يبدو أن خطر العملة الافتراضية "البتكوين" لا يقتصر على الدولار واليورو والين، فالعلماء في ميونخ قالوا إن استخدامها يطلق ثاني أوكسيد الكربون أكثر مما تطلقة دولة مثل الأردن.

"إيلاف" من كولونيا: بعد الميزان البيئي لتقدير خطر المواد على البيئة، اعتمد علماء البيئة في السنوات الأخيرة معيار "بصمة القدم البيئية" لتقدير تأثير الإنسان الفرد في البيئة؛ إذ إن بصمة القدم البيولوجية تعني المساحة البيولوجية المثمرة من الأرض الضرورية لتلبية حاجات طريقة حياة ومعايير حياة إنسان ما.

تعني أيضًا المساحات المثمرة من الأرض التي يصحرها إنتاج مادة معينة مثل البلاستيك أو الأنسجة القطنية، كما إن بصمة قدم ثاني أوكسيد الكربون تعني كميات الغاز المنبعثة من استخدام أو إنتاج مواد ما.

على هذا الأساس، تراوح بصمة القدم البيولوجية للأميركي بين 5 و10 هكتارات من الأرض المثمرة، في حين أن بصمة انسان قدم بعض البلدان الافريقية تراوح بين هكتار وهكتارين.

قدم غودزيلا

بعد الانتشار الكبير لاستخدام عملة البتكوين على الإنترنت، ودخولها عالم العملات المالية من أوسع أبوابه، قرر علماء ألمان من جامعة ميونخ التقنية قياس البصمة البيولوجية للبتكوين؛ إذ لا يعرف كثير من الناس أن استخدامها يعني تشغيل مواقع بحث تستهلك الطاقة. فموقع بحث مثل غوغل يحتاج إلى طاقة أخرى لتبريد مخدماته، تؤدي إلى انبعاث كبير لغاز ثاني أوكسيد الكربون.

يقول الباحثون من ميونخ إن بصمة قدم البتكوين مثل بصمة قدم غودزيلا مقارنة ببصمة قدم طفل صغير. وبحسب العلماء، إن مستخدمي البتكوين يستهلكون 45,8 مليار واط/ساعة من الطاقة خلال العام.

أحصى فريق العلماء هذه الطاقة المستهلكة من خلال تتبع حركة البتكوين في الإنترنت واستخدام المستهلكين لها في مكائن البحث وفي المعاملات المالية وفي شراء الحاجات ...إلخ

نشرت الدراسة في مجلة "جول" المعروفة وشملت كل التعامل بالبتكوين خارج إطار المصارف التقليدية. واعتمدت على تحليل حركة العملة في الإنترنت في عام 2018.

أخطر من الأردن

خلال الاستهلاك العالي للطاقة، في أثناء استخدام الكومبيوترات والهواتف الذكية والأجهزة الاخرى، إضافة إلى محركات البحث على الإنترنت، يطلق استعمال العملة إلى 22,9 مليون طن (ميغاطن) من غاز ثاني أوكسيد الكربون سنويًا.

على هذا الأساس، تقع عملة البتكوين في قائمة أكثر مطلقي غاز ثاني أوكسيد الكربون في العالم، قبل الأردن وبعد سريلانكا.&

على المستوى المحلي، يؤدي التعامل بهذه العملة غير الورقية إلى انبعاث غاز ثاني أوكسيد الكربون تطلقه مدينة ألمانية صناعية مثل هامبورغ أو عاصمة أوروبية مثل فيينا أو مدينة ملاهٍ&أميركية كبيرة مثل لاس فيغاس.

عند استخدام البتكوين، تدخل العملة في شبكة العملة الإلكترونية المنتشرة في العالم، كي تبرهن استخدامها. وزاد استخدام العملة، وبالتالي تضاعف إطلاقها غاز ثاني أوكسيد الكربون أربع مرات في عام 2018 وحده، بحسب إحصاءات جامعة ميونخ التقنية.

ما هي؟

البتكوين، بحسب ويكيبيديا، عملة ونظام دفع عالمي يمكن مقارنتها بالعملات الأخرى مثل الدولار أو اليورو، لكن مع فوارق أساسية، أبرزها أن هذه العملة إلكترونية بشكل كامل، تتداول عبر الإنترنت من دون وجود فيزيائي لها.

هي أول عملة رقمية لامركزية، فهي نظام يعمل من دون مستودع مركزي أو مدير واحد، أي تختلف عن العملات التقليدية بعدم وجود هيئة تنظيمية مركزية تقف خلفها. وتتم المعاملات بشبكة الند للند بين المستخدمين مباشرة دون وسيط من خلال استخدام التشفير.

يتم التحقق من هذه التعاملات من طريق عقد الشبكة وتسجيلها في دفتر حسابات موزع وعام يسمى سلسلة الكتل. اخترع البيتكوين شخص غير معروف أو مجموعة من الناس عرفت باسم ساتوشي ناكاموتو، وأُصدِر كبرنامج مفتوح المصدر في عام 2009.

يتم إنشاء البتكوين كمكافأة لعملية تعرف باسم التعدين. ويمكن استبدالها بعملات ومنتوجات وخدمات أخرى. واعتبارًا من فبراير 2015، اعتمد أكثر من 100,000 تاجر وبائع البيتكوين كعملة للدفع. وتشير تقديرات البحوث التي تنتجها جامعة كامبريدج إلى أنه في عام 2017، هناك بين 2.9 إلى 5.8 ملايين&مستخدم يستعملون محفظة لعملة رقمية، ومعظمهم يستخدمون البتكوين.

كي قميص واحد

تفتخر شركة غوغل بأنها أكبر شركة تستخدم الطاقة بالبديلة في العالم وانها تشتري الطاقة البديلة أكثر مما تحتاج. وتتحدث الشركة عن استهلاك 2,6 غيغاواط توفرها نحو 1000 مروحة لتوليد الطاقة الكهربائية من الريح.

تقول الشركة إن الاستفسار في غوغل يستهلك 0,3 واط/ساعة. وبحسب العلماء من غرين بيس، إن 200 سؤال عند غوغل تعادل الطاقة المستخدمة في كي قميص واحد.

على الرغم من كل هذه البيئية في غوغل، فان استهلاكها الكهرباء في عامي 2015 و2016 ارتفع بنسبة 20 في المئة. ونالت مع ذلك درجة كاملة في البيئية بحسب مقاييس منظمة غرين بيس.

ملتهم الطاقة الأول على الإنترنت هو عرض أفلام الفيديو (فيديو ستريمنغ). تشكل أفلام الفيديو المصورة بالموبايل ثلثي الرسائل الإلكترونية على الإنترنت، وينتظر أن ترتفع نسبتها إلى 80 في المئة حتى عام 2020.

استهلاك هائل

عمومًا، يشكل استهلاك الطاقة عند استخدام مختلف محركات البحث الإلكترونية على المستوى العالمي 7 في المئة من استهلاك الطاقة في مجال الشبكة. والقضية ليست بهذه السهولة، لأن كليمنس روده من معهد فراونهوفر لبحوث الأنظمة والابتكار في مدينة كارلسروهه يقدر أن مراكز البحث الإلكتروني في ألمانيا وحدها تستهلك 10 إلى 15 تيراواط/ساعة، وتطلق غاز ثاني أوكسيد الكربون بكميات تعادل ما تطلقه وسائل المواصلات في ألمانيا كلها.

يضيف كليمنس روده أن استهلاك المواد الخام في صناعة الأجهزة الإلكترونية الذكية يتضاعف كل عامين على المستوى العالمي، ولا بد من التحول إلى الصناعة البيئية بهدف وقف تبديد المواد الخام.