بعد المخالفات الكثيرة التي تمّ التثبت من وقوعها أثناء العملية الانتخابية، خصوصًا في أصوات المغتربين التي ضاع جزء منها ولم يحتسب جزء آخر بعدما وصلت صناديق متأخرة أو مفتوحة وغير موثقة، تتّجه الأنظار الى المجلس الدستوري لإصدار قراراته في الطعون النيابية.

إيلاف من بيروت: تتّجه الأنظار إلى المجلس الدستوري اللبناني لإصدار قراراته في الطعون النيابية. ويبقى أنّ مخالفات كثيرة تمّ التثبت من وقوعها أثناء العملية الانتخابية، خصوصًا في أصوات المغتربين ، التي ضاع جزء منها، ولم يحتسب جزء آخر، بعدما وصلت صناديق متأخرة أو مفتوحة وغير موثقة.

تم التلاعب أيضًا بعدد من الصناديق لدى نقلها إلى مكاتب الفرز في مراكز الأقضية أو المحافظات.&

حدث دستوري
عن أهمية المجلس الدستوري في الطعون النيابية، يؤكد الخبير القانوني الدكتور فيليب أبو جودة لـ"إيلاف" أن "المجلس الدستوري الذي أُنشئ بموجب القانون رقم 250 بتاريخ 14/7/1993 وبموجب التعديلات الدستورية التي أقرّها مجلس النواب وفق اتفاق الطائف، شكل حدثًا دستوريًا مهمًا عام 1993، لما لهذا المجلس من أهمية تضمن عدم تجاوز الدستور، فضلًا عن النظر في الطعون الانتخابية سواء النيابية منها أو الرئاسية.

يضيف: "على مدى الانتخابات النيابية منذ قيام المجلس الدستوري، عام 1993، كانت الطعون تقدّم إلى المجلس الدستوري، ويأخذ ببعضها، كما هي حال قانون 1996، حيث كان الطعن الأوّل الذي تقدّم به عشرة نواب بشأن قانون الانتخاب الذي قبله المجلس، فاعتبر تمديد ولاية المجلس أكثر من أربع سنوات باطلًا، إضافة إلى عدم مساواته الناخبين، من خلال ما تضمنه القانون حينئذ باعتماد المحافظات في كل من بيروت والشمال والبقاع والجنوب والأقضية في جبل لبنان، فكان أن تمّ اعتماد التقسيم الانتخابي نفسه، مع إشارة إلى تقسيم دوائر جبل لبنان "لمرة واحدة فقط"، وألغى تمديد ولاية مجلس النواب 8 أشهر، وكان ذلك قبل 8 أيام من موعد إجراء الانتخابات النيابية، علمًا أنه لم يتوافر عشرة نواب لتقديم طعن جديد.

يتابع أبو جودة قائلًا: "بعد الانتخابات في تلك السنة، قدمت طعون من نواب خاسرين، فقبلت بعض الطعون، وتقررت إعادة الانتخابات فيها، وما رفضه المجلس الدستوري في قانون 1996 بشأن تمديد ولاية المجلس النيابي لمرة واحدة لمدة 8 أشهر، أدرج في قانون العام 2000، وأقر في مجلس النواب، من دون أن يؤخذ حكم المجلس الدستوري في السابق، ولم يتقدّم أحد بالطعن به.

وفي عام 2002، توفي النائب ألبير مخيبر، وفاز بالمقعد غبريال المر، الذي طعنت منافسته ميرنا المرّ بفوزه، فاتخذ المجلس الدستوري قرارًا بفوز مرشّح ثالث هو غسّان مخيبر. وفي انتخابات 2005، لم يتسنَّ للمجلس الدستوري النظر بالطعون الانتخابية بسبب تجميد عمله.

وفي انتخابات العام 2009 بلغ عدد الطعون التي تقدّم بها مرشحون خاسرون نحو عشرة طعون، لم يؤخذ بأي واحد منها.

طبيعة المجلس
ولدى سؤاله ما هي طبيعة المجلس الدستوري وقوة قراراته؟. يجيب أبو جودة: "اختلف الفقهاء حول تحديد الطبيعة القانونية للمجلس الدستوري، هل هو محكمة أو هيئة قضائية، أم سياسية، أم دستورية؟، وكذلك اختلف الفقهاء حول القوة التنفيذية لقرارات هذا المجلس تجاه السلطات التشريعية والتنفيذية، وتجاه المحاكم.

لكن المادة الأولى من قانون إنشاء المجلس الدستوري اللبناني رقم 250/93 حسمت الجدل، فنصت على أن المجلس الدستوري هو هيئة دستورية مستقلة ذات صفة قضائية، وورد النص عينه في المادة الأولى من النظام الداخلي للمجلس.

كذلك نصت المادة 13 من قانون إنشائه على أن القرارات الصادرة من المجلس الدستوري تتمتع بقوة القضية المحكمة، وهي ملزمة لجميع السلطات العامة وللمراجع القضائية والإدارية، كما إن قرارات المجلس الدستوري مبرمة، ولا تقبل أي طريق من طرق المراجعة العادية أو غير العادية.

اختصاص
عن إختصاص المجلس الدستوري يلفت أبو جودة إلى أن المادة 19 من الدستور، ومن بعدها المادة الأولى من قانون إنشاء المجلس الدستوري، ثم المادة الأولى من نظامه الداخلي، حدّدت كلها مهمة هذا المجلس بمراقبة دستورية القوانين وسائر النصوص التي لها قوة القانون والبتّ في النزاعات والطعون الناشئة عن الإنتخابات الرئاسية والنيابية.

وتجدر الإشارة إلى أن الغاية الجوهرية من إنشاء المجلس وفق ما نصت عليه وثيقة الوفاق الوطني التي أقرّها اللقاء النيابي في الطائف بتاريخ 22/10/1989 كانت مهمة تفسير الدستور، إضافة إلى مراقبة دستورية القوانين والبتّ في النزاعات والطعون الناشئة عن الانتخابات الرئاسية والنيابية، لكن قانون إنشاء المجلس الدستوري رقم 250/93 لم ينص على صلاحيته في تفسير الدستور بعد النقاش المستفيض في مجلس النواب وحذف صلاحية تفسير الدستور.
&