بهية مارديني، وكالات: شيع الآلاف عبد الباسط الساروت، لاعب كرة القدم السابق وأحد أبرز وجوه الاحتجاجات الشعبية قبل أن يحمل السلاح، غداة وفاته متأثراً بجروح أصيب بها خلال مشاركته في المعارك ضد قوات النظام في شمال غرب سوريا.

وودع آلاف السوريين يوم الأحد، عبد الباسط الساروت القيادي في فصيل "جيش العزة" المعارض للنظام السوري، وذلك في مدينة الريحانية التركية، قرب الحدود مع سوريا، قبل نقل جثمانه إلى الأراضي السورية، حيث تم دفنه في منطقة "الدانا" في ريف محافظة إدلب، شمال البلاد.

وأعلن عن مقتل الساروت، أمس بعد اشتباكات دامية مع قوات النظام السوري، في ريف محافظة حماة، بعد معارك ضارية بين النظام والمعارضة حيث أصيب على إثرها وتم نقله لتلقي العلاج في مشافي تركيا التي فارق فيها الحياة، كما صلى السوريون في جامع الفاتح في اسطنبول صلاة الغائب على روحه.

الساروت ابن مدينة حمص كان من أهم أبطال الثورة السورية في جميع مراحلها. لقب بحارس الثورة، وكانت أغانيه وهتافاته ملهمةَ للكثيرين من أبناء الشعب السوري.

وفي لندن أيضا وقف المعارضون السوريون وقفة تذكارية اليوم في "ساحة ترافالغار" منذ الساعة السادسة مساءً، بتوقيت لندن، "احتراماً لروحه الطاهرة وتخليداً لذكراه".

وفتحت عدة مجالس لتقبل العزاء، من بينها مجلس عزاء في مقرات “لواء مجاهدي خان شيخون” في مدينة خان شيخون في سوريا يومي الأحد والاثنين.

ونعى معارضون سوريون سياسيون وعسكريون وناشطون الساروت (27 عاماً)، الذين رأوا فيه "رمزاً من رموز الثورة"، وتداولوا مقاطع فيديو قديمة له اثناء قيادته للاحتجاجات ضد النظام قبل سنوات.

والساروت واحد من عشرات القتلى الذين سقطوا خلال اشتباكات عنيفة مستمرة منذ مساء الخميس اثر هجوم للفصائل الإسلامية والمقاتلة ضد مواقع لقوات النظام في في ريف حماة الشمالي.

وأصيب الساروت الخميس أثناء مشاركته في القتال في صفوف فصيل "جيش العزة"، ثم توفي السبت متأثراً بإصابته بعدما نقل إلى تركيا المجاورة لتلقي العلاج.

ووصل جثمانه إلى إدلب الأحد حيث استقبله المشيعون عند معبر باب الهوى الحدودي وساروا خلفه في سياراتهم وعلى دراجاتهم، وأطلق البعض النار في الهواء، وصولاً إلى بلدة الدانا في ريف إدلب الشمالي حيث ووري الثرى.

وفي بلدة الدانا، شارك المئات في تشييع الساروت، وفق ما شاهد مصوران لوكالة فرانس برس.

وحمل المشيعون جثمان الساروت على اكتافهم، وحمل البعض صوراً له وللعلم الذي اعتمدته المعارضة السورية بالنجوم الحمراء الثلاث. وحمل العشرات هواتفهم محاولين التقاط الصور ومقاطع الفيديو.&

وقبل اندلاع النزاع في العام 2011، كان الساروت (27 عاماً) حارس مرمى المنتخب السوري للشباب لكرة القدم ونادي الكرامة الحمصي.&

في العام 2014، روى فيلم "عودة الى حمص" للمخرج السوري طلال ديركي، والذي نال جائزة في مهرجان ساندانس الاميركي للسينما المستقلة، حكاية شابين من حمص أحدهما الساروت.

يصفه ناشطون بـ"حارس الثورة"، ويرى البعض في مسيرته اختصاراً لتحولات الأزمة في سوريا من حركة الاحتجاجات السلمية إلى النزاع المسلح مروراً بالتطرف الإسلامي.&

أصدق تعبير عن الثورة

التحق الساروت بالتظاهرات السلمية في مدينته حمص (وسط)، واضحى أحد ابرز الاصوات التي تقودها بالأناشيد.

ومع تحول حركة الاحتجاجات إلى نزاع مسلح، حمل الساروت السلاح وقاتل في حمص قبل أن يغادرها في 2014 إثر اتفاق إجلاء مع قوات النظام بعد حصار استمر عامين للفصائل المعارضة في البلدة القديمة. وهو الذي خسر جراء القصف والمعارك والده وأربعة من أشقائه.

واتخذ الساروت طريقاً أكثر تشدداً إسلامياً قبل أن يعود ويلتحق بالفصائل المعارضة ويصبح أخيراً أحد قياديي فصيل "جيش العزة" المعارض والناشط في ريف حماة الشمالي.

وكتب الباحث والاستاذ الجامعي في باريس زياد ماجد على صفحته على فيسبوك أن الساروت "هو أصدق تعبير عن الثورة السورية وتعرّجاتها ومآلاتها".

وأضاف "من متظاهر ومنشد سلمي يطلب الكرامة والحرّية، الى مقاتل دفاعاً عن حمص العدية (...) الى مواكب لتحوّلات الهويّات القتالية والمقترب لفترة من التطرف وراياته السوداء، ثم المبتعد عنها والعائد الى ريف حماة الشمالي".