أوشكت الدول الأوروبية على الوصول إلى حائط مسدود مع إيران، وبدأت تعدّ العدة لمجاراة الرئيس الأميركي دونالد ترمب في موقفه حيال طهران.

إيلاف من نيويورك: نشرت وكالة رويترز تقريرًا عن اجتماع عُقد أخيرًا في العاصمة الإيرانية بين مبعوثين أوروبيين وجمع من المسؤولين الإيرانيين، وخصص لمناقشة ملف تجارب الصواريخ الباليستية، لكنه انتهى بطريقة غير مألوفة لأبناء القارة العجوز.

خرق البروتوكول
وقالت رويترز: "في طهران، يوم الثامن من يناير، وأثناء اجتماع مع مبعوثين أوروبيين، وقف المسؤولون الإيرانيون فجأة، وخرجوا من الباب، وأغلقوه بعنف، في خرق غير مألوف للبروتوكول".

وانزعج المسؤولون في طهران من رسالة حملها دبلوماسيون من فرنسا وبريطانيا وألمانيا وهولندا وبلجيكا، مفادها أن أوروبا لم تعد قادرة على تحمل تجارب الصواريخ الباليستية في إيران، ومؤامرات الاغتيال على الأراضي الأوروبية، وفقًا لما ذكره أربعة دبلوماسيين أوروبيين.

توتر العلاقات
قال أحد الدبلوماسيين الأربعة: "كان هناك الكثير من الملابسات غير المتوقعة، لم يعجبهم ذلك، لكننا شعرنا بأن علينا نقل مخاوفنا الجادة.. يُظهر ذلك أن العلاقة باتت أكثر توترًا".

في اليوم التالي، فرض الاتحاد الأوروبي أول عقوبات على إيران منذ أن توصلت قوى عالمية إلى &اتفاق في فيينا العام 2015 مع طهران، بشأن كبح برنامجها النووي.

عقوبات رمزية
وأشارت رويترز إلى أن "العقوبات رمزية إلى حد كبير"، لكن الاجتماع العاصف انطوى على تحول غير متوقع في الدبلوماسية الأوروبية منذ نهاية العام الماضي.&

يقول دبلوماسيون إن "دولًا أصغر حجمًا وأكثر وداعة في الاتحاد الأوروبي انضمت إلى فرنسا وبريطانيا في موقف أكثر صرامة بشأن طهران، بما في ذلك النظر في فرض عقوبات اقتصادية جديدة". وقال ثلاثة دبلوماسيين إن ذلك "قد يشمل تجميد أصول وحظر سفر على الحرس الثوري الإيراني وعلى إيرانيين يطوّرون برنامج الصواريخ الباليستية للجمهورية الإسلامية".

النهج الجديد يقترب من سياسة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، المتمثلة في عزل إيران، عبر فرض عقوبات صارمة، رغم أن الحكومات الأوروبية لا تزال تدعم اتفاق فيينا، المبرم في العام 2015، والذي انسحب منه ترمب في مايو.

القشة الأخيرة
ونقلت رويترز عن دبلوماسيين قولهم: "إن مؤامرات الاغتيال المزعومة التي دبّرتها إيران على الأراضي الفرنسية والدنماركية في 2018 كانت القشة الأخيرة بالنسبة إلى أوروبا".

وقال دبلوماسي من الشرق الأوسط في إحدى البعثات الدبلوماسية في أوروبا: "الاتهامات بحق إيران على مدى الأشهر القليلة الماضية أيقظت بعض الدول في أوروبا، التي كانت ضد انتهاج سياسة أكثر تشددًا مع إيران".

في &اليوم نفسه الذي عقد فيه الاجتماع، ألقت هولندا علنًا بالمسؤولية على إيران في ما يتعلق بعمليات قتل على أراضيها في العامين 2015 و2017. ونفت طهران أي دور لها في ذلك. ثم في التاسع من يناير صنّف الاتحاد الأوروبي وحدة من وزارة المخابرات الإيرانية منظمة إرهابية، وجمّد أصولها، إضافة إلى أرصدة رجلين.

الدبلوماسي أضاف إن "الهولنديين على سبيل المثال ظلوا هادئين جدًا إلى حين الهجوم الهولندي. أما الآن فقد أصبح موقفهم متشددًا أكثر من فرنسا".

ثار قلق أوروبا من سياسة ترمب، التي تحمل شعار (أميريكا أولًا)، واعتبرت أن قراره في الثامن من مايو بالانسحاب من الاتفاق الإيراني انتكاسة شديدة، لكن بدا أن الطموحات الدولية لإيران قدمت إلى بروكسل وواشنطن فرصة أكبر للعمل معًا.

ترحيب أميركي وإحباط أوروبي
مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية أكد "وجود إجماع دولي متزايد على مدى التهديدات الإيرانية، وأن الولايات المتحدة ترحّب بجهود أوروبا للتصدي لإرهاب إيران على أراضٍ أوروبية، وإطلاقها للصواريخ وانتهاكها لحقوق الإنسان وتهديدات أخرى".

ورأى دبلوماسي بارز آخر في الاتحاد الأوروبي أن "هناك شعورًا بالإحباط بين بريطانيا وفرنسا وألمانيا ودول أخرى بعد المرحلة الأولى من الجهود الدبلوماسية مع إيران.. إعتقدنا أن بمقدورنا دفع الإيرانيين إلى بذل بعض الجهد على أصعدة عدة".

إيران مستنفرة
في المقابل لا تتوانى إيران عن اتهام أوروبا بالتردد والتباطؤ في حماية الاتفاق النووي. وقال عباس عراقجي، نائب وزير الخارجية الإيراني والمفاوض النووي البارز، في الأسبوع الماضي، إن هناك حاجة إلى خطوات عملية من أوروبا، إذ إن الدعم السياسي ليس كافيًا"، بينما ذهب أحمد جنتي، رئيس مجلس الخبراء، أبعد من ذلك، معتبرًا أن "أوروبا لن تفعل أي شيء في مصلحتنا".

أضاف في تصريحات نقلها التلفزيون الرسمي إن "الأوروبيين أسوأ من الأميركيين. وحتى إن لم يكونوا أسوأ، فلا فرق بينهم".


&