إيلاف من كولون: وضعت الحكومة الألمانية التزاماً على نفسها بتقليل انبعاث غاز ثاني أوكسيد الكربون إلى النصف حتى العام 2030 من خلال التحول من سيارات البنزين والديزل إلى السيارات الكهربائية. وتخطط حكومة انجيلا ميركل إلى رفع عدد السيارات الكهربائية على الشوارع الألمانية إلى مليون سيارة حتى العام 2020.

&لكن دراسة لمعهد "ايفو" للدراسات الاقتصادية تقول إن ثاني أوكسيد الكربون المنبعث عن السيارة الكهربائية يزيد عن كميات الغاز التي تنطلق من عوادم سيارات الديزل والبنزين. وأثارت الدراسة ردود فعل سلبية قوية شاركت فيها الحكومة والأحزاب وشركات السيارات والمنظمات البيئية.

فالمعتقد السائد هو أن مستقبل النقل يكمن في السيارات الإلكترونية، لأنها أرأف بالبيئة من السيارات التي تعمل بالوقود. ولم تتخلف أية شركة لصناعة السيارات في ألمانيا عن مشاريع السيارات الكهربائية، وصارت تخصص لها ميزانيات ضخمة وإمكانيات تقنية عالية. ولذلك فقد انطلقت كل هذه الشركات، في جوقة واحدة، للتشكيك بصحة الدراسة.

ومعروف ان الحكومة الألمانية، بهدف تشجيع المواطنين على شراء السيارات الكهربائية، وضعت مكافأة قدرها 5000 يورو لكل مواطن يتخلى عن سيارته القديمة ويشتري سيارة كهربائية جديدة. وتعود العجلة في اتخاذ القرار الآن إلى أسعار النفط، وبالتالي أسعار البنزين، المنخفضة التي لا تشجع المواطن على استخدام الكهرباء.

وبهدف تنفيذ هذه الخطة عملت الحكومة على توفير مبلغ 5 مليارات يورو للمكافآت حتى العام 2020، وسط تكهنات تقول إن السيارة الكهربائية ستفرض نفسها عاجلاً ان آجلاً دون الحاجة إلى مكافآت.
مرسيدس ديزل أرحم بالبيئة من تيسلا

تزعم دراسة معهد"ايفو" ان سيارت الميزان البيئي لسيارة مرسيدس ديزل أفضل من سيارة تيسلا-3 الكهربائية التي انتشرت بشكل كبير في العالم بين البيئيين.

وتطلق هذه السيارة من مرسيدس نحو 141 غم من غاز ثاني أوكسيد الكربون لكل كيلومتر. في حين تطلق سيارة تيسلا Long Range Dual Motor بين 155-180 غم من الغاز لكل كيلومتر، وذلك بحسب بطاريتها.

احتسب خبراء معهد"ايفو" في حساب الميزان البيئي للسيارتين كميات غاز ثاني أوكسيد الكربون التي تنبعث عند إنتاج بطاريات السيارات الكهربائية أيضاً. ويقول المنتقدون إن الخبراء، وعلى رأسهم هانز فيرنر زين، لم يحتسبوا الغاز المنبعث من أجزاء السيارة الأخرى، وخصوصاً سيارات الديزل.

وانتقدت مجلة"الأسبوع الاقتصادي" الألمانية المعروفة الدراسة، وقالت انها تفوق كافة الدراسات الجادة التي سبقتها. وكتب خبير السيارات الكهربائية دون دالمان ان الدراسة اعتمدت احصائيات غير صحيحة في حسابها للميزان البيئي للسيارة. كما أشارت دائرة البيئة الاتحادية إلى دراسات سابقة تقول إن الميزان البيئي للسيارة الكهربائية أفضل من الميزان البيئي لسيارات البنزين والديزل.

الصحافة تنتصر إلى تيسلا

وشاركت مجلة"دير شبيغل" بحماس في نقد دراسة هانز فيرنر زين، وقالت إن دراسة سويدية سابقة أثبتت ان السيارة الكهرباء تطلق في البيئة غاز ثاني وكسيد كربون أقل من سيارة البنزين. وكتبت المجلة المعروف ان انبعاث غاز ثاني أوكسيد الكربون يتعلق بجملة عوامل منها حجم المحرك وحجم البطارية وسرعة السيارة إلخ.

وتشير الدراسة السويدية المذكورة (2017) إلى ان غاز ثاني أوكسيد الكربون الذي ينبعث عند إنتاج بطاريات الليثيوم للسيارات الكهربائية يبلغ 145-195 لكل واط ساعة من قدرة المحرك. وعلى هذا الأساس تطلق السيارة الكهربائية تيسلا ذات البطارية الكبيرة من طاقة75 كيلوواط ساعة 11-15 طنا من الغاز.

وحسبت الدراسة أن سيارة تيسلا إذا سارت 150 ألف كيلومتر، فإنها ستطلق 73-98 غم من غاز ثاني أوكسيد الكربون لكل كيلومتر. ويرتفع هذا الرقم فقط إلى 155-180 غم من الغاز لكل كيلومتر اذا احتسب ثاني أوكسيد الكربون الذي ينبعث عنها عند شحن البطارية بالكهرباء.

مدير معهد "ايفو" يرد

وفي مقابلة مع صحيفة "فرانكفورتر الغيماينة" اليومية الواسعة الانتشار دافع هانز فيرنر زين عن الدراسة، وقال إن فريق العمل لم يخطئ&في احتساب المعطيات أبداً، واضاف ان كل الامور تم تقديمها وحسابها بشكل علمي دقيق.

&وأضاف أنه أخذ في&الاعتبار، عند قياس غاز ثاني أوكسيد الكربون المنبعث عن السيارات، حجم خزان الديزل الكبير في مرسيدس، وقدرة محرك الديزل على قطع المسافات الطويلة بسرع أكبر.

وأكد زين ان معهد "ايفو" لم يتعمد تقليل الميزان البيئي لسيارة مرسيدس ديزل، كما لم يتعمد تضخيم الميزان البيئي لسيارة تيسلا. وأشار إلى أن نتائج الدراسة لا تمثل أي خطر على شركات السيارات ولا على برامج إنتاج السيارات لكهربائية، ولا على الخطط الحكومية. وبرأيه أن الدراسة تدعو&إلى تحسين الميزان البيئي للسيارات الكهربائية واخذ غاز ثاني أوكسيد الكربون المنبعث عن بطارية الليثيوم في&الاعتبار.

المكافآت لم تحسن مبيعات السيارات الكهربائية

وهناك اليوم في ألمانيا 29500 سيارة كهربائية فقط تسير على الشوارع، يضاف إليها 15900 من السيارات ذات المحرك الهجين. ولاحظت وزارة الاقتصاد والنقل أن مبيعات السيارات الكهربائية انخفضت عنها في العامين السابقين، وما عادت السيارات الكهربائية تشكل أكثر من 0,4% من مجموع السيارات الجديدة البالغ عددها 3,2 ملايين&سيارة، والتي بيعت في العام السابق.

وتحدث فريدناند دودنهوفر، خبير السيارات في صحيفة "اكسبريس"، عن هبوط كلفة قيادة سيارات البنزين والديزل بنسبة 10% في ألمانيا بسبب هبوط أسعار النفط. وأثرت هذه الحال في"مزاج" شراء السيارات حيث لوحظ توجه أكبر من المواطن لشراء السيارات الكبيرة التي"تلتهم" البنزين.

ورغم طموحات الحكومة بالتحول إلى السيارات الكهربائية بالكامل عام 2030، لا&يزال الطلب على السيارات الكهربائية ضعيفا. وبيعت في ألمانيا في العام 2015 نحو 12360 سيارة كهربائية مقابل 3,2 ملايين&سيارة تعمل بالوقود التقليدية. ويتحدث أصحاب السيارت عن ثلاث مشاكل تعرقل تحولهم إلى السيارات الكهربائية، وهي السرعة، وطول المسافة المقطوعة قبل الحاجة إلى شحن البطارية من جديد، ومن ثم ضعف الهياكل الارتكازية مثل محطات التزود بالكهرباء.

الجدير بالذكر ان صحيفة "هاندلزبلات"، الألمانية المتخصصة في الشؤون الاقتصادية، كشفت أن مفوضية البيئة في الاتحاد الأوربي تخطط لـ"كهربة"50% من السيارات العاملة في المدن الأوروبية مع حلول عام 2030، مع التحول بالكامل إلى السيارات الكهربائية بحلول عام 2050. ويمكن لسكان المدن في النصف الثاني من القرن الواحد والعشرين التمتع بالسيارات الكهربائية الرئيفة بالبيئة سواء كانت عرباتهم &تسير على الأرض أو تطير.

جاء ذلك، حسب مصادر الجريدة، في كتاب تخطط مفوضية البيئة الأوروبية لنشره في كتاب اسمه "النقل الأبيض". وبهدف تسريع&عملية التحول إلى السيارات الكهربائية، وبهدف دفع منتجي السيارات على التحول إلى المحركات الكهربائية، سيعمل الاتحاد الأوروبي على مضاعفة الضرائب المفروضة على الوقود وتوحيدها.