الرباط: بعد الضجة التي أثارها خطيب جمعة بأحد مساجد مكناس (وسط المغرب)، بربطه المعصية بمدينتي "الحاجب" و"مرتيل"، أصدر أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية قرار عزل عبد العزيز إسماعيلي علوي، من مهام الخطابة.

وتعود تفاصيل الواقعة إلى الجمعة الماضية، حيث كان الخطيب المعزول يتحدث عن المعصية في خطبته الأسبوعية، فإذا به يضرب مثالا أمام المصلين عليها بانتقال الكثير من الرجال إلى مدينتي مرتيل والحاجب بسبب "الدعارة" الموجودة فيهما، الأمر الذي اعتبر إساءة واضحة لسكان المدينتين.

وقال الخطيب الذي يعمل أستاذا للدراسات الإسلامية في جامعة مولاي إسماعيل بمكناس، إن الإنسان "ينتقل من الطاعة إلى المعصية ويسافر إليها بسيارته.

وأضاف: "ألوا المعصية أينك، أنا في الحاجب، أنا جاي (قادم) ألوا المعصية أينك، أنا في مارتيل، أنا جاي (قادم)"، وهو ما خلف موجة استنكار كبيرة بمدينة الحاجب القريبة من مكناس.

وعبرت العديد من الهيئات المدنية والسياسية بمدينة الحاجب، عن استنكارها الشديد لما جاء على لسان الخطيب، حيث تجمع العديد من أبناء المدينة في إحدى الساحات العمومية، ورفعوا شعارات غاضبة ضد الإمام الذي أساء لمدينتهم، ودعوا إلى معاقبته على ما بدر منه ، ورد الإعتبار للمدينة وسكانها.

ولم تقف احتجاجات سكان المدينة عند هذا الحد، بل أقدم وحيد حكيم، رئيس بلدية الحاجب، على توجيه رسالة في الموضوع إلى وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، اعتبر فيها أن الخطيب المذكور "نعت مدينة الحاجب بصفات لا أخلاقية، ويندى لها الجبين وأنها مصدر للمعصية"، مشيرا إلى أن هذا الكلام "خلف استياء عميق في نفوس سكان المدينة الذين استنكروا بشدة ما تفوه به الخطيب المذكور".

وطالب حكيم المسؤولين ب"التدخل من أجل اتخاذ التدابير اللازمة في حق هذا الشخص الذي لا يوصف إلا بالمتهور بإساءته لشرف أناس بأقبح النعوت"، مبرزا أن الغاية الأسمى من خطب الجمعة هي "التوجيه والوعظ والإرشاد وحث المسلم على القيم الأخلاقية، وليس منبر للسخرية والإساءة للناس".

وقال عبد الله الغيوان، الكاتب الإقليمي لحزب الاتحاد الاشتراكي، في تصريحات إعلامية إن الخطيب "حاول إلحاق التهمة بمدينة الحاجب بكونها تراب للمعاصي"، مؤكدا أن رسالة سكان المدينة تقول له "إن منبر الجمعة له شروط ومواصفات تستدعي الابتعاد عن خطاب الكراهية والحقد وبث الفتنة".

وأضاف القيادي الحزبي معاتبا الإمام على خطئه: "لا يحق للخطيب نعت أي مدينة من المدن المغربية بأوصاف مشينة يمكن أن يعتبرها سكان المدينة مسيئة لهم"، ودعاه إلى مراجعة أفكاره وأسلوبه، وقال "ينبغي عليه أن يدرك بأنه ينتمي لوطن عنده قيم وأخلاق وثوابت راسخة لا ينبغي تجاوزها".

من جهته، قال الحسين المسحت، رئيس فيدرالية الجمعيات بالحاجب، إن خطيب مكناس "أساء لمدينة الحاجب ، وهذا يحتم علينا أن نستنكر هذا السلوك الغريب من هذا الأستاذ، ونقول له إن مدينة الحاجب هي مدينة المقاومة والنضال والشموخ".

وأمام الضغط المتواصل على الخطيب من طرف نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي وفعاليات المدينة، نفى أن يكون قصد الإساءة إلى المدينتين وساكنتهما، حيث أوضح في تصريحات إعلامية لمواقع محلية أن "الكلام المنسوب إليه والذي يتم ترويجه بعد خطبة الجمعة الماضية، "تم تأويله على غير حقيقته، وأنا قلت بالحرف أثناء إلقاء الدرس أن الإنسان ينتقل من الطاعة إلى المعصية ويبحث عنها بسيارته".

وأفاد بأن ذكره للمدينتين جاء بغرض توضيح المسافة فقط، سواء كانت قريبة أو بعيدة عن مكناس، وقال: "ذكرت مدينة الحاجب كمثال على قرب المسافة من مكناس ومرتيل كمثال على بعد المسافة، وقلت وإنما الأعمال بالنيات، أي أن الإنسان عندما ينوي المعصية ويسافر إليها بسيارته وأمره بيد الله، من قال لك إنه يموت في الطريق وتكون نيته المعصية".