بعدما أثارت القضيتين الرأي العام داخل العراق وخارجه فقد أسدلت السلطات العراقية خلال الساعات الأخيرة الستار على مدح شاعر شعبي في محافظة ذي قار الجنوبية للرئيس السابق صدام حسين، ورفع طالب لصورته في جامعة محافظة الأنبار الغربية وأطلقت سراحهما، نظرًا إلى أن القانون العراقي لا يجرّم الفعلين وصاحبيهما.

إيلاف: تداولت مواقع على شبكة التواصل الاجتماعي تابعتها "إيلاف" خلال الساعات الأخيرة معلومات عن قرار أصدره قاضي تحقيق قضاء سوق الشيوخ في محافظة ذي قار (3775 كم جنوب بغداد) بالإفراج بكفالة عن الشاعر الشعبي صلاح الحرباوي المتهم بمدح رئيس النظام السابق صدام حسين ومهاجمة الأحزاب السياسية الحالية، متهمًا إياها بالفساد.&

وفي 11 من الشهر الحالي، سلم الشاعر الحرباوي نفسه إلى الشرطة في مدينته ناحية الطار في قضاء سوق الشيوخ، الذي ينحدر منه رئيس الوزراء الحالي عادل عبد المهدي، وذلك بعد أيام من صدور مذكرة قبض بحقه بتهمة تمجيد الرئيس العراقي السابق، وتم نقله إلى مقر مكافحة الإرهاب في مدينة الناصرية عاصمة المحافظة، حيث تم التحقيق معه، تنفيذًا لمذكرة قبض صدرت ضده بعد إلقاء قصيدته، لكنه بالنظر إلى عدم ارتكاب الشاعر جريمة أو فعلًا ينتهك القانون، فإن التحقيق تركز على مسألة خدش القصيدة لمشاعر ضحايا الرئيس السابق، وإمكانية حصول فتنة بين مؤيديه ومعارضيه.&

جاء أمر القبض على الشاعر الحرباوي بعدما ألقى في أواخر الشهر الماضي في الناصرية قصيدته الشعبية أمام حشد من العراقيين قائلًا "هلي على الحد قبل حطولهم غارة.. إدك من تمر بالغيم طيارة.. وهسة تغيرت والوضع تعبان، وترمب الذي مسك مضيفي، وأنا صرت خطاره، أي "أصبح ترمب صاحب البيت، وأنا ضيفه"، في إشارة إلى زيارته المفاجئة لقاعدة عسكرية في غرب البلاد في أواخر الشهر الماضي من دون زيارة بغداد أو الالتقاء بمسؤوليها.

أضاف "يا أبوعداي (صدام) أكرهك لكن أحبك حيل (كثيرًا) لأنك تدخل على المعتدي لداره". وقال نافيًا انتماءه إلى حزب البعث &"هسة يقولون بعثي، وتكلم لصدام، لكني لم أنتم إلى الحزب، وعندي 16 شهيدًا في عهده".

وشدد بالقول "أنا لست بعثيًا، لكن غثتني (أغضبتني) جدًا دخلة ترمب، لأنك دخلت غصبًا، ولم تأتِ زائرًا".. مهاجمًا الأحزاب العراقية الحالية قائلًا "الدنيا تضل تهابك (العراق) لو أحزابك فيهم خير"، ثم هاجم الوضع السياسي الحالي في العراق وتفشي الفقر والفساد في عموم البلاد.

وقد رد مقرّبون من الشاعر على أمر القبض عليه، موضحين أنه لم يقصد التمجيد والترحم على صدام حسين، إنما المقارنة بين وضعين عاشهما العراقيون.

كان مجلس القضاء الأعلى العراقي قد نفى الأخبار المتداولة عن إصداره قرارًا يتعلق بتجريم تمجيد صدام، وتحديد عقوبة لذلك بالسجن لمدة تتراوح بين 5 و15 عامًا، معتبرًا أنها عارية من الصحة.

من جهته، أكد الخبير القانوني طارق حرب أن تمجيد صدام حسين في العراق لا يعدّ جريمة يحاسب عليها القانون، موضحًا في رأي على موقعه الالكتروني تابعته "إيلاف" أن "هناك فرقًا بين الشخص والحزب، وأن القانون الذي صدر في العراق هو قانون حظر حزب البعث، وهذا القانون له أساس في المادة السابعة من الدستور العراقي".. وأضاف أن "الممجدين لصدام حسين بعد تفسير مجلس القضاء الأعلى لا تطالهم الطائلة القانونية، لأنه وبحسب النصوص القانونية فإن تمجيد صدام لا يدخل في باب تمجيد حزب البعث والترويج له وفق الدستور العراقي".

.. والإفراج عن جامعي رفع صورة صدام&
كما أعلنت شرطة محافظة الأنبار الغربية إطلاق سراح طالب جامعي كان رفع صورة لصدام حسين خلال احتفال رسمي داخل جامعة الأنبار جرى خلاله الهتاف له لمناسبة الذكرى الثانية عشرة لإعدامه، لكن قرار فصله منها سيكون ساريًا.&

طلاب في جامعة الأنبار العراقية يرفعون صورة صدام في ذكرى إعدامه

وفي 25 ديسمبر الماضي، أرسلت السلطات قوة أمنية إلى الجامعة، حيث حققت مع مسؤولي الأمن فيها، وتم فصل ثلاثة من طلابها. واعتبر وزير التعليم العالي والبحث العلمي قصي السهيل ما جرى في الجامعة أنه "يمثل ترويجًا لا أخلاقيا لفكرٍ إجرامي كان سببًا في خراب البلد وجرّه إلى أتون الحروب والمآسي التي دفع العراق ثمنها قوافل من الشهداء والضحايا، فضلًا عن الدمار الذي أصاب البنى التحتية للعراق".

يشار إلى أن عددًا من طلاب جامعة الأنبار كانوا قد رفعوا في 24 ديسمبر الماضي في الذكرى 12 لإعدام صدام حسين في 30 من الشهر نفسه عام 2016 صورة مرسومة له خلال احتفالية داخل حرم الجامعة، حيث تجمع العشرات من الطلاب حول حامل الصورة، مرددين أغانيَ انتشرت خلال الحرب العراقية الإيرانية في ثمانينات القرن الماضي، ما أثار استياء رسميًا، نظرًا إلى أن الدستور العراقي يجرّم الترويج لفكر حزب البعث المحظور في العراق، والذي حكم البلاد بقيادة صدام 35 عامًا.

إثر تحقيق عاجل أجرته إدارة جامعة الأنبار، تم فصل ثلاثة طلاب، بتهمة رسم صورة صدام، ورفعها في الجامعة، والمشاركة في تمجيده.