بينما تؤكد موسكو أن صبرها بدأ ينفذ من تصرفات أنقرة، دعا الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إلى ضمان خفض التصعيد في إدلب بصورة نهائية، وأكد أنه لا يمكن السكوت عن تواجد الإرهابيين في إدلب السورية، ومن الضروري النظر في خطوات للقضاء عليهم.

واستضاف الرئيس الروسي، يوم الخميس، اجتماعا ثلاثيا هو الرابع من نوعه، مع الرئيس الإيراني والتركي، فلاديمير بوتين في منتجع سوتشي المطل على البحر الأسود لبحث مستقبل سوريا وتحقيق تسوية مستدامة فيها.
وقال بوتين إنه في جميع أنحاء سوريا تقريبا يتم الالتزام بنظام وقف الأعمال العدائية وبالتالي ينخفض مستوى العنف "وهذه، بالطبع، هي نتيجة إيجابية لعملنا المشترك".
وتعمل روسيا إلى جانب شريكيها الرئيسيين في إطار صيغة أستانة&(تركيا وإيران)، والمبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، على تشكيل لجنة دستورية مشتركة بين الأطراف السورية تهدف إلى وضع رؤية لإصلاح دستوري في البلاد.

خفض التصعيد

وأضاف بوتين: "كما نحتاج إلى ضمان خفض التصعيد في إدلب بصورة نهائية، نجحنا في مساندة نظام وقف العمليات في المحافظة، لكن هذا لا يعني المصالحة مع الجماعات الإرهابية. لذلك، أقترح النظر في الخطوات العملية التي قد تتخذها روسيا وتركيا وإيران بشكل مشترك للقضاء على البؤرة الإرهابية بالكامل".
وللبلدان الثلاثة قوات في سوريا، حيث تنسق جهودها رغم اختلاف الأولويات وتضارب المصالح بينها أحيانا. لكنّ انسحابا مرتقبا للقوات الأميركية من سوريا، أعلنه الرئيس دونالد ترمب في ديسمبر 2018، يهدد بتوترات جديدة لا سيما بين موسكو وأنقرة.

منطقة آمنة

وخلال القمة، أبلغت روسيا، تركيا أنها لا تملك الحق في إنشاء "منطقة آمنة" داخل سوريا ما لم تطلب موافقة من الرئيس بشار الأسد وتحصل عليها مما ينذر بتوترات مع بدء قمة ثلاثية بشأن الصراع السوري.
وتريد تركيا إنشاء ما تطلق عليها منطقة آمنة في شمال شرق سوريا، الذي تسيطر القوات الأميركية على بعض أجزائه في الوقت الراهن، كما تريد إخلاء المنطقة القريبة من حدودها من وحدات حماية الشعب الكردية التي تدعمها الولايات المتحدة.
لكن قبيل بدء قمة سوتشي بشأن سوريا، قالت متحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية إن أنقرة تحتاج إلى ضوء أخضر من الأسد لإنشاء أي منطقة آمنة داخل الحدود السورية.
وقالت المتحدثة ماريا زاخاروفا ردا على سؤال بشأن خطة المنطقة الآمنة التركية "مسألة وجود قوة عسكرية تعمل بتعليمات من بلد ثالث على أرض دولة ذات سيادة لا سيما سوريا يجب أن تحسمها دمشق مباشرة. هذا هو موقفنا الأساسي".
غير أنه من المرجح ألا يكون ذلك مستساغا لدى أردوغان الذي دعا الأسد للتنحي بعد أعوام من الحرب الأهلية التي مزقت سوريا.

صبر ينفذ

وأوضح الكرملين يوم الخميس أيضا أن صبره على تركيا بشأن اتفاق مشترك لفرض منطقة منزوعة السلاح في شمال غرب إدلب بدأ ينفذ.
وأبرمت موسكو وأنقرة الاتفاق في سبتمبر 2018 حيث قال البلدان إنهما يريدان إخلاء المنطقة من الأسلحة الثقيلة والمتشددين. وساهم الاتفاق في تجنب هجوم للقوات الحكومية في المنطقة، آخر معقل رئيسي لمعارضي الأسد.
لكن موسكو تشكو منذ ذلك الحين من أن متشددين كانوا ينتمون لجبهة النصرة يسيطرون الآن على زمام الأمور هناك وتريد عملا عسكريا لطردهم.
ولا تؤيد أنقرة ذلك بنفس القدر حيث تشعر بالقلق بشأن تدفق محتمل للاجئين من إدلب في حال تنفيذ عمل عسكري وتريد بسط سيطرتها في منطقة على حدودها. ولا تريد تركيا أن تبعدها التطورات في إدلب عن خطتها لإنشاء منطقة آمنة في شمال شرق سوريا.

كلام روحاني&

وإلى ذلك، قال الرئيس الإيراني حسن روحاني لنظيريه الروسي والتركي يوم الخميس إنه يدعم مسعى لتطهير منطقة إدلب بسوريا من مقاتلين كانوا ينتمون من قبل لجبهة النصرة، وأضاف أنه سيكون من الخطأ تركهم يخرجون من مأزقهم لمجرد أنهم غيروا اسمهم.
وأبلغ روحاني بوتين وأردوغان بأنه يعتقد أن الوقت حان لتكثيف الجهود لإصلاح الوضع في إدلب. وتقول موسكو إن متشددين إسلاميين كانوا ينتمون من قبل لجبهة النصرة يسيطرون حاليا على معظم أنحاء إدلب، وتريد تحركا عسكريا لطردهم من هناك.
قال روحاني عقب القمة الثلاثية: "في اجتماع اليوم بين رؤساء الدول الثلاث، والذي كان مفيدًا وصريحًا للغاية، ناقشنا الحاجة إلى مواصلة الحرب ضد الإرهاب في المناطق المتبقية ، بما في ذلك إدلب.
وتابع الرئيس الإيراني: لقد أكدنا هذه المسألة. الجميع وافق على أن خفض التوتر ووجود قوات الدول الضامنة — على أساس موقت. إدلب جزء من الدولة السورية، من الضروري القيام بتطهيرها من الإرهابيين، تحت أي مسمى كانوا يجب أن يغادروا البلاد".
وأشار روحاني أن طهران قلقة من عدم وجود وضوح حتى الآن بشأن سحب القوات الأميركية من شرق الفرات.

كلام اردوغان

من ناحيته، أعلن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، اليوم الخميس، أن مذكرة إدلب يجب تنفيذها لكن من الأهم عدم السماح بحصول أزمة إنسانية هناك.
وقال أردوغان خلال القمة في سوتشي "على مدى السنوات الثماني الماضية، عانى إخواننا السوريون الكثير، ودفعوا ثمنا باهظا… نحن لا نريد مآسي جديدة أو أزمات إنسانية جديدة في سوريا أو في مناطق أخرى أو في إدلب. لقد بذلت تركيا الكثير من الجهود، رغم كل الصعوبات، رغم استفزازات بعض الدول، من أجل الحفاظ على الهدوء في إدلب".