برغم عدم وجود قانون في العراق يُجرم مديح رئيس النظام السابق صدام حسين فقد سلم شاعر قصيدة مديحه نفسه إلى الشرطة بعد مطاردة أمنية استمرت أيامًا، حيث بوشر بالتحقيق معه حول القصيدة التي ألقاها في حفل في مدينة الناصرية الجنوبية مهاجمًا الوضع السياسي الحالي ومتهمًا الأحزاب بالفساد.

إيلاف: تم الإعلان اليوم عن تسليم الشاعر الشعبي صلاح الحرباوي نفسه إلى الشرطة في مدينته ناحية الطار في قضاء سوق الشيوخ في جنوب محافظة ذي قار (375 كم جنوب بغداد) الذي ينحدر منه رئيس الوزراء الحالي عادل عبد المهدي، وذلك بعد أيام من صدور مذكرة قبض بحقه بتهمة تمجيد الرئيس العراقي السابق.&

وقد تم نقل الشاعر إلى مقر مكافحة الإرهاب في مدينة الناصرية عاصمة المحافظة للتحقيق معه تنفيذًا لمذكرة إلقاء قبض صدرت ضده بعد إلقاء قصيدته، لكن مصدرًا قانونيًا أبلغ "إيلاف" أنه بالنظر إلى عدم ارتكاب الشاعر جريمة أو فعلًا ينتهك القانون فإنه يعتقد أن التحقيق سيركز على مسألة خدش القصيدة لمشاعر ضحايا الرئيس السابق وإمكانية حصول فتنة بين مؤيديه ومعارضيه.&

جاء أمر القبض على الشاعر الحرباوي بعدما ألقى في أواخر الشهر الماضي في الناصرية قصيدته الشعبية أمام حشد من العراقيين قائلًا "هلي على الحد قبل حطولهم غارة.. إدك من تمر بالغيم طيارة.. وهسة تغيرت والوضع تعبان وترمب الذي مسك مضيفي وأنا صرت خطاره، أي "أصبح ترمب صاحب البيت، وأنا ضيفه".

أضاف "يا أبوعداي (صدام) أكرهك، لكن أحبك حيل (كثيرًا)، لأنك تدخل على المعتدي لداره". وقال نافيًا انتماءه إلى حزب البعث: "هسة يقولون بعثي، وتكلم لصدام، لكني لم أنتم إلى الحزب، وعندي 16 شهيدًا في عهده".

وشدد بالقول "أنا لست بعثيًا، لكن غثتني (أغضبتني) جدًا قدومك يا ترمب، لأنك دخلت غصبًا، ولم تأت زائرًا".. مهاجمًا الأحزاب العراقية الحالية قائلًا "الدنيا تضل تهابك (العراق) لو أحزابك فيهم خير".

يشار إلى أن الشاعر الشعبي هو من مدينة سوق الشيوخ في محافظة ذي قار، وهي مدينة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، وقد هاجم في قصيدته الوضع السياسي الحالي في العراق وتفشي الفقر والفساد في عموم البلاد.

وقد رد مقربون من الشاعر على أمر القبض عليه، موضحين أنه لم يقصد التمجيد والترحم على صدام حسين، إنما المقارنة بين وضعين عاشهما العراقيون.

القضاء الأعلى ينفي وجود قانون يجرّم مديح صدام
إزاء تداول وسائل التواصل الاجتماعي تقارير عن إمكانية سجن الشاعر لمدة تتراوح بين 5 و10 سنوات بتهمة مديح صدام فقد أكد مجلس القضاء الأعلى العراقي أن الأخبار المتداولة عن إصداره قرار يتعلق بتجريم تمجيد صدام وتحديد عقوبة لذلك عارية من الصحة.

وقال المجلس في بيان صحافي إطلعت على نصه "إيلاف" إن "تشريع أي قانون يتضمن تجريم فعل ما، ومن ثم عقوبة ذلك الفعل، هو من اختصاص مجلس النواب حصرًا، باعتباره الجهة المختصة بتشريع القوانين دستوريًا".. مشددًا على أنه " لا يوجد قانون إلى الآن بالوصف الذي تتداوله مواقع التواصل الاجتماعي".
&
.. ورأي خبير قانوني
من جهته أكد الخبير القانوني طارق حرب أن تمجيد صدام حسين في العراق لا يعد جريمة يحاسب عليها القانون، موضحًا في رأي على موقعه الالكتروني تابعته "إيلاف" أن "هناك فرقًا بين الشخص والحزب، وأن القانون الذي صدر في العراق هو قانون حظر حزب البعث، وهذا القانون له أساس في المادة السابعة من الدستور العراقي، التي تنص على ما يلي: "يُحظر كل كيان أو نهج يتبنى العنصرية أو الإرهاب أو التكفير أو التطهير الطائفي أو يحرّض أو يمهّد أو يمجّد أو يروّج أو يبرر له، وخاصة البعث الصدامي في العراق ورموزه، وتحت أي مسمى كان، ولا يجوز أن يكون ذلك ضمن التعددية السياسية في العراق، وينظم ذلك بقانون".

وأشار إلى أن "المادة قصدت الحزب والهيئة، ولم تتطرق إلى الشخص، وهو صدام حسين، ولما صدر قانون حظر حزب البعث نص على عدم الترويج للبعث وعدم الرعاية والتمجيد، فضلًا عن حظر الانضمام إليه، وعدم تشكيل مؤسسات خاصة به، في حين لم يذكر اسم صدام حسين". وشدد على أن "اسم صدام لم يذكر لا في المادة السابعة من الدستور ولا في القانون الخاص بحظر حزب البعث الذي أصدره البرلمان العراقي".

واعتبر حرب "كلام مجلس القضاء الأعلى صحيح، لأنه لم يتكلم عن شخص، بل تحدث عن حزب بكامله هذا أولًا، وثانيًا صدام حسين مات، وتمجيده لا يؤثر سلبًا ولا إيجابًا على المشهد العراقي، على الرغم من دخول العراقيين في جدل لملتبس لا طائل منه".&
وقال إن "قانون حظر حزب البعث وكذلك المادة السابعة من الدستور العراقي يشيران إلى حزب البعث، وليس إلى صدام حسين أو غيره".

وأضاف إن "الممجدين لصدام حسين بعد تفسير مجلس القضاء الأعلى لا تطالهم الطائلة القانونية، لأنه وبحسب النصوص القانونية فإن تمجيد صدام لا يدخل في باب تمجيد حزب البعث والترويج له وفق الدستور العراقي".
&
فيديو للشاعر يلقي قصيدته

من جهته قال عضو مجلس محافظة ذي قار رشيد الغالبي إن "مطاردة الحرباوي لا تعني انتهاكًا للحريات وكتم للديمقراطية، ولكن لأنه حاول استفزاز الشارع العراقي والحنين إلى أيام حزب البعث البائد".&

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد قام بزيارة سرية إلى قواته في العراق في أواخر ديسمبر الماضي لم يعلن عنها إلا بعد مغادرته لمحافظة الأنبار، حيث التقى هناك في قاعدة عين الأسد العسكرية الأميركية بقواته هناك، كما إنه لم يلتق بأي مسؤول عراقي.

&
&