بانغي: تبدأ محادثات يتوقع أن تكون صعبة الخميس في الخرطوم برعاية الاتحاد الافريقي بين حكومة جمهورية افريقيا الوسطى و15 مجموعة مسلحة بهدف إحلال السلام في هذا البلد.

وكان تم في جمهورية افريقيا الوسطى (4,5 ملايين نسمة) الغارقة في حرب أهلية منذ 2013، توقيع ما لا يقل عن سبعة اتفاقات سلام في خمس سنوات، دون أن يتيح اي منها استعادة الاستقرار.

وهذا الحوار الذي يعده الاتحاد الافريقي منذ تموز/يوليو 2017 ويلقى دعم الشركاء الرئيسيين في بانغي، يسعى لأن يكون أكثر طموحا من سابقيه، وسيشارك فيه أبرز قادة المجموعات المسلحة اضافة الى وفد حكومي رفيع المستوى.

وقال وزير الخارجية السوداني الدرديري محمد أحمد ان "هذه المباحثات يمكن أن تستمر من أسبوعين الى ثلاثة أسابيع. وليس هناك تاريخ معين لنهايتها".

وستعقد المباحثات في الخرطوم عاصمة السودان المجاور الذي يشهد منذ عدة أسابيع موجة غير مسبوقة من الاحتجاجات على النظام.

ولاحظ مراقب للازمة في بانغي بدا قلقا ازاء حياد سلطات الخرطوم ان السودان "يمثل أحد المراكز الرئيسية لتزويد المجموعات المسلحة في جمهورية افريقيا الوسطى، بالسلاح".

"لا ثقة"

وقال قيادي في "الجبهة الشعبية لانبعاث افريقيا الوسطى" وهي أحد أبرز الفصائل المسلحة ويتزعمها نور الدين آدم والتي ستشارك في المباحثات، ان هذا الحوار "لا يوحي بالثقة".

وأضاف "كنا نريده أن يتم في بلد محايد في اديس ابابا (اثيوبيا) او كيغالي (رواندا)، لكن الروس ضغطوا لتنظيمه في الخرطوم".

وكان السودان حليف موسكو، سبق ان شهد محاولة وساطة موازية نهاية أغسطس 2018 ندد بها أبرز شركاء بانغي. وشددت فرنسا مرارا على أن الحوار "يجب أن يتم تحت اشراف الاتحاد الافريقي(اكرر الافريقي)" وليس روسيا.

وجمهورية إفريقيا الوسطى غنية جدا بالموارد والثروات ومنها خصوصا اليورانيوم والذهب والماس والماشية وتقع هذه الثروات في المناطق التي تسيطر عليها مجموعات مسلحة تتقاتل للسيطرة عليها، وتقاتل أيضا قوة الامم المتحدة.

والسؤال الكبير في هذه المباحثات هو هل سيتم اصدار عفو عن زعماء الحرب؟ وهو امر تجعل منه المجموعات المسلحة شرطا مسبقا لوقف المعارك، لكن سلطات بانغي ترفضه حتى الآن.

ورأى القيادي في الجبهة الشعبية التي كثيرا ما تشير تقارير الامم المتحدة الى تورطها في انتهاكات لحقوق الانسان، أن السلطات "ستجد صعوبات في انتزاع تنازل" بهذا الشأن.

وقال جناح في ميليشيا انتي بالاكا أنه مستعد لتقديم تنازلات "اذا كانت في مصلحة البلاد"، بحسب ايغور لاماكا ممثل مجموعة انتي بالاكا بزعامة باتريس ادوارد نغيسونا الذي أحيل مؤخرا الى المحكمة الجنائية الدولية.

غياب داراسا

واذا كان القيادي نور الدين آدم سيحضر مباحثات الخرطوم، فان علي داراسا زعيم مجموعة مسلحة مهمة هي الاتحاد من أجل السلام في جمهورية افريقيا الوسطى، سيغيب عن المباحثات.

وكان اعتبر ان المعارك الأخيرة منتصف يناير بين قواته وجنود مهمة الامم المتحدة، "لا تتيح" مشاركته شخصيا في الحوار، لكن مجموعته ستكون رغم ذلك ممثلة فيه.

ويدور التساؤل عن تشكيل لجنة متابعة أعلن عنها في حال التوصل الى اتفاق. وتساءل سياسي معارض "كيف يمكن للحكومة إجبار المجموعات المسلحة على احترام تعهداتها؟".

وشدد انيست نيميمانا مدير منظمة "كاثوليك ريليف سرفيسز" غير الحكومية على أن "السلام ضروري وحالا" مضيفا ان "وصول المساعدة الانسانية الى بعض المناطق بات متعذرا".

من جانبه قال مارتن زيغيلي رئيس الوزراء الاسبق (2001-2003) ورئيس أحد احزاب الاغلبية والذي سيشارك في المباحثات "يتعين التحاور لانقاذ ما لا زال من الممكن انقاذه".

وتعود آخر وساطة في النزاع الى 2017 وكانت رعتها الكنيسة الكاثوليكية. لكن المجموعات المسلحة عادت الى التقاتل بعد أقل من 24 ساعة من توقيع اتفاق وقتل مئة شخص في بريا (وسط).

وحتى الآن يبدو أن الوساطات المحلية خصوصا برعاية الكنيسة، وحدها الفعالة. ورأت مجموعة الازمات الدولية أنه "سيكون من المجدي أكثر تعزيز مسار الحوار والوساطة في المستوى المحلي".

وأبدت المجموعة أسفها "للتأثير القليل" للوساطات الدولية مشيرة مع ذلك إلى أن "ميزتها أنها تلفت الانتباه الدولي الى أزمة جمهورية افريقيا الوسطى".
&