كييف: يواجه فولوديمير زيلينكسي الممثل الكوميدي الذي تم تنصيبه رئيسًا لأوكرانيا الإثنين بعدما قلب انتخابه في 21 إبريل المشهد السياسي في البلاد، ثلاثة تحديات كبرى أطرافها جهات ليس من السهل التعامل معها، بدءًا بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين وصندوق النقد الدولي، وصولًا إلى طبقة سياسية متمردة.&

مأزق النزاع في الشرق&
أعلن زيلينكسي في خطاب تنصيبه أن "مهمته الأساسية" هي التوصل إلى وقف لإطلاق النار في شرق أوكرانيا، حيث يرث نزاعًا بين الجيش الأوكراني والانفصاليين الموالين لروسيا تسبب بمقتل 13 ألف شخص خلال خمس سنوات.

يحرم هذا النزاع أوكرانيا من بسط سيطرتها على منطقة دونباس الصناعية والغنية بمناجم الفحم وعلى جزء من حدودها مع روسيا.

خلال الحملة الانتخابية، لم يتوقف الرئيس المنتهية ولايته بترو بوروشنكو عن التلويح بخطر انتخاب وافد جديد على السياسية في سياق حرب وأزمة خطرة مع روسيا، التي تتهمها كييف والغربيون بدعم الانفصاليين المؤيدين لروسيا عسكريًا في تلك الأراضي.
لكن السلطات الروسية تنفي ذلك رغم مشاهدات وسائل إعلام عديدة من بينها وكالة فرانس برس.

وسمحت اتفاقات مينسك الموقعة عام 2015 برعاية باريس وبرلين وموسكو بالتخفيف من حدة المعارك، لكنها أخفقت في وضع حد للنزاع والتوصل إلى حلّ سياسي.&

يقول زيلينكسي إنه مستعد للتفاوض مع فلاديمير بوتين، لكن يبقى حازمًا بالتأكيد على أن الأراضي في الشرق يجب أن تعود إلى السيادة الأوكرانية، وبدون أن تمنح وضعًا خاصًا، ويشمل ذلك حتى شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا عام 2014.&

وبعد ثلاثة أيام على انتخاب زيلينسكي، أعلن الكرملين تسهيل منح الجنسية الروسية إلى سكان الأراضي الانفصالية في الشرق في قرار نظر إليه كثر على أنه اختبار روسي للرئيس الجديد.&

الأوليغارشيون والبرلمان العدواني
أعلن الرئيس الأوكراني الجديد في خطاب تنصيبه حلّ البرلمان (الرادا) الذي يتبنى موقفًا عدائيًا منه، ممهدًا بذلك إلى عقد انتخابات مبكرة من دون انتظار موعدها الذي كان مقررًا في أكتوبر، في ظلّ شكوك بشأن قدرته قانونيًا على إطلاق هذا الإجراء الشديد التعقيد.

يؤكد زيلينسكي أنه يريد تحديث طريقة الحكم عبر إقرار إجراء يسمح بإقالة الرئيس، أو عبر التنقل برحلات جوية عادية بدلًا من &استخدام طائرة خاصة، لكنه لا يملك غالبية برلمانية تسمح له بتشكيل حكومة أو اعتماد أي إصلاحات.&

حتى تاريخ تنصيبه أثار توترات بين فريقه والنواب، الذين قالوا إنه يتصرف بـ"فظاظة"، ولا يتواصل مباشرة معهم. واتهمه النائب سيرغي فيتوتسمي بأنه يتصرف "كالأطفال آملًا أن الأمور ستحصل كما يشاء".&

إضافة إلى طبقة سياسية متمردة في وجه رئيس وعد بـ"كسر النظام"، على زيلينكسي أيضًا التعامل مع طموحات أصحاب المال ذوي النفوذ الكبير في الحياة السياسية الأوكرانية والاقتصاد الوطني.&

وقبل أيام من تنصيب زيلينسكي، عاد الثري إيغور كولومويسكي إلى أوكرانيا بحسب وسائل الإعلام المحلية بعد سنتين من منفى سببه علاقاته المضطربة جدًا مع الرئيس المنتهية ولايته. وستتم مراقبة خطواته عن كثب خصوصًا لأنه اتهم بتحريك حملة زيلينكسي من الكواليس.&

حالة مالية طارئة
بعدما وصلت إلى حافة الانهيار المالي، استفادت أوكرانيا في عام 2014 من خطة إنقاذ مالية غربية بدعم من صندوق النقد الدولي.&

لكن نظرًًا إلى صعوبة اعتماد إجراءات تقشف ومكافحة فساد مطلوبة في المقابل، ضبطت الجهات المانحة تدفق أموالها إلى أوكرانيا. ولا يزال من غير المؤكد ما إذا كان المانحون سيقدمون إلى أوكرانيا مبلغ 1.3 مليار دولار متوقع في الشهرين المقبلين، ما يجعل وضع البلاد المالي في حالة غير مستقرة. وعلى كييف الإيفاء بمليارات الدولارات من الدين العام.&

وصلت الثلاثاء بعثة من صندوق النقد الدولي إلى كييف. وينتظر معرفة ما إذا كان الرئيس الجديد سينجح بإقناع الشعب الأوكراني الذي انتخبه على أمل تحسين شروط حياته، بإجراءات تقشف جديدة، مع العلم أن أوكرانيا هي من أكثر الدول فقرًا في أوروبا وكانت على وشك الانهيار اقتصادياً بين 2014 و2015.&

خلال لقاء مع مصرفيين، قال زيلينسكي إنه يجب "البحث بتسوية مع صندوق النقد الدولي"، وفق مصدر لوكالة إنترفاكس أوكرانيا للأنباء.&

ويبدو زيلينسكي في المقابل شديد الحزم في ما يتعلق بالفساد. وتشكّل معالجته مطلبًا أساسيًا للغربيين الذين لم يخفوا في السنوات الأخيرة انزعاجهم من نقص الإصلاحات في هذا المجال.&
&