دعت بعثة الأمم المتحدة في العراق اليوم السلطات المحلية ومنظمة حمورابي العراقية لحقوق الإنسان وممثلي مطرانية السريان الكاثوليك إلى عقد اجتماع عاجل للحقيق في اتهامات بحدوث عمليات تخريب وسرقة آثار ومخطوطات ووثائق وكتب أثرية خلال رفع أنقاض كنائس تاريخية في الموصل، مسؤولة عنها منظمة وشركة بريطانيتان.

إيلاف: قالت بعثة الأمم المتحدة في العراق "يونامي" في تقرير تسلمت "إيلاف" نصه السبت إن منظمة حمورابي العراقية لحقوق الإنسان اتهمت خلال هذا الأسبوع في بيانات لها من غير ذكر اسم دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام في العراق بصورة مباشرة وشريكتها المنفذة شركة G4S البريطانية بـ"جريمة لا تقلّ شناعةً ووقاحةً عن جرائم تنظيم داعش" من خلال القيام بعمليات تطهير المخاطر المتفجرة من غير الحصول على تفويض من الجهات الكنائسية "بشكل همجي وعشوائي وبدون مبالاة لقدسية المكان وحرمته" لكنيستين أثريتين في حوش الخان في منطقة الميدان في مدينة الموصل.
&
وأكدت البعثة أنها تأخذ هذه الإدّعاءات على محمل الجد، وترحّب بالمزيد من التحري، وهي مستمرة في دعم حكومة العراق والعمل معها عن كثب بخصوص هذه الواقعة، حيث قامت دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام في العراق بتوجيه الدعوة إلى منظمة حمورابي لحقوق الإنسان وممثلي مطرانية السريان الكاثوليك في سهل نينوى، إضافة إلى السلطات العراقية الأخرى ذات الصلة من أجل أن يلتقوا وجهًا لوجه، ويتمعنوا في دراسة الحقائق المتعلقة بهذه البيانات.

مسؤولو شركة بريطانية متهمون بسرقة موجودات كنائس في الموصل هدمها داعش

شددت دائرة الأمم المتحدة على حرصها لحماية جميع المواقع الأثرية والدينية والتاريخية خلال إجراء عمليات التقييم والتطهير وتعمل عن كثب مع دولة العراق والسلطات الدينية من أجل حفظ هذا الكنز الوطني بصورة آمنة، وتمنع أي ضررٍ إضافي لم تحدثه المجاميع الإرهابية والصراع من المساس به.&

وأوضحت الدائرة أنها وشريكتها شركة G4S قد قاما لحد يومنا هذا بتطهير وإزالة 53 حزام ناسف، و74 نوع مختلف من الأعتدة، وسبع عبواتٍ ناسفةٍ مرتجلة، وذخائر ومواد أخرى، كالمتفجرات المصنوعة منزليًا بصورةٍ أمنة من موقع الكنيسة. لا يزال الموقع والأنقاض المتراكمة يعاني من تلوث متفجرات كبير، وسيحتاج مزيدًا من جهود التطهير.
&&
منظمة حمورابي: استكمال ما ارتكبه داعش من جرائم
قالت منظمة حمورابي لحقوق الإنسان إن كشف بعض موجودات الكنائس مع الأنقاض أثم وإساءة وبمثابة استكمال لما ارتكبه تنظيم داعش، حتى وإن كان بدون قصد مسبق. وأشارت إلى أنه كان حريًا بالمسؤولين عن رفع الأنقاض إشعار الجهات الكنسية قبل البدء بعملهم، لتكون في الميدان، لتوجيه عمال الأنقاض.

وأشارت المنظمة في تقرير تابعته "إيلاف" إلى أن ما جرى في رفع الأنقاض من الكنائس والأديرة يتناقض ويتنافى مع كل المبادئ والأصول في حماية موجودات تلك الكنائس، وليس أن يتم جرفها في خلط عشوائي مع الأنقاض.
&
أضافت إنه كان الأولى بالمسؤولين عن رفع الأنقاض أن يجروا الاتصالات اللازمة مع مطرانية الموصل أو نينوى لكي يحضروا، وتكون لهم فرصة تعريف بالواقع، وليس أن يتم طمر معالم كنسية، وكأن هؤلاء العمال استكملوا جرائم داعش.. ونوهت بأنه إذا كان ما جرى بقصد مسبق أو بغير قصد فإن الإثم والإساءة هو ما يؤكد ذلك.

شددت منظمة حمورابي على أن فريقًا من مسؤوليها قد اصطحب وفدًا من الخبراء الأجانب، وفق معلومات موثقة من المطران يوحنا بطرس موشي وقصد الجانب الأيمن من الموصل ليشاهدوا ميدانيًا ما تعرّضت له الكنائس هناك من تدمير وتخريب مضاف.

مطرانية السريان: جريمة نكراء
من جهتها قالت مطرانية السريان الكاثوليك في سهل نينوى في تقرير لها عن حقيقة ماجرى للكنائس إطلعت عليه "إيلاف" إن مجموعة من الخبراء الأجانب يصحبها أفراد من منظمة حمورابي قامت بتفقد الكنائس في الساحل الأيمن من مدينة الموصل في مطلع الأسبوع الحالي ولما وصلت إلى منطقة حوش الخان في الميدان، حيث يتواجد فيها مجموعة من الكنائس، وقفت على الجريمة النكراء التي كانت تفعلها مجموعة تدّعي على نفسها أنها مكلفة برفع الأنقاض وإزالة العبوات الموجودة في كنيسة الطاهرة مريم العذراء، والتي وضعت أسسها عام 1858، وتم افتتاحها في 8 ديسمبر عام 1862.

وأكدت المطرانية أن ما شاهده أفراد المجموعة هو جريمة لا تغتفر، لم تقل فداحة ووقاحة عن جريمة داعش، حيث كان العاملون يحملون الأنقاض بصورة همجية وعشوائية غير مبالين بقدسية المكان وحرمته لا الدينية ولا الأثرية، وقد طالت جريمتهم فتح مدفن الأباء الكهنة المدفونين تحت الكنيسة وأحدثت أضرارًا حتى في الكنيسة القديمة المجاورة، التي يعود تاريخها إلى القرن السادس الميلادي، والتي تحمل اسم مريم العذراء.

وأشارت هذه المجموعة إلى أنها اتصلت براعي الأبرشية يوحنا بطرس موشي لتبلغه بالأمر، فأوعز بإيقاف العمل وتوثيق الجريمة بالصور حالًا، وتقديم شكوى رسمية ضد الجهة المنفذة، وأخرى ضد محافظ نينوى، باعتباره حامي المدينة والعين الساهرة على أماكن العبادة فيها، علاوة على دورها ومحالها.

مسؤولون: تخريب وسرقات
وأكد مسؤولون في مدينة الموصل حدوث عمليات تخريب وسرقات طالت آثارًا ومخطوطات ووثائق وكتبًا أثرية خلال عمليات رفع أنقاض عدد من الكنائس التاريخية في الموصل، واتهموا منظمة وشركة بريطانيتين بالوقوف وراء ذلك.

وقال عضو مجلس قضاء الحمدانية في محافظة نينوى لويس مرقس أيوب في تصريحات لوسائل إعلام محلية إن "منظمة وشركة بريطانيتين متهمتان بسرقة الآثار خلال رفع الأنقاض من أربع كنائس تاريخية في الموصل القديمة، وخاصة كنيستي القلعة والطاهرة". ودعا مجلس مدينة الموصل إلى فتح تحقيق موسع حول اختفاء تلك الأشياء من الكنائس والأديرة، إضافة إلى مسجد قديم يعود إلى الفترة العثمانية".

يشار إلى أن آثار الموصل قد تعرّضت إلى حملة تدمير بعد احتلال تنظيم داعش لها في العاشر من يونيو &عام 2014، وتم تدمير عدد من المدن التاريخية، التي تعود إلى عصور ما قبل الميلاد والقرون الأولى بعد الميلاد، وجرت سرقة آثار متحف الموصل ومدن أثرية أخرى في محيطها، قبل أن تتمكن القوات العراقية من تحرير المدينة في منتصف عام 2017.