الباغوز: شنّ عناصر تنظيم "داعش" الأربعاء هجومين مضادين انطلاقاً من الجيب الأخير الذي يتواجدون فيه في الباغوز في شرق سوريا، وأعلنت قوات سوريا الديموقراطية أنها تمكنت من صدّهم، ومن التقدّم، مؤكدة أنّ نهاية "الخلافة" أصبحت قريبة.

وبعدما كان التنظيم أعلن في العام 2014 إقامة "الخلافة الإسلامية" على مناطق واسعة سيطر عليها في سوريا والعراق المجاور تعادل مساحة بريطانيا، بات وجوده يقتصر اليوم على جيب محاصر داخل بلدة نائية على الضفاف الشرقية لنهر الفرات، خرج منه الآلاف من الرجال والنساء والأطفال خلال الأيام الأخيرة.

وأصدرت قوات سوريا الديموقراطية مساء الأربعاء بيانا جاء فيه "حقّق مقاتلونا تقدماً في عمليّاتهم، وسط اشتباكات عنيفة مع الإرهابيّين"، مضيفا "شنّ مقاتلونا هجوماً واسعاً على تجّمعات ومواقع الإرهابيّين"، ومتحدثا عن مقتل "العشرات" من عناصر التنظيم المتطرف.

وكتب مدير المركز الإعلامي لقوات سوريا الديموقراطية مصطفى بالي من جهته على موقع "تويتر"، "تقدمت قواتنا اليوم وسيطرت على نقاط عدة"، مضيفا أن التنظيم "حاول شن هجوم معاكس على النقاط المحررة واندلعت اشتباكات مباشرة عنيفة قتل فيها 38 إرهابياً بينهم ثمانية انتحاريين".

كما أشار إلى مقتل أربعة مقاتلين من قوات سوريا الديموقراطية، مضيفاً أنّ "هجوم الإرهابيين مني بالفشل".

وكان قيادي ميداني على الخطوط الأمامية قال لوكالة فرانس برس قبل الظهر "شن داعش هجومين مضادين اليوم، صباحاً وبعد الظهر"، مشيراً إلى أن "الهجوم الثاني كان أقوى بكثير كونهم استفادوا من الدخان المتصاعد فوق الباغوز" جراء الحرائق "فضلاً عن الغبار" بسبب عاصفة رملية.

ويستخدم التنظيم، وفق مقاتل في موقع متقدّم في الباغوز، "الكثير من الانتحاريين". وقال إنه تم "قتل بعضهم قبل الوصول إلى هدفهم، ومنهم من فجر نفسه في مدرعة مصفحة".

وقال القيادي الكردي جياكر أمد لوكالة فرانس برس في الباغوز "قد يكون هذا آخر هجوم لهم"، مضيفاً "بدأت اللحظات الأخيرة لداعش".

- "استسلام جماعي" -

وجاءت المعارك الأربعاء غداة إعلان بالي أن "ثلاثة آلاف إرهابي" استسلموا في اليومين الأخيرين، في ما اعتبره مؤشراً على أن "ساعة الحسم أصبحت أقرب من أي وقت مضى".&

و"استسلم" مقاتلو التنظيم، وفق بالي، "بشكل جماعي"، خلال الأيام الماضية.

ولا تملك قوات سوريا الديموقراطية تصوراً واضحاً لعدد مقاتلي التنظيم الذين ما زالوا محاصرين في الباغوز، بعدما فاقت أعداد الذين خرجوا في الأسابيع الأخيرة كل التوقعات.

وأفاد المتحدث باسم التحالف شون راين لفرانس برس الأربعاء أنه بفضل عمليات قوات سوريا الديموقراطية وضربات التحالف، "تم احراز تقدم وتدمير قدرات (التنظيم) بشدة".

وقال إن طائرات التحالف "تواصل شن الضربات دعماً لعملية إنزال الهزيمة بداعش كلما تطلب الأمر وسمحت الفرصة، سواء أكان ليلاً أم نهاراً"، موضحاً أنه "لا يُسمح للعدو بحرية الحركة ليلاً".

عند خطوط الجبهة الخلفية في الباغوز، شاهد فريق وكالة فرانس برس صباح الأربعاء وسط حقل غطته زهور برية صفراء، ثلاثة مقاتلين من قوات سوريا الديموقراطية يطلقون قذائف الهاون باتجاه بقعة الجهاديين.&

وكانت مقاتلة بينهم ترفع قذائف الهاون، واحدة تلو الأخرى. وتضعها مع زميلها في القاذفة، ثم تبتعد عنها لتقف خلف ساتر قريب وتشد حبلاً فتنطلق القذيفة نحو هدفها.

على بعد مئات أمتار، أحاط مقاتلون من قوات سوريا الديموقراطية وعناصر من التحالف الدولي بعشرات الأشخاص غالبيتهم نساء وأطفال علقت الرمال المتطايرة بوجوههم وثيابهم. ويرجح أنهم خرجوا خلال الساعات الأخيرة من الجيب المحاصر.

- نزوح ستين ألفاً -

في الأسابيع الأخيرة، علّقت هذه القوات مراراً هجومها ضد جيب التنظيم، ما أتاح خروج عشرات الآلاف من الأشخاص، غالبيتهم نساء وأطفال من أفراد عائلات المقاتلين، وبينهم عدد كبير من الأجانب.

بدأت قوات سوريا الديموقراطية منذ سبتمبر هجومها في شرق سوريا.&وعلى وقع تقدمها العسكري، خرج نحو 60 ألف شخص منذ ديسمبر من مناطق التنظيم.

وخضع الرجال والنساء والأطفال وغالبيتهم من عائلات مقاتلي التنظيم لعمليات تفتيش وتدقيق في هوياتهم بعد خروجهم. وتمّ نقل الرجال المشتبه بأنهم جهاديون إلى مراكز اعتقال، فيما أرسل الأطفال والنساء إلى مخيمات في شمال شرق البلاد أبرزها مخيم الهول الذي بات يأوي أكثر من 66 ألفاً.

وتوشك "خلافة" التنظيم على الانهيار في سوريا، بعد سنوات أثار فيها الرعب بقوانينه المتشددة واعتداءاته الوحشية.&

ويناقش شركاء الولايات المتحدة داخل التحالف الدولي ضد التنظيمات الجهادية في واشنطن، إمكانية الإبقاء على قوة لمكافحة الإرهاب في شمال سوريا، بعد انتهاء معركة الباغوز.

وستزور وزير الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي الاثنين الولايات المتحدة لتناقش المسألة مع نظيرها باتريك شاناهان، قبل أن تجري الثلاثاء محادثات أخرى في نيويورك.

وتساهم فرنسا بـ1200 عنصر من قواتها في عمليات التحالف.

وأعلن مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جون بولتون الأحد أن الولايات المتحدة "متفائلة جداً" حيال مشاركة فرنسا والمملكة المتحدّة في القوة الصغيرة التي قرر الرئيس الأميركي دونالد ترمب إبقاءها في سوريا.
&