الأخرى، وأنا أنطلق من المادة بصلاحياتي، وأن الرئيس هو المسؤول عن تطبيق أحكام الدستور والقانون.. ويحق للرئيس أخذ رأي مكتب المجلس في أي أمر يراه، وهذا منصوص عليه في اللوائح، ولو كرّس عرض أمور غير لائحية، لوقعنا في فوضى، ولن أسمح بتلك الفوضى، وسبقتك محاولات عدة لاستدراج المجلس في فوضى عبر الرسائل الواردة، وكنا واعين لها"، متوجّهًا إلى المويزري بالقول: "حين تتكلم باحترام ستقابل باحترام، أعطيتك حقًا للحديث أكثر من مرة.. ولا يمكن اختزال وقت المجلس لك.. وأنا مسؤول عن إدارة الجلسة".

ومع سحب رئيس مجلس الأمة المذياع من المويزري، شنّ الأخير هجومًا عنيفًا على الغانم، حيث قال: "أنت لا تفهم الدستور، لم يدمّر وينهب البلد إلا أنت وأشكالك". فرد الغانم على الهجوم بهجوم أعنف.

ألفاظه تدل على أخلاقه
وفي وقت لاحق، قال الغانم: "لن أرد على شعيب المويزري، وأترفع عن الرد على أسلوبه"، مشيرًا إلى أن "الألفاظ التي استخدمها في تصريحه الأربعاء تدل على أخلاقه وأهدافه، ولن أنزل إلى هذا المستوى"، مضيفًا إن "مسؤوليتي كرئيس تحتم عليّ عدم مخالفة اللائحة، فرسالة المويزري التي احتجّ على عدم عرضها، كانت غير لائحية بإجماع أعضاء مكتب المجلس والخبراء الدستوريين".

وأكد الغانم أن "البذاءة التي استخدمها شعيب في القاعة لم ولن تثنيه عن الالتزام بالدستور واللائحة"، لافتًا إلى أن "قراره ومكتب المجلس بعدم عرض رسالته - التي مسّ فيها القضاء - كان متوافقًا مع الدستور واللائحة، وهو الإجراء الذي سيتبعه دائمًا مع كل ما من شأنه التعرّض للسلطة القضائية".


&