بعد انسحاب الوفد السوري المشارك في مؤتمر العمل الدولي لعام 2019 الذي انعقد في جنيف، خلال إلقاء الوزير اللبناني كميل أبو سليمان كلمة لبنان، هل من أزمة مستجدة بين لبنان وسوريا؟

بيروت: بعد انسحاب الوفد السوري المشارك في مؤتمر العمل الدولي لعام 2019 الذي انعقد في جنيف خلال إلقاء الوزير اللبناني كميل أبو سليمان كلمة لبنان، التي أشار فيها لم يعد خافيًا على أحد أن أهمّ التحديات التي يواجهها لبنان يكمن في العدد غير المسبوق للنازحين السوريين منذ بداية الأزمة السورية في العام 2011، ممّا يجعل حاليًا من لبنان البلد الأول في العالم من حيث حجم النازحين نسبة لعدد مواطنيه، إذ تخطّى عدد النازحين السوريين ثلث عدد المواطنين في لبنان، هذا من دون احتساب اعداد اللاجئين من جنسيات أخرى.

فهل من أزمة مستجدة بعد انسحاب الوفد السوري بين لبنان وسوريا، وكيف يمكن وصف العلاقات اللبنانية السورية اليوم؟

يشير النائب السابق مصطفى علوش في حديثه لـ "إيلاف" إلى أن كل الأمور بالتأكيد تناقش، ما هو الربح وما هي الخسارة في الموضوع، والعلاقة المستقبلية مع النظام السوري يجب أن تكون مبنية على التجربة السابقة، تجربة "الإرهاب"، والأمن غير الممسوك والسلاح المتفلت، تجربة الحدود التي لم ترسم بين البلدين، وتجربة السياسة التي مارسها هذا النظام، وتجربة الترهيب التي مارسها الأب والإبن في النظام السوري على مدى عقود، وهناك تسوية لمسألة المعتقلين والمخطوفين اللبنانيين في السجون السورية، وهناك مسألة الضابط السوري الذي أعطى الأوامر لتفجير مسجدي السلام والتقوى، ومسألة اللاجئين السوريين في لبنان، وتبقى كلها مسائل أساسية ومهمة في تحديد العلاقة المستقبلية مع سوريا، لكن لا يجب أن تكون هناك علاقات مفتوحة مع النظام السوري من دون التوصل الى حلول واضحة في هذا الخصوص، وقد تكون هناك حلول برعاية الجامعة العربية أو الأمم المتحدة، أما بالنسبة لتيار المستقبل وبالنسبة لرئيس الحكومة سعد الحريري، فإن الذهاب إلى سوريا وفتح العلاقات مع سوريا من دون حل كل تلك الأمور التي ذكرتها تبقى مسألة مرفوضة نهائيًا.

الحاجة

ولدى سؤاله من يحتاج إلى الثاني أكثر سوريا أم لبنان، في ظل الحديث عن إعادة إعمار سوريا المرتقبة؟ يجيب علوش أنه بالنهاية الحاجة لا تعني استباحة الأمن، وعمليًا إذا ارادوا ابتزازنا في مسألة اعادة الإعمار بفرض إعادة العلاقات إلى سابقها فلنبق من دون المساهمة في ذلك، فهناك العراق من جهة وتركيا أيضًا والأردن وعمليًا المهم من سيمول إعادة الإعمار في سوريا، ومن سيمول في سوريا سيفرض كيفية حصول الأمور، والإبتزاز في هذا الموضوع يبقى خارج أجندة تيار المستقبل.

تطبيع العلاقات

عن حديث البعض بأن لبنان عاجلاً أم آجلاً سيطبع علاقاته مع سوريا، يؤكد علوش أن الأمر سيحصل ولكن حتى نصل إلى ذلك سيكون النظام في سوريا تغير إلى نظام أقل عدائية وأقل رغبة بالسيطرة والهيمنة، أو أن يكون هذا النظام قد أصبح ملتزمًا بالمسائل الدولية والمتعلقة بالأمن الدولي وبالعدالة.

ويتساءل علوش كيف سنقوم بعلاقات مع سوريا والنظام يسير على المنهاج عينه، ولا يمكن أن نستمر من دون فتح العلاقة مع سوريا لكن يجب أن تكون تلك العلاقة على قواعد سليمة وخالية من الإبتزاز.


طامع؟

ولدى سؤاله هل لا يزال النظام السوري طامعًا بلبنان، رغم أنه خرج من حرب استنزفته؟ يؤكد علوش أنه بصراحة قد تكون هذه القضية وراءنا لكن الإبتزاز بالأمن والإقتصاد وبالسياسة يبدو أنه لا يزال موجودًا في فكر ما تبقى من النظام السوري، ولكن في النهاية حتى لو تغير هذا الموضوع، هناك مسائل أمنية قديمة وتاريخية في هذا الخصوص علينا كلنا أن نصل فيها إلى حلول، ولا ننسى أن الحريري يبقى مطلوبًا في سوريا، ونواب أيضًا مطلوبون، مع أملاك للبنانيين وبالأخص أملاك رفيق الحريري تم الإستيلاء عليها بشكل غير شرعي، فهل سيعتذر النظام السوري عن الموضوع؟هل سيسلم المطلوبين الى القضاء اللبناني؟ وكلها أمور عالقة يجب أن تحل أولاً من أجل الوصول إلى علاقات صحية مع سوريا شرط أن تكون خالية من الإبتزاز.

الوضع في سوريا

أما كيف يمكن توقع الوضع المستقبلي في سوريا، هل تبقى الدول الكبرى مهيمنة؟ يلفت علوش إن ما جرى في سوريا يبقى مسارًا لا عودة منه، وهناك نظام جديد سيتم تركيبه في سوريا، وهناك عمليًا دولتان كبيرتان تحتلان سوريا أي أميركا وروسيا، وعنصران أقل أهمية هما إيران وتركيا، دون أن ننسى إسرائيل التي دخلت على الخط أيضًا، وكلها أمور مترابطة، والوضع في سوريا، بحسب علوش سيكون متجاذبًا بين تلك القوى التي ذكرتها الى حين تتطور الأمور النهائية.

انقسام عامودي

وردًا على سؤال هل ستشكل العلاقات اللبنانية السورية مادة دسمة لانقسام عامودي بين الفرقاء في لبنان؟ يجيب علوش أن الأطراف التي تتكلم مع العلاقات مع سوريا لا تعرف حتى الساعة نوع النظام، الذي سيكون مسيطرًا في سوريا، وفي هذه اللحظة تبقى الأمور غير واضحة في سوريا مع مستجدات وتطورات منتظرة في المنطقة، وبعدها من يطالبون بعلاقات مع سوريا قد يتراجعون عن ذلك.