دبي: تعزز الهجمات التي تعرّضت لها ناقلتا نفط في بحر عمان الخميس من مخاطر اندلاع نزاع مسلح بين إيران من جهة والولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة الحيوية التي تعبر منها يوميا نحو ثلث إمدادات النفط العالمية، بحسب خبراء.

وأجلي طاقما ناقلتي النفط قبالة إيران بعدما أرسلتا نداءي استغاثة اثر تعرضهما لـ"هجوم" و"حادث أمني"، بحسب ما أعلنتا. وفور الكشف عن الحادث، سجل ارتفاع في أسعار الخام.

وهذه ثاني حادثة "غامضة" ضد ناقلات نفط في غضون شهر في المنطقة الاستراتيجية، بعد تعرّض أربع سفن بينها ثلاث ناقلات نفط لعمليات "تخريبية" قبالة الإمارات في 12مايو، لم يكشف عن ملابساتها بعد، رغم أن واشنطن اتهمت في البدء إيران التي نفت أي علاقة لها بها.

وبحسب مركز "كابيتال إكونوميكس"، فإن الهجمات ضد الناقلتين "آخر المؤشرات على أن التوترات الجيوسياسية في المنطقة تتصاعد، وأن هناك خطراً متزايداً بامكانية تحوّل الاحداث إلى نزاع مباشر".

وتابع المركز ومقره لندن "قد يؤدي خطأ أو سوء تواصل إلى نزاع أشمل. تكرار الهجمات بشكل منتظم يشير إلى أن هذا الخطر يتزايد".

وناقلتا النفط النروجية واليابانية متوقفتان في عرض البحر في منطقة أقرب إلى إيران منها إلى الامارات، وفقا لمواقع تتبع تحركات السفن.

وأفاد الأسطول الخامس الأميركي ومقره البحرين عن "هجوم استهدف ناقلتي نفط في خليج عُمان"، مشيرا إلى تلقيه "نداءي استغاثة منفصلين" في وقت مبكر صباحاً.

وترى إليزابيث ديكنسون المحلّلة في مجموعة الأزمات الدولية، أن المنطقة "تمر بفترة خطيرة (...) ومن مصلحة كافة الأطراف أن تجد مخرجا بأسرع وقت ممكن".

وأضافت: "في الوقت الحالي، فإن نزاعات المنطقة تتأثر بشكل متزايد بسبب مستنقع التوتر الإقليمي بين إيران من جهة والولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين من جهة اخرى".

ويقوم رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي بزيارة الى طهران منذ الأربعاء في مسعى الى تهدئة التوتر القائم بين الطرفين منذ أشهر على خلفية تشديد العقوبات الأميركية على إيران.

آثار كبيرة

تقع المنطقة التي شهدت الحادثة خارج مضيق هرمز، الذي تعبر منه يوميا نحو 35 بالمئة من إمدادات النفط العالمية المنقولة بحرا، والتي تقدّر بنحو 15 مليون برميل.

وارتفعت أسعار النفط بنحو 4 بالمئة مع الاعلان عن الهجوم الذي وقع بعد شهر من تعرّض أربع سفن (ناقلتا نفط سعوديّتان وناقلة نفط نروجيّة وسفينة شحن إماراتيّة) لأضرار في "عمليّات تخريبيّة" قبالة إمارة الفجيرة خارج مضيق هرمز.

واتهم مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون في زيارة قام بها إلى أبوظبي الشهر الماضي إيران بالوقوف وراء &الهجوم، مشيرا الى استخدام "ألغام بحرية من شبه المؤكد أنها من إيران".

لكن الإمارات العربيّة المتّحدة قالت إنّ النّتائج الأوّلية للتحقيق تُشير إلى وقوف دولة وراء تلك العمليّات، من دون أن تؤكد وجود دليل حتّى الآن على تورّط إيران.

ونفت طهران تنفيذ أي هجمات.

ووفقا لمركز "كابيتال إكونوميكس"، فإن مخاطر اندلاع نزاع "قد تضر باقتصادات المنطقة بشكل كبير وتكون لها آثار كبيرة غير مباشرة على الاقتصاد العالمي وسوق النفط".

وحذّر من أنّه حال تعرضت طرق الشحن البحري لهجمات جديدة او تضرّرت منشآت نفطية، فإن أسعار الخام "قد تقفز إلى 100 دولار للبرميل"، معتبرة أنّه "حتى وإن جرى تجنب النزاع المباشر، فإن التوترات الجيوسياسية ستستمر في التأثير على الأسواق المالية".

وتتعرّض السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، إلى هجمات مكثفة من قبل المتمردين اليمنيين، آخرها هجوم على مطار أبها في جنوب المملكة الاربعاء أدى إلى إصابة 26 شخصا بجروح.

وتتّهم السعودية إيران بدعم المتمردين اليمنيين، الذين شنوا الشهر الماضي هجوما على منشآت نفطية غرب الرياض، ما أدى إلى توقف ضخ النفط في خط أنابيب رئيسي لعدة ساعات.

ويقول جوردي ويلكس الخبير في مركز "سكدين فاينانشال" المتخصص بأبحاث النفط، "هناك خطر كبير في المنطقة (مضيق هرمز) ليس فقط على الشحنات بل أيضا على البحارة وسوق النفط".

وأشار إلى أنّ "الهجمات المتواصلة قد تزيد من المخاطر وتدفع البواخر إلى عدم المرور في المنطقة، مما سيزيد المخاطر على المستثمرين، ويرفع أسعار الوقود".

وتقول المحلّلة كارين يونغ من مجموعة "أميركان انتربرايز اينستيتوت" لوكالة فرانس برس إن هناك "تسلسلا ثابتا للحوادث، سواء على الجبهة مع اليمن أو في طرق الشحن البحري في الخليج".

وتشير يونغ إلى أنه "دون التأكد من هوية من ينفذ هذه الهجمات على الناقلات وما الهدف، فإن معامل الخطر يزداد".

وأكدت يونغ أنه مع هجمات المتمردين الحوثيين مؤخرا في السعودية فإن هذا "يجعل شبه الجزيرة العربية بأكملها تقترب من وضع منطقة النزاع".

وفي معرض إدانته لمهاجمة ناقلتي النفط، قال الأمين العام للامم المتحدة إن العالم لا يستطيع تحمل نزاع كبير في الخليج.