مشهد لإنشاءات في العاصمة الإدارية الجديدة
Reuters
عمال بأحد مواقع الإنشاء بالعاصمة الإدارية الجديدة في مصر (أرشيف)

يناقش البرلمان المصري مشروع قانون يقضي بمنح الجنسية المصرية للأجانب بناء على عدة شروط، أبرزها إقامة مشروعات استثمارية، على أن توافق الجهات الأمنية على طلب التجنس.

وقد أثار المشروع ردود فعل متباينة بين مؤيد يراه حافزا يشجع المستثمرين الأجانب على تكثيف نشاطهم في مصر ومعارض يعتبره خطرا يهدد الأمن القومي ويهدف لجلب الأموال لخرانة الدولة دون مراعاة أي عوامل أخرى.

وقال كمال عامر، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان، في تصريحات صحفية إن مشروع القانون يعطي رئيس الوزراء سلطة منح الجنسية لكل أجنبي قام بشراء عقار أو إنشاء مشروع استثمارى، وفقا لأحكام قانون الاستثمار، أو إيداع مبلغ مالي بالعملة الأجنبية (لم يحدد قيمته)، وذلك على النحو الذي تنظمة لائحة ستصدر عن رئيس الوزراء.

كما يحدد مشروع القانون شروطا إضافية للحصول على الجنسية المصرية، منها خضوع المتقدم للفحص من قبل وحدة سيشكلها مجلس الوزراء. ومن المقرر أن تضم هذه الوحدة ممثلين عن وزارات الخارجية والداخلية والاستثمار والتعاون الدولي والجهات الأمنية المعنية. وستتولى الوحدة البت في طلبات التجنس المقدمة.

ووفقا لمشروع القانون، فإن أي أجنبي يرغب في الحصول على الجنسية المصرية يتعين عليه تسديد مبلغ 10 آلاف دولار أو ما يعادلها بالجنيه المصري كرسوم لتقديم الطلب. ومن المقرر أن يفحص هذا الطلب خلال ثلاثة أشهر كحد أقصى.

ويقول يحي كدواني، عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان، لبي بي سي إن هذا القانون يهدف بالأساس "لفتح آفاق جديدة للأجانب الراغبين في الاستثمار في مصر".

ويضيف "هناك حوالي خمسة ملايين أجنبي يعيشون على أرض مصر ويمكنهم بالتأكيد الاستفادة من هذا القانون".

مخاوف المعارضين

لكن هناك بين أعضاء البرلمان من يعارض هذا المشروع بشدة.

لقطة لمجلس النواب المصري أثناء جلسة
EPA
يناقش البرلمان حاليا مشروع القانون المثير للجدل

ويقول النائب طلعت خليل لبي بي سي "يوجد الكثير من المناوشات والقلاقل في الدول المحيطة بمصر. وليس من المناسب أن نقر هذا القانون ونفتح البلاد أمام أشخاص يريدون، مثلا، إجراء عمليات غسيل أموال أو تحوم حولهم شبهات سياسية".

ويستبعد خليل أن يكون عدم الحصول على الجنسية المصرية عائقا أمام أي مستثمر أجنبي يريد إقامة مشروعات في مصر. ويضيف "طلبت من الحكومة أن تكشف لنا عن عدد المستثمرين الأجانب الذين تعثرت أعمالهم في مصر ويرغبون في الحصول على الجنسية من أجل تجاوز تلك العثرات، لكنني لم أتلق أي رد منذ نحو شهرين وحتى الآن".

ويقول خليل إن قانون الاستثمار الحالي يمنح الأجانب الكثير من الامتيازات والفرص "التي تساوي تلك التي يتمتع بها المستثمر المصري، هذا فضلا عن إعطائهم إقامات تكاد تكون مفتوحة. وبالتالي فإن فكرة إعطاء الجنسية لم تعد ذات قيمة عالية".

وكان البرلمان المصري أقر العام الماضي قانونا يمنح المواطن الأجنبي حق الحصول على إقامة في مصر لمدة خمس سنوات، يمكنه بعدها التقدم لطلب الحصول على الجنسية المصرية، شريطة أن يضع وديعة مالية في أحد المصارف لا تقل قيمتها عن سبعة ملايين جنيه مصري (نحو 400 ألف دولار) أو ما يعادلها بالعملة الأجنبية.

ويقول منتقدون إن قانون الإقامة ربما لم يحقق العائد المادي المرجو منه، وهو ما دفع، ربما، نواب البرلمان إلى التفكير في وسيلة أخرى تضخ الأموال عن طريق طرح مشروع قانون جديد لمنح الجنسية. وتئن خزينة الدولة المصرية من عجز الميزانية وتصاعد الديون الداخلية والخارجية بالإضافة إلى نقص العملة الأجنبية.

لكن يحي كدواني ينفي ذلك ويؤكد أن قانون منح الإقامة حقق نجاحا وأن البرلمان يهدف لتعزيز حجم الاستثمارات الأجنبية بشكل أكبر.

من جهته، يرى المحامي والفقيه الدستوري عصام الإسلامبولي أن القوانين الحالية تضع المستثمر الأجنبي نصب أعينها وتقدم له الكثير من المزايا.

ويقول الإسلامبولي إن هناك سبلا كثيرة لجذب المستثمر الأجنبي في مصر بعيدا عن منحه الجنسية "كأن نقدم له مثلا الإعفاءات الجمركية والضريبية فضلا عن إعطائه حق الانتفاع بالأراضي مقابل الاستثمار وكذلك بيع الأراضي بتسهيلات في الدفع".

استثمار أم سياسة؟

ويعرب خليل عن مخاوفه من أن يستغل مشروع قانون منح الجنسية استغلالا سياسيا، يضر بالأمن القومي المصري، على حد وصفه.

ويقول خليل إنه في ظل ما يتواتر من تقارير عن ما يسمى بصفقة القرن "فإنني أخشى ما أخشاه أن تمنح الجنسية المصرية لفلسطيني الشتات. وأدرك تماما أنه لا توجد تفاصيل أو معلومات كاملة عن تلك الصفقة، لكن تظل مخاوفي مشروعة".

لكن كدواني يرد على هذه المخاوف، قائلا إن الجنسية لن تمنح إلا لمن هو أهل لها على حد وصفه.

ويؤكد أن الوحدة المنوط بها فحص جميع طلبات التجنس تشمل ممثلين عن عدة جهات أمنية، وستدرس كل طلب على حدة. ويوضح أن وزير الداخلية يحق له سحب الجنسية من الأجنبي الذي يحصل عليها، إذا ارتكب أعمالا تخل بالأمن القومي، وذلك بعد موافقة رئيس الوزراء.

من جانب آخر، يقول حسام الخولي، الأمين العام لحزب "مستقبل وطن" وهو عضو التحالف صاحب الأغلبية البرلمانية، إن "هناك قرارات متخذة داخل جامعة الدول العربية، وقعت عليها مصر وغيرها من الدول العربية، تنص على أنه لا يوجد تجنيس للفلسطينيين".

كما يشدد الخولي على أن هناك قوانين مماثلة في عدد من دول العالم. وتسهل عدة دول، منها الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا وتركيا، الحصول على الجنسية للأجانب مقابل مبالغ مالية ضخمة أو استثمارات كبيرة.

ولايزال مشروع القانون المثير للجدل محل نقاش في البرلمان المصري الذي تغلب عليه الأصوات المؤيدة لتوجهات الدولة.