على الرغم من محاولات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التخفيف من لهجته الحادة للخروج من دائرة الإرهاب الإنتقامي المتبادل الذي فجرته حادثة كرايستشيرش في نيوزيلندا، والذي حاول أردوغان العزف على وتره، &إلا أن الصحافة الأسترالية، وعبر مقالات الرأي بها لم تلتفت كثيراً لما نشرته صحيفة "واشنطن بوست"، والتي نقلت عن أردوغان وصفه لرئيسة وزراء نيوزيلندا جاسيندا أرديرن بأنها تعاملت مع الحادثة الإرهابية بشجاعة وإخلاص وعقلية قيادية.

المتاجرة بالدماء البريئة

صحيفة "سيدني مورننج هيرالد" نشرت مقالاً للكاتبة جولي سيجو التي تتخذ موقفاً فكرياً تحليلياً خاصاً من قضايا صراع الحضارات، والعنف، والإرهاب، ومشاكل المهاجرين، وظاهرة الإسلاموفوبيا يجعلها أقرب إلى الحياد، حيث أشارت الكاتبة إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يمارس السياسة الرخيصة، بل إنه يفعل ذلك بفظاظة من أجل تلميع صورته، وتحقيق مكاسب سياسية تخصه وتتعلق بالداخل التركي، ورغبته في الزعامة خارجياً، &في الوقت الذي كان يجب على الجميع عدم المتاجرة بدماء الأبرياء الذين قتلوا في كرايستشيرش.

وكان أردوغان قد أثار غضب أستراليا وكثير من دول العالم، بعد أن حذر بأن الأستراليين المناهضين للمسلمين مثل منفذ مجزرة كرايستشيرش، سوف يتم إرسالهم في نعوش &مثل أجدادهم في معركة غاليبولي في الحرب العالمية الأولى، وتفاعل الرئيس التركي مع الاعتداء الذي وقع في نيوزيلندا باعتباره جزء من هجوم أكبر على تركيا والإسلام، وقال خلال تجمع انتخابي في غرب تركيا الإثنين الماضي: "إنه ليس حادثا معزولاً أو فردياً، إنها مسألة أكثر تنظيماً"، مضيفاً :"إنهم يختبروننا بالرسالة التي يبعثونها بها لنا من نيوزيلندا، هذه الرسالة أتت إلينا من مسافة بعيدة تبلغ 16500 كم".

سياسة رخيصة

وأضافت الكاتبة :"أظهر الرئيس التركي للعالم أجمع كيف تتم ممارسة السياسة الرخيصة، وكيف يتم التحريض العابر للحدود، لقد كان يفكر في نفسه بطريقة تثير الشفقة، وفي غضون ساعات من تحذير أردوغان من أن المتطرفين المعادين للإسلام من أستراليا ونيوزيلندا الذين يهاجمون بلاده سيتم إرسالهم إلى بلادهم في صناديق مثل أسلافهم الذين تم ذبحهم في غاليبولي ، حتى بدأت الهتافات في مسيرات تنادي بالحرب والشهادة".

&وأشارت الكاتبة إلى أن أردوغان أكثر من رفض استخدام مصطلح الإرهاب الإسلامي، ولكنه الآن يتمسك بوصف "الآخر" بالإرهابي، ليجعل دائرة "نحن وهم" تتسع أكثر من أي وقت مضى، مما يفجر معارك عبر مواقع السوشيال ميديا، حيث يتمسك كل طرف بأن الإرهاب له مصدر واحد، ودين واحد، ولون واحد، وكل طرف يفعل كل شئ من أجل تجريد نفسه من المسؤولية ويلقي بها على الطرف الآخر، فقد أصبح من الواضح أن هناك ربط بين ما فعله إرهاربي كرايستشيرش، وبين الإنتقام لمن قتلهم الإرهاب الإسلامي في أوروبا والغرب، كما أن هناك موجة سائدة تقول إن المسلم لا يمكنه أن يتناغم بصورة تامة مع الحياة في الغرب، والآن يرتفع صوت هؤلاء الذين يتمسكون بوصف كل من يعتدي على مسلم بالإرهاربي".

شيطنة المسلم والمهاجر

الكاتبة الأسترالية أكدت أن ما يحدث على الساحة العالمية من صراع بين طرفين لا يخدم أبداً التقارب والتسامح، فليس من مصحلة أحد وضع هذه التوصيفات والتصنيفات، كما كشفت عن أن رئيس ورزاء أستراليا الحالي سكوت موريسون ورفاقه يشاركون في المسؤولية عن شيطنة المسلمين واللاجئين لمدة 20 عاماً، بل إن موريسون اقترح في عام 2010 استغلال مخاوف الناخبين بشأن المسلمين والمهاجرين لكسب معركة التصويت، صحيح أنه نفى ذلك، ولكن المؤكد أن هذه الإستراتيجية كانت مستخدمة بصورة ما في أستراليا، حتى لو لم يتم توصيفها بصورة واضحة.