تحظى التعديلات الدستورية المقترحة من قبل البرلمان المصري، بموافقة الأغلبية سواء داخل مجلس النواب، أو بين أحزاب المعارضة والنقابات المهنية، وسط غياب صوت المعارضة الرافضة للتعديلات. في حين طالبت جبهات أخرى بالعودة لدستور 1971 وإحداث تغيير كامل لدستور 2014.

إيلاف من القاهرة: وافق 485 نائبًا بالبرلمان المصري &على تقرير اللجنة العامة الخاص بمبدأ «تعديل الدستور»، وأعلن علي عبدالعال، رئيس مجلس النواب، عن إحالة التقرير إلى اللجنة الدستورية والتشريعية بمجلس النواب لدراسته، وإعداد تقريرها الذي سيُعرض على المجلس عقب انتهاء مدة عملها المقدرة بـ60 يومًا، فيما رفض 16 نائبًا مبدأ تعديل الدستور، وامتنع نائب واحد عن التصويت هو أبوالمعاطي مصطفى، فيما غاب عدد من النواب عن حضور الجلسة لأسباب مختلفة، من بينها المرض والسفر للخارج، وجرى التصويت بطريقة النداء بالاسم لكل عضوٍ على حدة.

حوار مجتمعي

وطالب &علي عبد العال، رئيس مجلس النواب المصري، &النواب ممن لديهم اقتراحات أو دراسة أو بحث فى شأن طلب تعديل الدستور، بتقديمه إلى رئيس المجلس خلال 30 يومًا، عملًا بالمادتين 136، و137 من اللائحة الداخلية، مع إحالة المقترحات إلى لجنة الشئون الدستورية والتشريعية.

كما أعلن عن فتح حوار مجتمعي حول المواد المراد تعديلها والمستحدثة قبل إقرارها داخل البرلمان بحيث يكون هناك اتفاق شعبي وسياسي حولها.

ووجَّه رئيس المجلس، لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بالالتزام بـ4 مراحل أثناء مناقشة التعديلات، تبدأ من فتح الباب لتلقِّي الملاحظات والمقترحات في حدود المواد المطروح تعديلها، والجهات والمؤسسات المختلفة والمواطنين لمدة 30 يومًا، تعقبها جلسات استماع على مدى أسبوعين بحد أدنى 6 جلسات، يُدعى إليها رجال السياسة والقانون والقضاء والمؤسسات.

تأييد نقابي

أعلنت عدد من اللجان النقابية بـ14 شركة من مختلف المحافظات، موافقتها على التعديلات الدستورية التي يناقشها مجلس النواب، "من أجل دعم الاستقرار واستكمال مسيرة الإنجازات وخارطة الطريق".

كما أعلنت النقابات المهنية للعاملين بالوزرات والقطاع العام بالدولة ونوادي أعضاء هيئة التدريس بالجامعات والاتحادات العمالية موافقتهم على التعديلات الدستورية، وخاصة المادة المتعلقة بمد فترة حكم الرئيس من 4 إلى 6 سنوات.

التعديلات المقترحة

بلغ مجموع المواد المقترح تعديلها في الدستور المحال إلى لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية، 15 مادة، بينها 12 مادة للتعديل و3 مواد مستحدثة، فيما أبقى المجلس على الهيئتين الوطنيتين للصحافة والإعلام، واستبعاد حذف المادتين 212 و213 من الدستور المتعلقة بالهيئتين.

تتضمن التعديلات الدستورية المحالة إلى لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية المواد التالية: في مجال زيادة التمثيل ودعم الحياة السياسية والتوازن بين طوائف المجتمع، من خلال دعم تمثيل المرأة في المجالس النيابية ووضع نسبة محجوزة لها، واستمرار تمثيل العمال والفلاحين والشباب والأقباط والمصريين في الخارج وذوي الإعاقة، بعد أن كان تمثيلًا مؤقتًا.

في مجال إصلاح نظام الحكم والتوازن بين النموذج البرلماني والرئاسي، تضمن التعديل إمكانية تعيين نائب لرئيس الجمهورية أو أكثر، وتعديل مدة رئاسة الجمهورية لتصبح 6 سنوات بدلًا من 4، مع وضع ما يلزم من أحكام انتقالية، وفي مجال السلطة القضائية تضمن تنظيم آلية موحدة لتعيين رؤساء الهيئات القضائية والنائب العام ورئيس المحكمة الدستورية العليا، وإنشاء مجلس أعلى للشؤون المشتركة للقضاء.

وضمت قائمة التعديلات الدستورية إعادة صياغة وتعميق دور القوات المسلحة، وجعل تعيين وزير الدفاع بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وإسباغ الحماية القانونية على المنشآت الحيوية والمرافق العامة، وفي مجال إصلاح نظام الانتخابات تقرر حذف عبارة التمثيل المتكافئ للناخبين؛ لما أثارته من خلاف في التطبيق العملي التزامًا بحكم المحكمة الدستورية الصادر في هذا الشأن، وإنشاء وتنظيم مجلس الشيوخ.

صوت المعارضة

في السياق ذاته، رفض تكتل «25 - 30» وعدد أعضائه «16» نائبًا، باستثناء النائب خالد عبدالعزيز شعبان، الذي وافق على مبدأ «تعديل الدستور»، فيما غاب النائب خالد يوسف عن الحضور، وأعلنت كل من الهيئتين البرلمانيتين لحزبي «المصري الديمقراطي والتجمع» رفضهما الموافقة على التعديلات.

وأكد النائب سيد عبدالعال، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب التجمع، رفضه الموافقة على تعديل الدستور، وفي الوقت الذي أعلن فيه النواب المعارضون في البرلمان أنهم سيصوتون بالرفض على التعديلات، فقد تصاعدت دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي للتصدي للتعديلات.

وانطلقت حملة إلكترونية، تحت هاشتاغ #لا_لتعديل_الدستور، ركزت على رفض التمديد للرئيس السيسي وتجاوز المادة 226 من الدستور المصري بشكل اعتبروه سافرًا.

ومن أبرز من كتب تحت هاشتاغ #لا_لتعديل_الدستور على «فيسبوك»، المرشح الرئاسي الأسبق حمدين صباحي، والنائب المعارض هيثم الحريري، كما تصدَّر الهاشتاغ ذاته في وقت سابق، المركز الأول بترتيب منصة «تويتر»، بآلاف التغريدات التي ترفض خطوة التعديل، في المقابل أطلقت تدوينات وتغريدات مؤيدة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مؤكدةً أهمية تلك الإجراءات لتحقيق مزيد من الاستقرار.

في الوقت نفسه، ظهرت بوادر للخلافات بين أطياف المعارضة والنشطاء في مصر، الممزقة أصلًا، بشأن طريقة مواجهة التعديلات الدستورية: هل ستكون بالمقاطعة أم بالحشد للتصويت بـ «لا» في الاستفتاء؟

وراجت على مواقع التواصل الاجتماعي دعوة منسوبة إلى الأديب علاء الأسواني، للذهاب إلى لجان الاستفتاء بملابس سوداء، والتصويت بـ «لا»، في حين سخر البعض من هذه الدعوة وقالوا:" إنها تساعد الأمن في القبض على المعارضين".

دستور 71

على الجانب الآخر، أصدر ائتلاف “مصر فوق الجميع”، بيانًا، أكد من خلاله مطالبته بالعودة للعمل إلى دستور 71 بدلًا من تعديل الدستور الحالي، وقال محمود عطية، المنسق العام للائتلاف:" إن أغلب أعضاء اللجنة التي اختيرت لوضع دستور 2014، كانت لموائمة هذا الوقت العصيب، وهي لا ترتقي لشرف هذا الأمر".

وتابع: “قبل الاستقرار الذي نشهده في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، والنهضة التي تشهدها مصر في طريق إعادة بناء الدولة، فكان توافق المجتمعين من الائتلاف على إحلال دستور 71، حيث أنه من أفضل الدساتير بشهادة فقهاء القانون الدستوري”.

وعي المواطن

من جانبه، قال هيثم الحريري عضو تكتل «25 - 30» بمجلس النواب:" إن الأغلبية داخل البرلمان نجحت في التصويت بالموافقة على التعديلات الدستورية، فيما تمسكت المعارضة داخل البرلمان برفضها بشدةٍ أي حديث عن تعديل الدستور الذي تم إقراره بإرادة الشعب في 2014".

وأكد الحريري &لـ"إيلاف" أن المادة 226 من الدستور المصري التي تقول :"إنه لا يجوز تعديل المواد الخاصة بالحريات ومدد الرئاسة إلا بتقديم مزيد من الضمانات"، وهذه الضمانات غير متوفرة الآن، وبالتالي فإن مناقشة أي تعديل على مواد دستور 2014 لا يجوز من الأساس.

وأضاف النائب أن الحديث عن التعديل ليس له أي هدف سوى مدة الرئاسة وإمكانية الترشح لعهدات متتالية فقط، موضحًا أن الرئيس عبد الفتاح السيسي سيقضي 8 سنوات في منصب رئيس الجمهورية، والتعديل يسعى إلى جعل فترة الرئاسة 6 سنوات.

وأشار إلى أنه يثق في وعي المواطن المصري، برفض تلك التعديلات عند طرحها للاستفتاء الشعبي، فالمواطن أصبح السبيل الأخير أمام المعارضة لرفض تغيير الدستور الحالي.