إيلاف من القاهرة: تنطلق بطولة الأمم الأفريقية لكرة القدم في مصر في الفترة من 21 يونيو الجاري حتى 19 يوليو المقبل، بمشاركة 24 منتخبا من الدول الأفريقية.

وتولي الحكومة اهتمامًا كبيرًا للبطولة القارية، باعتبار الرياضة إحدى أدوات القوة الناعمة لمصر في أفريقيا، لاسيما في إطار مساعيها الدائمة لاستعادة دورها الريادي في القارة السمراء.

وتنظم مصر البطولة القارية وسط اجراءات أمنية مشددة، وأعلنت وزارة الداخلية حالة الاستنفار، لتأمين فعاليات البطولة، التي تقام مبارياتها في 4 محافظات، وهى القاهرة، والإسكندرية، والإسماعيلية، والسويس.

وقالت الوزارة في مقطع فيديو نشرته، إنه فى إطار مواصلة تطوير مستوى الأداء الأمني في مجال المرور، فقد تم دعم رجال المرور بالآليات الحديثة التي تمكنهم من سرعة الانتقال والعمل على تحقيق السيولة المرورية بكافة الشوارع والميادين.

ويولي مديرو الأمن والقيادات الأمنية والمستويات الإشرافية بكافة المحافظات المرور الدائم على الخدمات الأمنية وعقد لقاءات مع القوات، والتأكيد على الالتزام باليقظة التامة، وأداء الواجبات والمهام الموكلة إليهم بمنتهى الدقة.

وأكدت وزارة الداخلية على مواصلة الجهود لتوفير مناخ آمن ينعم فيه المواطنون والضيوف بأجواء البطولة، وأهابت بالجميع الالتزام بتعليمات الأمن والتعاون مع رجال الشرطة لتنفيذ خطط التأمين بكل دقة وإتقان، للعمل على إظهار مصر بالصورة الحضارية المشرفة.

وقالت وزارة الداخلية إنها حرصت على استمرار الانتشار الأمني المُكثف لرجال الشرطة بكافة المنشآت الهامة والحيوية، لتأمين بطولة كأس الأمم الإفريقية، لضمان توفير المناخ الآمن للمواطنين والمنتخبات المشاركة والجماهير.

وقال رئيس مركز النيل للدراسات الأفريقية، محمد عز الدين، إن تنظيم مثل هذا الحدث الرياضي الكبير يعتبر جزءا من القوة الناعمة لمصر، أو ما يعرف بـ"الدبلوماسية الشعبية"، مشيرًا إلى أن البطولات الرياضية تعتبر فرصة مهمة للتعارف مباشرة بين الشعوب والوفود الرياضية.

وأضاف لـ"إيلاف" أنه يجب على الحكومة أن تستغلّ التواجد الشعبي الأفريقي في مصر، وأن يتم تقديم صورة جديدة عنها للشعوب الأفريقية، لاسيما أن مصر تترأس الاتحاد الأفريقي في العام 2019، إذ يجب التأكيد على أن القاهرة أفضل من يتحدث ويعبر عن مشاكل القارة.

ودعا إلى "ضرورة استقبال الفرق الأفريقية والمشجعين في مختلف المدن المصرية، ولاسيما عاصمتهم في مدينة أسوان، وقرى لنوبة، وتقديم المأكولات والأزياء المشتركة بيننا، ويجب أن يشعر المواطن الأفريقي عندما يصل مصر أنه لم يفقد أي جزء من هويته أو ثقافته".

ولفت إلى أهمية أن "تتاح الفرصة للقنوات الأفريقية لتنقل الحدث بلغاتهم، وإطلاق يد الشباب المصري المتحدث بتلك اللغات"، مشيرًا إلى أن "مركز الدراسات الأفريقية يضم الكثير من هؤلاء ممن يجيدون لغات مثل السواحلي، والهوسا والبربارة، وعندما يشاهدون المصريين يتحدثون باللغات الأفريقية سوف يحدث نوع من الحميمية في العلاقات بين تلك الشعوب والشعب المصري.

وأشار إلى أن القوة الناعمة تعتبر أقوى سلاح في المرحلة الراهنة، وتستغله الدول الكبرى قبل الدول الضعيفة للسيطرة على العالم، سواء السينما أو الثقافة أو وسائل التواصل الاجتماعي عبر الانترنت أو المعارض والمؤتمرات أو السياحة، منوهًا بأن إسرائيل تستخدم القوة الناعمة في معركتها ضد العرب، أما أميركا فتستخدمها ضد العالم كله، وكذلك الصين.

وأوضح أن مصر تمتلك الكثير من مقومات وأدوات القوة الناعمة، وتنقسم في الوقت الحالي إلى نوعين، الأول هو القوة التكنولوجية، وتستخدمها الدول الكبرى والقوية، لأنها تمتلك القدرة المادية والتكنولوجية، والنوع الآخر هو الجذور، ويعني العودة إلى منابع الثقافة والهوية، منوهًا بأن مصر تمتلك الكثير من مقومات القوة الناعمة في ما يخص أفريقيا، لاسيما أنها جزء مهم من القارة.

ونبّه إلى ضرورة إبراز الدور المصري التاريخي في أفريقيا، وأن تلعب المؤسسات الدينية سواء الأزهر أو الكنيسة دورًا أكبر في هذا المجال، لأنهما من أهم وأقوى أدوات القوة الناعمة لمصر على المستوى الأفريقي، ولهما تأثير كبير على الشعوب الأفريقية.

ودعا عز الدين إلى ضرورة تعزيز التواصل بين القبائل المصرية والأفريقية التي تمتد جذورها إلى الدول الأفريقية، ولها تأثير واضح، ومنها قبائل "بيجى" و"هوارة"، وغالبيتها تتواجد في واحة سيوة والنوبة والرشايدة والبشارية.

وأشار إلى أنه عندما أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي مدينة أسوان عاصمة للشباب الأفريقي، استند إلى هذه الروابط القوية بين أهالي أسوان والشعوب الأفريقية، سواء الثقافية أو القبلية أو الاجتماعية والتجارية.

وقال السفير الأسبق محمد سعد الدين، إن الأحداث الرياضية أو الفنية عادة ما تكون لها آثار أو تداعيات سياسية، مشيرًا إلى أن بطولة كأس العالم لكرة القدم على سبيل المثال، حدث رياضي، لكن قادة الدول والإدارات الدبلوماسية تلعب دورًا مهمًا في استضافته، لما له من تأثير اقتصادي وسياسي مهم على الدولة المستضيفة.

وأضاف لـ"إيلاف" أن استضافة مصر لبطولة الأمم الأفريقية حدث رياضي مهم، يؤكد على أن القاهرة مهتمة بالتواصل مع محيطها الأفريقي، وأنها تسعى إلى أن تكون عاصمة للقارة، ومتحدثًا ومعبرًا عن هموم وآمال شعوبها.

وأشار إلى أن مصر لديها حضور كروي قوى ولديها نجوم في الرياضة يحظون بشعبية طاغية في أفريقيا، ومنهم اللاعب محمد صلاح، مشيرًا إلى أن الكرة جزء من القوة الناعمة لمصر، مثل الثقافة والأدب والسينما، والدول الكبرى تضخ استثمارات ضخمة في هذا المجال، ومصر لديها الفرصة لتعزيز هذه القوة من خلال هذه البطولة، التي تحظى بمتابعة الملايين من مختلف أنحاء القارة.